Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: De Interpretatione (On Interpretation)

[الفصل الثانى] ولما كانت المعنى بعضها كليا وبعضها جزؤيا واعنى بقولى كليا ما من شأنه | أن يحمل على أكثر من واحد ¦ واعنى بقولى جزؤيا ما ليس ذلك من شأنه، ومثال ذلك أن قولنا انسان من المعانى ¦ الكلية وقولى زيد من الجزؤيات، فواجب ضرورة متى حكمنا بوجود او غير وجود أن يكون ذلك أحياناً لمعنى من المعانى الكلية وأحياناً لمعنى من المعانى الجزؤية متى كان الحكم كليا على كلى فان له شىءً موجوداً او غير موجود كان الحكمان متضادين ¦ واعنى بقولى حكما كليا على معنى كلى مثل قولك كل أنسان أبيض، وقولك ولا انسان واحد أبيض، ومتى كان الحكم على معنى كلى ولم يكن هو كليا لم يكن الحكمان فى انفسهما متضادين، غير أن المعنيين اللذين يستدل عليهما بهما قد يمكن أحياناً ان يكونا متضادين، واعنى بقولى الحكم غير الكلى على المعنى الكلى مثل قولك الانسان هو ¦ أبيض الانسان ليس هو أبيض، فان قولنا انسان وإن كان كلياً غير ان الحكم عليه لم يستعمل كلياً وذلك أن كل يدل على ان الحكم كلى لا المعنى متى كان كلياً، وأما فى المحمول فإن حمل الكلى كلياً ليس بحق، وذلك أنه ليس يكون إيجاباً [... ...] ومثال ذلك قولك كل انسان هو كل حيوان. فأقول الآن أن الإيجاب والسلب يكونان متقابلين على طريق التناقض متى كان يدل فى الشىء الواحد بعينه أن الكلى ليس بكلى، ومثال ذلك كل انسان أبيض ليس كل انسان أبيض، ولا انسان واحد أبيض قد يكون انسان واحد ¦ أبيض، ويكونان متقابلين على طريق التضاد متى كان فيهما الايجاب الكلى والسلب الكلى، ومثال ذلك كل انسان ابيض ولا انسان واحد أبيض، ومن قبل ذلك صارت هاتان لا يمكن أن يكونا معاً صادقتين، فأما المقابلتان لهما فقد يمكن ¦ ذلك فيهما فى المعنى الواحد بعينه، مثل قولك ليس كل انسان أبيض وقد يكون انسان واحد أبيض، فما كان من المناقضات الكلية كلياً فواجب ضرورة أن يكون احد الحكمين من كل مناقضة منها | صادقا والآخر كاذباً، وكذلك ما كان منها فى الاشخاص ومثال ذلك زيد أبيض ليس زيد أبيض، وما كان منها فى معان كلية وليس بكلى ¦ فليس ابداً يكون احد الحكمين من المناقضه صادقا والآخر كاذباً، وذلك انه قد يمكن أن نقول قولاً صادقاً معاً أن الانسان أبيض وليس الانسان أبيض وأن الانسان جميل وليس الانسان جميلاً، وذلك ان ما صار قبيحاً فليس بجميل وما كان متكوناً فليس بموجود، وقد يسبق الى الظن على ظاهر النظر أن هذا خلف من قبل انه قد ¦ يظهر أن قولنا ليس الانسان أبيض يدل معاً على هذا القول ايضاً وهو ولا انسان واحد أبيض، فليس ما يدل عليه هذا هو ما يدل عليه دال ولا هما ضرورة معاً، ومن البين أن السلب الواحد انما يكون الإيجاب واحد، وذلك أن السلب انما يجب أن يسلب ذلك الشىء بعينه الذى اوجبه ¦ الإيجاب، ومن شىء واحد بعينه من المعانى الجزؤية كان ¦ او من المعانى الكلية، وكليا كان او جزٶياً، واعنى بذلك ما انا ممثله زيد أبيض ليس زيد أبيض، فاما إن كان الشىء مختلفاً او كان واحداً بعينه إلا انه من شىء مختلف لم يكن مقابلا لكنه يكون لدال آخر غيره، والمقابل لقولنا كل انسان أبيض ¦ ليس كل انسان أبيض، ولقولنا انسان ما أبيض ولا انسان واحد أبيض، ولقولنا الانسان هو أبيض الانسان ليس هو أبيض، فقد حصل من قولنا أن الإيجاب الواحد انما يكون مقابلا على جهة المناقضة لسلب واحد، وذكرنا ما هما وأن المتضادين ¦ غيرهما، وانه ليس كل مناقضة فهى صادقة او كاذبة، ومن قبل اى شىء ومتى تكون صادقة او كاذبة،

〈الكلى والجزئى — تقابل القضايا: بالتناقض والتضاد〉

ولما كانت المعانى بعضها كليا وبعضها جزئياً، وأعنى بقولى «كليا» ما من شأنه أن يحمل على أكثر من واحد، وأعنى بقولى «جزئيا» ما ليس ذلك من شأنه: ومثال ذلك أن قولنا «إنسان» من المعانى الكلية ، وقولى «زيد» من الجزئيات — فواجب ضرورةً متى حكمنا بوجود أو غير وجود أن يكون ذلك أحيانا لمعنى من المعانى الكلية، وأحيانا لمعنى من المعانى الجزئية.

متى كان الحكم كليا على كلى بأن له شيئاً موجوداً أو غير موجود، كان الحكمان متضادين. وأعنى بقولى حكما كليا على معنى كلى مثل قولك: «كل إنسان أبيض» وقولك: «ولا إنسان واحداً أبيض». — ومتى كان الحكم على معنىً كلى ولم يكن هو كلياً لم يكن الحكمان فى أنفسهما متضادين، غير أن المعنيين اللذين يستدل عليهما بهما قد يمكن أحيانا أن يكونا متضادين. وأعنى بقولى: «الحكم غير الكلى على المعنى الكلى» مثل قولك: «الإنسان هو أبيض»، «الإنسان ليس هو أبيض». فإن قولنا «إنسان»، وإن كان كليا، غير أن الحكم عليه لم يستعمل كليا. وذلك أن: «كل» تدل على أن الحكم كلى، لا المعنى متى كان كليا. — وأما فى المحمول فإن حمل الكلى كليا ليس بحق، وذلك أنه ليس يكون إيجابا 〈حقا ذلك الذى يحمل فيه الكلى على محمول كلى〉: مثال ذلك قولك: كل إنسان هو كل حيوان.

فأقول الآن إن الإيجاب والسلب يكونان متقابلين على طريق «التناقض» متى كان يدل فى الشىء الواحد بعينه أن الكلى ليس بكلى.

ومثال ذلك:

كل إنسان أبيض. — ليس كل إنسان أبيض.

ولا إنسان واحداً أبيض. — قد يكون إنسان واحد أبيض.

ويكونان متقابلين على طريق «التضاد» متى كان فيهما الإيجاب الكلى والسلب الكلى. ومثال ذلك:

كل إنسان أبيض. — ولا إنسان واحداً أبيض.

〈كل إنسان عادل. — لا إنسان عادل〉.

ومن قبل ذلك صارت هاتان لا يمكن أن تكونا معا صادقتين. فأما المقابلتان لهما فقد يمكن ذلك فيهما فى المعنى الواحد بعينه: مثل قولك، «ليس كل إنسان أبيض» و«قد يكون إنسان واحد أبيض». — فما كان من المناقضات الكلية كلياً فواجب ضرورة أن يكون أحد الحكمين من كل مناقضة منها صادقا، والآخر كاذبا. وكذلك ما كان منها فى الأشخاص: ومثال ذلك «زيد أبيض»، «ليس زيد أبيض». — وما كان منها فى معان كلية وليس بكلى فليس أبداً يكون أحد الحكمين من المناقضة صادقاً والآخر كاذبا. وذلك أنه قد يمكن أن نقول قولا صادقا معاً إن «الإنسان أبيض» و«ليس الإنسان أبيض»، وإن «الإنسان جميل» و«ليس الإنسان جميلا». وذلك أن ما صار قبيحا فليس بجميل؛ وما كان متكوناً فليس بموجود. وقد يسبق إلى الظن على ظاهر النظر أن هذا خلف، من قبل أنه قد يظهر أن قولنا ليس الإنسان أبيض يدل معاً على هذا القول أيضا وهو: ولا إنسان واحداً أبيض. فليس ما يدل عليه هذا هو ما يدل عليه ذاك، ولا هما ضرورةً معا.

ومن البين أن السلب الواحد إنما يكون لإيجاب واحد، وذلك أن السلب إنما يجب أن يسلب ذلك الشىء بعينه الذى أوجبه الإيجاب، ومن شىء واحد بعينه: من المعانى الجزئية كان أو من المعانى الكلية، وكليا كان أو جزئيا، وأعنى بذلك ما أنا ممثله: «زيد أبيض»، «ليس زيد أبيض». فأما إن كان الشىء مختلفا أو كان واحداً بعينه إلا أنه من شىء مختلف لم يكن مقابلا، لكنه يكون لدال آخر غيره. والمقابل لقولنا: «كل إنسان أبيض»، «ليس كل إنسان أبيض»، ولقولنا : «إنسان ما أبيض» و«لا إنسان واحداً أبيض»؛ ولقولنا: «الإنسان هو أبيض»، «الإنسان ليس هو أبيض».

فقد حصل من قولنا: أن الإيجاب الواحد إنما يكون مقابلا على جهة المناقضة لسلب واحد، وذكرنا ما هما؛ وأن المتضادين غيرهما؛ وأنه ليس كل مناقضة فهى صادقة أو كاذبة، ومن قبل أى شىء، ومتى تكون صادقة أو كاذبة.