Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Hippocrates: De Natura Hominis (Nature of Man)

جميع ما ينغت مدة كثيرة من غير أن يكون به حمى ومن يرسب فى بوله مدة كثيرة من غير أن يكون به وجع ومن برازه دموى بمنزلة من به قرحة فى الأمعاء متقادمة اذا أتت عليهم خمس وثلاثون سنة أو أكثر من ذلك يعرض لهم هذه الأمراض من سبب واحد بعينه وذلك أنه يجب أن يكون هؤلاء أصحاب أعمال يحبون التعب وأصحاب فلاحة فى حداثتهم فاذا كان بعد ذلك واستراحوا من أعمالهم تزيد اللحم منهم وما زاد عليهم حينئذ يكون لحما لينا لا يشبه اللحم الذى كان قبله ويكون البدن الذى اقتنوه الآن مباينا جدا للبدن الذى كان لهم قبل ذلك فتكون حالهم غير متشابهة فاذا أصاب من كانت هذه حاله مرض من الأمراض تخلص منه بسرعه الا أن بدنه بعد مرضه يذوب على طول الزمان وينصب من العروق التى فيه الى الموضع خاصة منه الذى فيه قضاء صديد فاذا صار ذلك الصديد الى الأمعاء جعل البراز قريبا مما فى البدن ولأن طريقة من هناك منحدر الى أسفل لا يقف فى الأمعاء مدة طويلة فأما ما ينصب منه الى الصدر فيحدث جمع المدة ولأن طريقه الى فوق يجب أن تطول مدته فى الصدر فيعفن ويصير بمنزلة المدة وأما الذى ينصب منهم الى المثانة فيبيض لونه ويتغير والسبب فى ذلك حرارة الموضع وما كان منه سخيفا طفا فى أعلاها وما كان منه غليظا رسب فى أسفلها وهو الذى يسمى مدة وقد يحدث أيضا للصبيان الحجارة بسبب حرارة هذا الموضع وجميع البدن وقد ينبغى أن تعلم أن الانسان فى أول أيامه حار جدا من ذاته وفى آخر أيامه فبارد جدا وذلك أنه يجب ضرورة اذا نشأ البدن وسار نحو ما يكون قسرا أن يسخن وذلك أن البدن اذا ابتدأ يذبل عند انحطاطه وتوليته يصير أشد بردا وبحسب كثرة نشوء الانسان فى أيامه الأول تكون شدة حرارته فان كان فى آخر أيامه وجب ضرورة أن تكون شدة برده بحسب كثرة ذبولة وأكثر من كانت هذه حاله يصح من تلقاء نفسه اذا جاوز الوقت من السنة الذى منه يبتدئ بدنه يذوب أو فى خمسة وأربعين يوما فان جاوز هذا الوقت صح بدنه من تلقاء نفسه فى سنة الا أن يخطئ الانسان على نفسه