Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Hippocrates: De Natura Hominis (Nature of Man)

المقالة الثانية من كتاب طبيعة الانسان لبقـــــراط

قال: وقد ينبغى أن نعلم مع سائر ما قلته هذه الأشياء أيضا وهى أن الأمراض التى تتولد عن الشبع يكون شفاؤها بالاستفراغ والأمراض الحادثة عن الاستفراغ يكون شفاؤها بالشبع والأمراض العارضة عن التعب يكون شفاؤها بالراحة والأمراض المتولدة عن الافراط فى الراحة يكون شفاؤها بالتعب وبالجملة فينبغى للطبيب أن يكون عالما بمقاومة الأشياء الحاضرة من الأمراض والأنواع وأوقات السنة والأسنان وما كان متمددا أرخاه وما كان مسترخيا مدده وشدده فان سكون العضو العليل يكون خاصة على هذه الصفة والطب عندى انما هو هذا وأما الأمراض فمنها ما يحدث عن التدبير ومنها ما يحدث عن الهواء الذى باستنشاقه نحيا وينبغى أن تتعرف كل واحد من هذين الجنسين من الأمراض مما أصف وهو أنه متى اعترض مرض واحد عدة كثيرة فى وقت واحد فينبغى أن توجب السبب فى ذلك لأعم الأشياء وأولاها بأن يكون جميع الناس يستعمله وذلك هو الهواء الذى نستنشقه فانه من البين أن تدبير كل واحد من الناس ليس هو السبب فى المرض اذا كان قد اشتمل على الكل شابهم وشيخهم واناثهم وذكوهم وشارب الخمر منهم وشارب الماء والمغتذى بسويق الشعير والمغتذى بالخبز ومن تعبه يسير ومن تعبه كثير فليس اذا التدبير هو السبب فى المرض اذا كان تدبير الناس مختلفا متصرفا على جميع انحائه ثم كان المرض الذى يحدث واحدا بعينه وأما متى كانت الأمراض التى تحدث فى وقت واحد مختلفة فبين أن التدبير الذى يستعمل كل واحد من أولئك الذين يمرضون هو السبب فى مرضه والعلاج انما ينبغى أن يكون بمقابلة السبب الفاعل للمرض كما بينت فى كتاب آخر وتغيير التدبير أيضا وذلك أنه من البين أن التدبير الذى قد جرت عادة الانسان باستعماله لا يوافقه اذا مرض بل هو يحتاج الى تغييره كلها أو أكثره أو واحد من الأشياء التى فيه وينبغى أن يكون تغييرك هذه الأشياء بعد ان تتفقدها نعما وتبحث عن سن العليل وعن طبيعة وعن الوقت الحاضر من أوقات السنة وعن حال المرض ثم تقصد لعلاجه بأن تحذف بعض ما كان يتدبر به وتزيد فيه شيئا آخر كما قلت فيما تقدم ان استعمال الأدوية والتدبير ينبغى أن يكون بحسب كل واحد من الأسنان وكل واحد من أوقات السنة وكل واحد من الطبائع وكل واحد من الأمراض ومتى وفد على الناس مرض واحد وبين أن السبب فى حدوثه ليس هو التدبير لكن الهواء الذى نستنشقه اذا كان ممرضا فينبغى أن توصى الناس فى ذلك الوقت بهذة الوصايا وهى ألا يغيروا تدبيرهم اذا كان السبب الفاعل للمرض ليس هو التدبير وتتفقد البدن ألا يقضف جدا ويضعف ضعفا شديدا وانقص من الأطعمة والأشربة التى جرت العادة باستعمالها قليلا قليلا وذلك أنك متى نقلت التدبير الى الضد بغتة لم تأمن أن يحدث على البدن بسبب ذلك الانتقال أمر جديد لكنه ينبغى أن يكون تدبيرك لهم التدبير الذى لا يدخل على البدن منه ضرر وأذى وأما الهواء فاقصد أن يكون ما يداخل البدن منه أقل ما يكون وأشده مضادة للهواء الحاضر بأن تغير المواضع التى حدث فيها على العليل المرض بقدر الطاقة وتهزل البدن فان الناس اذا فعل بهم ذلك قل ما يحتاجون الى استنشاق من الهواء جدا