Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Hippocrates: De Natura Pueri (Nature of the Child)

ثمّ يركّب الجنين ويتمّ الذكر إلى اثنين وثلاثين يوماً والأنثى إلى اثنين وأربعين يوماً وربّما كان زيادة على هذه الأيّام قليلاً وربّما نقص قليلاً.

إنّ الجنين يتمّ فيتصوّر إن كان ذكراً في اثنين وثلاثين يوماً وإن كانت أنثى في اثنين وأربعين يوماً.

إنّا قد نرى ذلك من قبل طهر المرأة أنّها إذا ولدت جارية فإنّه تطهر إلى اثنين وأربعين يوماً وهو أكثر ما تحتبس المرأة إلى طهرها إذا ولدت جارية وإن كان أمر شديد فهي تطهر في خمسة وعشرين يوماً فأمّا إذا ولدت ذكراً فإنّها تطهر في ثلاثين يوماً إذا احتبست كثيراً فإن كان أمر شديد فهي تطهر في خمسة وعشرين يوماً.

إنّ الطمث ينزل من حيث نزل الجنين وكما أنّ الذكر يتصوّر في اثنين وثلاثين يوماً فكذلك تكون أيّام الطهر من بعد ولادته اثنين وثلاثين يوماً وكذلك الأنثى أيضاً إنّما تطهر والدتها إلى اثنين وأربعين يوماً على عدد أيّام تركيبها.

أمّا الفتيات فإذا طمثن فإنّهنّ يطهرن من طمثهنّ سريعاً وذوات الأسنان تطول أيّام طمثهنّ.

إنّ المرأة إذا ولدت بكرها تتوجّع وجعاً شديداً لأنّه أوّل ما ولدت والنساء اللواتي لا يلدن سريعاً أيضاً يتوجّعن إذا ولدن وجعاً شديداً أكثر ممّا تتوجّع اللواتي يلدن كثيراً وذلك لقلّة ما يلدن.

وإنّما تطمث النساء أيّاماً كثيرة من بعد ما يلدن لأنّهنّ إذا حبلن لا يحتاج الجنين أوّل ما يحبل به إلى غذاء كثير حتّى يتمّ فإذا تمّ له اثنان وأربعون يوماً اغتذى كما ينبغي وما اجتمع في الأيّام الأربعين من الدم الذي ينزل إلى الجنين مكث إلى ولاد الجنين فىذا ولد الجنين نزل أربعين يوماً.

ونقول أيضاً إنّ المرأة التي لا تطمث أربعين يوماً إذا ولدت أنثى واثنين وثلاثين يوماً إذا ولدت ذكراً ليست بصحيحة الجسد والتي تطهر في خمسة وعشرين يوماً من بعد ما تلد أنثى أو في عشرين يوماً إذا ولدت ذكراً فهي مريضة الجسد.

إنّما يبتدئ الطلق ووجع الولاد على ما أنا واصف وذلك أنّه يتعكّر دم المرأة ويسخن من حركة الجنين فإذا تعكّر فلا محالة أن ينزل منه إذا خرج الجنين شبه القيح الدميّ ويجري على الأرض مثل الماء على الطبق ويخرج من بعد ذلك من الطمث كلّ يوم قدر قوطل وهو أوقية وربّما كان مثل نصف قوطل أو أقلّ قليلاً أو أكثر والقوطول هو سبعة أواق وهذا قدر حسن حتّى يغنى كلّ شيء في المرأة من الفضول.

وإذا كانت المرأة صحيحة نزل مثل ما ينزل الغبار من الصوف فإذا نقص الطمث قبح لونه ولا ينقطع بمرّة.

وإن مرضت المرأة وهي حبلى ولم تستنقي أشرفت على الموت وذلك أن لم تستنق ولم تطمث في أوّل ما تحبل وكانت صحيحة وإن لم تستنق من ساعتها بالأدوية أو من قبل نفسها كما ينبغي فإنّها تتوجّع وجعاً شديداً وتهلك وذلك أنّ لم يحرص على أن تشتفي سريعاً وأيضاً لأنّه إذا منع طمث المرأة يجب علينا أن نداويها حتّى ينزل.

إنّه إذا امتنع طمثهنّ إذا ولدن مرضن أو هلكن إن لم يسرع المتطبّب أن يعالجهنّ نعماً كما ينبغي.

إنّه قد ينبغي أن تستنقي المرأة من هذه الفضول في بدء حبلها إن كانت صحيحة وإن لم تستنق في أوّل حبلها فلتعالج من ساعتها حتّى تطمث في اليوم الذي ينبغي فإن لم تطمث كما ينبغي فإنّها يصيبها ما وصفنا آنفاً.

إن كان الدم يغلظ من قبل المواضع التي يجري فيها فيستنقي وتخرج كدورته أو إن كانت تطمث المرأة من قبل فضول غذاء الجنين أو من الفضول التي توزع في مواضع الرحم المفتوحة فلا يتجوّف على المرأة لأنّ ذلك ممّا ينبغي لأنّه إذا استنقى الجسد ازداد لحماً وقوّة وإن لم تستنق تتوجّع الرحم ويتوجّع معها جميع الجسد لأنّ ما كان ينبغي أن ينزل إلى أسفل يرتفع إلى فوق.

إنّه ينبغي للطبيب أن يسرع بحرص شديد إلى علاج المرأة إذا كانت فيها هذه الفضول فإن كانت في الفضول قوّة حادّة مفسدة فإنّ المرأة تتوجّع سريعاً وموتها سريع فإن حرص المتطبّب على علاج المرأة فأعياه أمرها فربّما أفلتت لأنّهنّ ليس كلّهنّ يهلكن واللواتي يستنقين فوق القدر ويخرج منهنّ ما لا ينبغي يخرج معه من الروح أيضاً ويهلكن.

وإنّما تكلّمنا بهذا الكلام وأدخلنا هذه الأشياء هاهنا لنحرّر ونبيّن كون مفاصل الأعضاء التي تكون في الأنثى من الأجنّة في اثنين وأربعين يوماً وفي الذكر من بعد اثنين وثلاثين يوماً لأنّه مزمن على قدر تنقية الطمث.

وأنا متهيّئ الآن لأتمّ الخصلتين كلتيهما وأوضحهما فأقول إنّه إنّما يقصّ لأنّه إذا كان المنى في الرحم إنّما ينزل الدم من المرأة إلى رحمها قليلاً قليلاً وإنّما تتمّ خلقة الأنثى في اثنين وأربعين يوماً وإنّما تخلق المفاصل والأعضاء في هذه الأيّام.

يكثر الدم الذي ينزل إلى الرحم من بعد اثنين وأربعين يوماً لأنّ الجنين يحتاج إلى غذاء كثير وكذلك الذكر أيضاً إنّما يتمّ في اثنين وثلاثين يوماً.

إنّ لنا حديثاً وأمراً آخر يحقّق قولنا هذا وذلك أنّه في أوّل ما يقع المنى في الرحم إنّما يجري من المرأة إلى الرحم من أوّل الأيّام دم قليل لأنّه إن كثر أو جرى بغتة سريعاً لم يدع المنى أن يتنفّس ولكنّه يختنق من كثرة الدم فهو يحبس ويجري منه قليلاً قليلاً ويحتبس بعضه إلى حين الولاد فإذا خرج الجنين كان خلاف ذلك فينزل الدم الذي احتبس في تلك الأيّام كثيراً ثمّ إنّه ينقص قليلاً قليلاً حتّى يفنى.

إنّا قد رأينا كثيراً من الناس قد فسدت الأجنّة فيهنّ ثمّ خرجت من بعد ثلاثين يوماً من غير أن تكون فيها مفاصل متبيّنة.

إنّه إذا سقط الجنين من بعد ثلاثين يوماً رؤيت جميع مفاصله مركّبة.

إنّما يدرك هذه من النظر إلى السقط لأنّ السقط إذا سقط ليس يسقط بحيلنا نحن بل إنّما يسقط من قبل نفسه فأمّا سبب الأنثى فإنّه أخيراً وسبب الذكر أوّلاً وذلك لضعف الأنثى ورطوبتها لأنّها أضعف وأرطب من الذكر وضعفها ورطوبتها سبب بطاء تركيب مفاصلها وسبب نزول الدم الكثير بعد الولاد.

فأمّا الآن فقد ينبغي لنا أن نرجع إلى ما كنّا فيه