Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Hippocrates: De Natura Pueri (Nature of the Child)

أمّا اللحم فإنّه يربو ويزداد مع الروح ويخلق فيه مفاصل ويكون كلّ شيء في الجنين شبيهاً بما يخرج منه فما خرج من الأعضاء المنقبضة يكون منقبضاً وما خرج من الواسعة يكون واسعاً وما خرج من الرطبة يكون رطباً وتقرب الأعضاء كلّها إلى موضعها ويلحق كلّ شيء منها بجنسه ومكانه ويكون مثل الذي خرج منه.

إنّ العظام تصلب من الحرارة لأنّ الحرارة تصلب العظام ويربط بعضها ببعض مثل الشجر التي يربط بعضها ببعض ويكون لها مفاصل بالحركات.

إنّ العصب جعل داخلاً وخارجاً وجعل الرأس بين العاتقين والعضدين والساعدين في الجانبين وفرج ما بين الرجلين أيضاً وجعل في كلّ مفصل من المفاصل عصب يوثقه ويشدّه نعماً وجعل الفم لينفتح من قبل نفسه وركّب الأنف والأذنان من اللحم وثقباً ثمّ تتثقّب العينان بعد هذه وتمتلئان رطوبة صافية ويعرف موضع الذكر ثمّ تتّسع الأمعاء بعد ويصير لها تجويف وترتبط بالمفاصل ويرتفع النفس إلى الفم والأنف ويدخل الاستنشاء في الفم والأنف وينفخ البطن والأمعاء ويخرج النفس إلى فوق ويخرج من الفم بدل السرّة.

فإذا تمّت هذه الخصال حضر الولاد.

وتنزل فضول ما يغتذي من معدته وأمعائه إلى المثانة ويكون أيضاً له طريق من المعدة والأمعاء إلى المثانة ومن المثانة إلى خارج.

وإنّما تنتفخ هذه كلّها ويتّسع تجويفها بالاستنشاء وبه ينفصل بعضها من بعض على قدر أشكالها.

إنّه إذا اتّسع البطن واستبان تجويف الأمعاء صار فيها طريق إلى المثانة والذكر اضطراراً.

إنّك إن ربطت أنبوبة قصب بمثانة وجعلت في الأنبوبة تراباً وسهلة وبرادة أسرب وقشور أسرب صغار ثمّ صببت عليها ماء ونفخت في الأنبوبة رأيت كيف تدخل هذه الأنواع كلّها في المثانة فتختلط أوّلاً بالماء الذي في المثانة فإذا شددت النفخ طويلاً رأيت كيف يجتمع الأسرب إلى الأسرب والسهلة إلى السهلة والتراب إلى التراب وإذا كففت النفخ فحللت المثانة ونظرت فيها وجدت كلّ شيء منها قد اجتمع إلى ما يشبهه أعني الابار إلى الابار والتراب إلى التراب والسهلة إلى السهلة.

كذلك المنى أيضاً إذا تركّب يجتمع كلّ شيء منه إلى صاحبه العظام إلى العظام والعصب إلى العصب وكذلك جميع الأعضاء