Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Hippocrates: De Natura Pueri (Nature of the Child)

فأقول إنّ أوّل ما تطلع أطراف الجنين أعني الشعر والأظفار تتّخذ أصولاً فيتحرّك الذكر من الأجنّة في ثلاثة أشهر والأنثى في أربعة أشهر لأنّ الأنثى تبطئ في جميع أمورها في الرحم وفي غير الرحم.

وربّما تحرّك الذكر قبل الوقت الذي قلت وذلك أنّه أقوى من الأنثى ولذلك يسبق فيصلب ويقوى لأنّ الذكر إنّما يكون من الصلابة والقوّة فلذلك يكون أصلب من الأنثى.

إذا تحرّك الجنين ظهرت علامة اللبن في أمّه واتّسع ثدياها وارتفعا وتحرّكت حلمتاها ثمّ يصير لها لبن والمرأة التي جسدها منقبض ولحمها مكثّر لا يتحرّك لبنها للخروج إلّا أخيراً وأمّا النساء اللواتي أجسادهنّ رخوة واسعة فتتحرّك ألبانهنّ للخروج أوّل ما يتحرّك الجنين.

إنّه إذا تحرّكت الرحم من حركة الجنين أحسّت به والدته وكثرت الرطوبة التي معه وانحدرت موضعاً واسعاً ونزاحمت كلّها في المواضع التي حوله وضغطت وعصرت حوالي البطن كلّه وجميع ما فيه وما كان سميناً دسماً جرى إلى موضع واسع أعني إلى الثديين فبهذه الحركة يكون اللبن وكما أنّه إذا عصر جلد مدهون يخرج منه دهن كذلك إذا عصر البطن أيضاً يخرج دسم الغذاء إلى خارج وبهذا نبيّن ونقول إن جرى اللبن سريعاً أحسّت المرأة بالجنين والثدي الواسع يقبل ما يأتيه سريعاً وإن كان الثدي مكثّراً فإنّه يدسم من الغذاء كثيراً على السبب الذي قلنا.

وكذلك الدسم الذي يسخن ويبيضّ وإنّما يحلو ويبيضّ من حرارة الأمّ فيجري إلى الثديين فأمّا الرحم فإنّما يجري إليها قليل من ذلك الغذاء الدسم في العروق الممدودة عليها وإذا نزل إلى الرحم دفعه الجنين عنه قليلاً فأمّا الثديان فإنّهما يقبلان ما يجيئهما من اللبن ويمتلئان سريعاً وإذا ولدت المرأة ينزل اللبن إلى ثدييها في أوّل الحركة ليرضع منهما الصبيّ وكلّما رضع منهما امتدّت العروق وجرى إليهما لبن كثير.

إنّ الرجل إذا جامع كثيراً توسّت عروقه من كثرة جماعه.