Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Optima Corporis Nostri Constitutione (The Best Constitution of our Bodies)

بسم اللّه الرحمن الرحيم

مقالة جالينوس في أفضل الهيئات ترجمة حنين بن إسحق

قال جالينوس: قد ظنّ كثير من الأطبّاء والفلاسفة القدماء أنّ أعدل أمزجة البدن أفضل هيئاته. وليس الأمر علی ما ظنّوا لكنّه يجب أن يكون أفضل هيئات البدن أعدل أمزجته وليس أن يكون أعدل أمزجته أفضل هيئاته لا محالة لأنّ المزاج المعتدل من الحارّ والبارد والرطب واليابس إنّما هو صحّة لأعضاء البدن المتشابهة الأجزاء وأمّا تركيب البدن من هذه الأعضاء فإنّما يتمّ من وضعها في مواضعها وتقدير عظمها وعددها وخلقتها. وقد يمكن أن يكون بدن جميع أعضائه التي منها تركيبه معتدل المزاج وفيه آفة في قدر عظمها أو في عددها أو في خلقتها أو في تأليف بعضها إلی بعض.

وأنا ملتمس الإخبار عن جميع هذه المعاني علی الولاء وأبتدئ من الأسماء التي تضطرّني الأمر إلی استعمالها في هذا القول لأنّه قد كثر المراء فيها. فبعض الناس سمّى هذا المعنی الذي قصدت لتبيينه «أفضل هيئات البدن» وبعض سمّاه «أفضل حالاته» وبعض «أفضل بنيته» وبعض «أفضل طبائعه» علی نحو ما رأی كلّ واحد منهم. وأمّا أنا فإنّي لا ألوم من شاء أن يسمّيها كيف شاء ولا أمدح من لام من سمّاها بخلاف ما سمّاها لأنّ أعظم همّنا وأكثره إنّما ينبغي أن نصرفه في المعاني التي نتكلّم فيها لا في أسمائها. فمن شاء أن يسمّي هذا المعنی «أفضل هيئات البدن» وإن شاء «أفضل حالاته» وإن شاء «أفضل بنيته» وإن شاء «أفضل طبائعه» بعد أن يبتدئ من معنی قد اتّفق الناس عليه ويسلك مسلك وجود جوهره ويكون بحثه علی ترتيب ما وفي طريق البحث فهو عندي أحمد وآثر ممّن رأيته خبيراً بأمر الأسماء حاذقاً بها.

فلنقصد نحن أيضاً قصد هذا الطريق ونبتدئ من المعنی المتّفق عليه فنحدّه ثمّ نسلك في طريق البحث إلی ما ينتظمه.