Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Pulsibus ad Tirones (On the Pulse for Beginners)

وينبغى الآن أن نذكر التغايير الآخر التى تكون من الأسباب التى ليست بطبيعية ،فأقول:

إن الرياضة فى ابتدائها، وما دامت لم تجاوز المقدار المعتدل، تصير النبض قويا عظيما، سريعا، متواترا. فإن كثرت، وجاوزت مقدار قوة صاحب التعب، صار النبض سريعا، صغيرا، ضعيفا، فى غاية التواتر. فإذا جاوزت الرياضة المقدار المعتدل كثيرا حتى تفرط، ويصير صاحبها إلى أن لا يقدر على الحركة إلا بكد، وبعد استراحة طويلة المدة، أو إلى أن لا يقدر على الحركة وإن استراح، لكن يسترخى، ويخور جدا، صار النبض صغيرا جدا، ضعيفا، بطيئا، متفاوتا. فإن صار صاحب الرياضة إلى الانحلال من القوة، فإن نبضه يصير إلى حال نبض من قد انحلت قوته.

وسنصف بعد قليل كيف يكون النبض إذا انحلت القوة.

وأما الاستحمام فما كان منه بالماء الحار، فإنه يجعل النبض عظيما، سريعا، متواترا. ويزيد فى قوته ما دام الاستحمام بمقدار معتدل.

فإن جاوز المقدار المعتدل، فإنه يجعل النبض صغيرا، ضعيفا، إلا أنه يكون عند ذلك أيضا سريعا، متواترا.

فإن لم يمسك عن الاستحمام بعد أن يعرض ذلك، صار النبض صغيرا، ضعيفا، بطيئا، متفاوتا.

وما كان منه بالماء البارد فإنه فى الابتداء يصير النبض صغيرا، بطيئا، متفاوتا، ويجعله أضعف.

ثم أنه بأخرة يجعل النبض على حسب ما يعرض منه. وذلك أنه لا بد من أن يفعل أحد أمرين:

إما أن يخمد قوة البدن، وإما أن يقويها.

فإن أخمد قوة البدن، وبرده، جعل النبض صغيرا، ضعيفا، بطيئا. متفاوتا.

وإن أسخنه، وقواه، جعل النبض عظيما، قويا.

وأما فى السرعة، والتواتر فيجعله معتدلا.

وأما الطعام، فإذا كان كثيرا حتى يثقل على القوة ، فإنه يجعل النبض مختلفا، غير منتظم.

وأما ارخيجانس فقال إنه يكون فيه من السرعة أكثر مما يكون فيه من التواتر.

وإذا كان الطعم بالمقدار المعتدل جعل النبض قويا، عظيما، سريعا، متواترا.

وإذا كان الطعام أقل من المقدار المعتدل الذى يغدو غذاء كافيا فإن تغييره للنبض يكون من جنس تغييره له إذا كان معتدلا. إلا أنه يكون أقل، ويلبث زمانا أقل.

وأما تغيير النبيذ للنبض فشبيه بتغيير الطعام. والفرق بينه وبينه أن تغييره للنبض يكون أسرع. وأن التغيير الذى يكون من النبيذ ينقضى قبل انقضاء التغيير الذى يكون من الطعام، وأنه يزيد فى سرعة النبض، وعظمه أكثر مما يزد فى قوته ، وتواتره. فإنك إذا نظرت، وجدت الأمر فيها قريبا مما أصف: وهو أن تحسب ما يزيد الطعام المعتدل فى القوة، وتجعل زيادته فيها أطول ليثا، بقدر ذلك يزيد النبيذ فى عظم النبض.

فأما الماء فالتغير الحادث منه فى النبض أقل من التغيير من جميع ما يتناول. إلا أن التغير الحادث منه شبيه بالتغير الحادث من الطعام.

وأما سائر ما يتناول فبحسب ما يغدو، أو يسخن، أو يبرد، أو يغير البدن بنحو من الاتجاه يكون تغييره لحركة العروق.

فهكذا يتغير النبض من الأسباب التى ليست بطبيعية.