Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Pulsibus ad Tirones (On the Pulse for Beginners)

وقد ينبغى الآن أن نصف التناييرالتى من الأسباب الخارجة من الطبيعة. وتذكر أولا ما ذكرناه قبل من الأسباب الخارجة عن الطبيعة بسبب اشتراك الكلام.

فإن تغايير الهواء المفرطة، الممرضة، وكثرة الطعام حتى يثقل على القوة، وإفراط الرياضة والاستحمام والنوم من الأسباب الخارجة من الطبيعة، لأن نزيد قدر الأسباب التى ليست بطبيعة يخرجها إلى أن تصير خارجة عن الطبيعة.

فأما الأسباب التى ليست فى مقدارها فقط خارجة عن الطبيعة، لكن فى جنسها أيضا، فإن عددها لا يحصى، وكذلك لا يمكن أن تحصر.

إلا أن الطريق الصناعى يكون فى هذا أيضا على حسب ما يمكن أن تحصر هذه الأسباب، وإن كانت لا نهاية لها. ونقدرها بأجناس وأنواع محدودة.

ولا يبعد من قال: إن كل سبب خارج عن الطبيعة، فلا يخلو من أن يكون يحل القوة الحيوانية ويفشها، أو يكون يضغطها، ويثقلها.

وانحلال القوة يكون من عدم الغذاء، ومن حيث الأمراض ، ومن قوة الآلام النفسانية، ومن شدة الوجع أو من طوله، ومن الاستفراغ المفرط.

وأما الأسباب التى نضغطها، وتثقلها فهى: كثرة المادة، وأمراض ما تعرض من الآلات، مثل الأورام الحارة الصلبة وسائر الأورام والخراجات، وغير ذلك من أصناف الفساد المختلفة.

فمتى انحلت القوة صار النبض صغيرا، ضعيفا، متواترا. ومتى ضغطها شىء، وأثقلها صار النبض مختلفا، غير منتظم. ويحدث عند ذلك فيه جميع أصناف الاختلاف الذى يكون فى القوة والذى يكون فى العظم. فإن هذين الصنفين من الاختلاف أخص أصناف الاختلاف فى الحال التى تضغط القوة، وتثقلها.

وإذا كان ذلك الشىء الذى يضغط القوة، ويثقلها قد بلغ فى ذلك مبلغا عظيما، كان الاختلاف فى أصناف النبض أكثر.

وإذا كان لم يبلغ فى ذلك إلا مبلغا يسيرا، كان الاختلاف فى أصناف النبض أقل.

وإذا كانت الآفة يسيرة، كانت عدد النبضات العظيمة أكثر من عدد النبضات الصغار، وعدد القوية أكثر من عدد الضعيفة، وعدد المتواترة أكثر من عدد البطيئة.

إذا كانت الآفة عظيمة، كان الأمر بخلاف ذلك. وعند مثل هذه الآفات قد تبطل حركات بأسرها، وتحدث حركات فى غير أوقاتها. إلا أن الحركات التى تحدث فى غير أوقاتها تدل على أن الآفة أقل ، والحركات التى تبطل تدل على أن الآفة أكثر، وأشد.

فهذه هى التغايير العامية التى تكون فى كل ما يحل القوة، ومن كل ما يضغطها، ويثقلها. وفى كل واحد منها شىء خاص من قبل السبب الفاعل له.

وإذا كان انحلال القوة من قبل عدم الغذاء، فإن تغير النبض فى الابتداء يكون إلى الضعف، والصغر، والسرعة، والتواتر. ثم إذا صارت القوة إلى حال وسطى من الانحلال ، فإن النبض يتغير إلى الضعف، والصغر، والإبطاء، والتفاوت. ثم بأخرة إذا استكمل انحلال القوة صار النبض إلى غاية الصغر، والضعف، والتواتر، ويخيل تخييلا باطلا أنه سريع. وهذا النبض الذى يسمى النملى.

فأما النبض الدودى فيكون أيضا عند انحلال القوة ، إلا أنه ليس يكون وقد انحلت الانحلال التام، لكنه يكون وقد بقيت منها بقية.

والفرق بينه وبين النملى فى أنه لم يصر إلى غاية الضعف، والصغر بمنزلة النملى، وفى أن الاختلاف الكائن فى ضربة واحدة بين فيه، وهو الاختلاف الذى يكون إذا لم تكن أجزاء العرق كلها تبتدئ بالحركة معا، لكن يسبق بعضها، ويتأخر بعضها. ولذلك هو أقل من النملى قصرا، وصغرا، وربما لم يكن قصيرا. ومن قبل ذلك هو أقر رداءة.

وذلك الغشى الذى يكون من الحميات الحاة المهلكة لا يجعل النبض دوديا بتة.

وأما سائر انحلال القوة فيتبعه فى أكثر الأمر أولا النبض الدودى. ثم بأخرة يتبعه النملى.

وأكثر ما يلحق النبض الدودى انحلال القوة إذا كان من غير حمى، أو كانت معه حمى يسيرة.

ولذلك يتبع الغشى الذى يكون من علة القلب النبض النملى، ويتبع الهيضة، والاختلاف الذريع، والرعاف، والنزف، وكل علة تستفرغ البدن استفراغا سريعا على الأكثر أولاً النبض الدودى. ثم يصير بآخرة إلى النبض النملى.

وإذا كانت هذه العلل من غير حمى، كان النبض الدودى أحرى أن يتبين، ويلبث زمانا طويلا.

فهذه هى التغايير العامية العارضة من الأسباب الخارجة من الطبيعة.