Aristotle: De Sophisticis Elenchis (On Sophistical Refutations)
ΠΕΡΙ ΣΟΦΙΣΤΙΚΩΝ ΕΛΕΓΧΩΝ.
ΠΕΡΙ δὲ τῶν σοφιστικῶν ἐλέγχων καὶ τῶν φαινομένων μὲν ἐλέγχων ὄντων δὲ παραλογισμῶν ἀλλ᾿ οὐκ ἐλέγχων λέγωμεν, ἀρξάμενοι κατὰ φύσιν ἀπὸ τῶν πρώτων.
Ὅτι μὲν οὖν οἱ μὲν εἰσὶ συλλογισμοί, οἱ δ᾿ οὐκ ὄντες δοκοῦσι, φανερόν. Ὥσπερ γὰρ καὶ ἐπὶ τῶν ἄλλων τοῦτο γίνεται διά τινος ὁμοιότητος, καὶ ἐπὶ τῶν λόγων ὡσαύτως ἔχει. Καὶ γὰρ τὴν ἕξιν οἱ μὲν ἔχουσιν εὖ, οἱ δὲ φαίνονται, φυλετικῶς φυσήσαντες καὶ ἐπισκευάσαντες αὑτούς, καὶ καλοὶ οἱ μὲν διὰ κάλλος, οἱ δὲ φαίνονται, κομμώσαντες αὑτούς. Ἐπί τε τῶν ἀψύχων ὡσαύτως· καὶ γὰρ τούτων τὰ μὲν ἄργυρος τὰ δὲ χρυσός ἐστιν ἀληθῶς, τὰ δ᾿ ἔστι μὲν οὔ, φαίνεται δὲ κατὰ τὴν αἴσθησιν, οἷον τὰ μὲν λιθαργύρινα καὶ τὰ καττιτέρινα ἀργυρᾶ, τὰ δὲ χολοβάφινα χρυσᾶ. Τὸν αὐτὸν δὲ τρόπον καὶ συλλογισμὸς καὶ ἔλεγχος ὁ μὲν ἔστιν, ὁ δ᾿ οὐκ ἔστι μέν, φαίνεται δὲ διὰ τὴν ἀπειρίαν· οἱ γὰρ ἄπειροι ὥσπερ ἂν ἀπέχοντες πόρρωθεν θεωροῦσιν. Ὁ μὲν γὰρ συλλογισμὸς ἐκ τινῶν ἐστὶ τεθέντων ὥστε λέγειν ἕτερόν τι ἐξ ἀνάγκης τῶν κειμένων διὰ τῶν κειμένων, ἔλεγχος δὲ συλλογισμὸς μετ᾿ ἀντιφάσεως τοῦ συμπεράσματος. Οἱ δὲ τοῦτο ποιοῦσι μὲν οὔ, δοκοῦσι δὲ διὰ πολλὰς αἰτίας, ὧν εἷς τόπος εὐφυέστατός ἐστι καὶ δημοσιώτατος ὁ διὰ τῶν ὀνομάτων. Ἐπεὶ γὰρ οὐκ ἔστιν αὐτὰ τὰ πράγματα διαλέγεσθαι φέροντας, ἀλλὰ τοῖς ὀνόμασιν ἀντὶ τῶν πραγμάτων χρώμεθα συμβόλοις, τὸ συμβαῖνον ἐπὶ τῶν ὀνομάτων καὶ ἐπὶ τῶν πραγμάτων ἡγούμεθα συμβαίνειν, καθάπερ ἐπὶ τῶν ψήφων τοῖς λογιζομένοις. Τὸ δ᾿ οὐκ ἔστιν ὅμοιον. Τὰ μὲν γὰρ ὀνόματα πεπέρανται καὶ τὸ τῶν λόγων πλῆθος, τὰ δὲ πράγματα τὸν ἀριθμὸν ἄπειρά ἐστιν. Ἀναγκαῖον οὖν πλείω τὸν αὐτὸν λόγον καὶ τοὔνομα τὸ ἓν σημαίνειν. Ὥσπερ οὖν κἀκεῖ οἱ μὴ δεινοὶ τὰς ψήφους φέρειν ὑπὸ τῶν ἐπιστημόνων παρακρούονται, τὸν αὐτὸν τρόπον καὶ ἐπὶ τῶν λόγων οἱ τῶν ὀνομάτων τῆς δυνάμεως ἄπειροι παραλογίζονται καὶ αὐτοὶ διαλεγόμενοι καὶ ἄλλων ἀκούοντες. Διὰ μὲν οὖν ταύτην τὴν αἰτίαν καὶ τὰς λεχθησομένας ἔστι καὶ συλλογισμὸς καὶ ἔλεγχος φαινόμενος μὲν οὐκ ὢν δέ. Ἐπεὶ δ᾿ ἐστί τισι μᾶλλον πρὸ ἔργου τὸ δοκεῖν εἶναι σοφοῖς ἢ τὸ εἶναι καὶ μὴ δοκεῖν (ἔστι γὰρ ἡ σοφιστικὴ φαινομένη σοφία οὖσα δ᾿ οὔ, καὶ ὁ σοφιστὴς χρηματιστὴς ἀπὸ φαινομένης σοφίας ἀλλ᾿ οὐκ οὔσης), δῆλον ὅτι ἀναγκαῖον τούτοις καὶ τὸ τοῦ σοφοῦ ἔργον δοκεῖν ποιεῖν μᾶλλον ἢ ποιεῖν καὶ μὴ δοκεῖν. Ἔστι δ᾿ ὡς ἓν πρὸς ἓν εἰπεῖν ἔργον περὶ ἕκαστον τοῦ εἰδότος ἀψευδεῖν μὲν αὐτὸν περὶ ὧν οἶδε, τὸν δὲ ψευδόμενον ἐμφανίζειν δύνασθαι· Ταῦτα δ᾿ ἐστὶ τὸ μὲν ἐν τῷ δύνασθαι δοῦναι λόγον, τὸ δ᾿ ἐν τῷ λαβεῖν. Ἀνάγκη οὖν τοὺς βουλομένους σοφιστεύειν τὸ τῶν εἰρημένων λόγων γένος ζητεῖν· πρὸ ἔργου γάρ ἐστιν· ἡ γὰρ τοιαύτη δύναμις ποιήσει φαίνεσθαι σοφόν, οὗ τυγχάνουσι τὴν προαίρεσιν ἔχοντες.
Ὅτι μὲν οὖν ἔστι τι τοιοῦτον λόγων γένος, καὶ ὅτι τοιαύτης ἐφίενται δυνάμεως οὓς καλοῦμεν σοφιστάς, δῆλον. Πόσα δ᾿ ἐστὶν εἴδη τῶν λόγων τῶν σοφιστικῶν, καὶ ἐκ πόσων τὸν ἀριθμὸν ἡ δύναμις αὕτη συνέστηκε, καὶ πόσα μέρη τυγχάνει τῆς πραγματείας ὄντα, καὶ περὶ τῶν ἄλλων τῶν συντελούντων εἰς τὴν τέχνην ταύτην ἤδη λέγωμεν.
بسم الله الرحمن الرحيم
«سوفسطيقا» بنقل الفاضل أبى زكريا يحيى بن عدى — أعلى الله منزلته — ، وبنقل أبى على عيسى بن اسحق بن زرعة، وبنقل قديم منسوب إلى الناعمى، مثبت فى كل صفح ما نقله كل واحد، وغيره، عن المعانى الثابتة فى ذلك الصفح
نقل أبى زكريا يحيى بن عدى من السريانى بنقل أثانس من اليونانى:
كتاب تبكيت السوفسطائيين لأرسطوطالس
〈القياس والمغالطة〉
فأما فى التبكيتات السوفطائى، وهذه التى بزى تبكيتات، وهى تضليلات لا تبكيتات، فنقول مبتدئين من الأوائل كالطبيعة.
أما أن هذه هى موجودة قياسات، تظن إذ ليست — فذلك ظاهر. وذلك أنه كما أنه قد يكون فى هذه الأخر انبهام من قبل اشتباه ما، كذلك فى الكلم. وذلك أنه ها هذه النية أما هؤلاء فموجودة لهم التى هى حسنة. وأما هؤلاء فيحيون حسنى النية من حيث ينتهون حبيا نيةً ويحرقون أنفسهم. وفى الحق أما هؤلاء فمن قبل الحسن، أما هؤلاء فيرون أنهم زينوا أنفسهم. وكذلك فى غير المتنفسة، وذلك أنه ها ومن هذه أيضا: أما هذه ففضة، وأما هذه فذهب بالحقيقة، وأما هذه فليست، إلا أنها ترى بالحسن — مثال ذلك إما هذه الحجرية ففضة والرصاصية فضة، وأما هذه المصبوغة بالمرار فذهبية. فعلى هذا النحو بعينه والمقاييس أيضا والتوبيخات: أما ذاك فموجود، وأما ذاك فليس بموجود إلا أنه يرى من قبل عدم الدربة، وذلك أن هؤلاء غير الدربين من حيث لا دربة لهم، إنما يرون من بعد. — والقياس هو من أشياء توضع لكى يقال إن شيئا ما آخر من الاضطرار من اللاتى وضعت. فأما التبكيت فهو قياس مع مناقضة النتيجة. وهؤلاء أما هذا فيفعلون، إلا أنهم لا يظنون لأسباب كثيرة منها موضع واحد هو حاد قوى جدا، وهو الذى من الأسماء، وذلك أنه لأنا لا يمكننا أنا نحصر الأمور إذا تكلمنا خلوا.
من الأسماء، بل إنما نستعمل الأسماء بدل الأمور كالأدلة بحسب ما يعرض للأسماء أنه يعرض للأمور بمنزلة ما فى الحسابات التى يحسبن، وهذا غير شبيه. وذلك أنه أما الأسماء وأكثر الكلم فمحدودة، فأما الأمور فهى غير محدودة فى العدد، فيجب ضرورة أن تكون الكلمة بعينها والاسم يدل على كثيرين. فبنحو ما أن هناك أيضا هؤلاء الذين ليسوا حذاقا باختصار الحسابات يتبلهون هم منهم ومن العلماء، فبهذا النحو بعينه وفى الأقاويل هؤلاء الذين ليسوا دربين بقوة الأسماء يضللون إذا هم تكلموا وإذا أسمعوا آخرين أيضا. فمن قبل هذا السبب وآخر سيقال القياس والتركيب الذى يرى وليس بموجود هو موجود. ولأن قصد أناس لأن يظنوا حكماء أكثر من أن يكونوا ولا يظنوا (والسوفسطائية حكمة ترى لا التى هى موجودة، والسوفسطائى هو الملقب من الحكمة التى ترى لا التى هى موجودة)، فمعلوم أنه يضطر هؤلاء أن يظنوا أنهم يفعلون أفعال الحكماء أكثر من أن يفعلوا ولا يظنوا. وعمل الحكيم هو أنه إذا قال واحدا على واحد لنرى كل واحد يعرفه إما بسبب التى يعرف فألا يكذب وأن يمكنه أن يبين الذى يكذب. وهاتان هما: أما تلك فبأن يمكنه أن يعطى القول؛ وأما تلك فبأن يأخذ. فبالاضطرار أن يطلب هؤلاء الذين يريدون أن يعملوا السفسطة جنس الكلم التى قيلت، وذلك أنه هو القصد. وذلك أن مثل هذه الفوة هى التى تجعلهم يبدون حكماء، وليسوا إذا كانت لهم الإرادة.
فأما جنس لكلم كهذه موجودة، ولهذا يشتاق الذين يدعونهم سوفسطائيين إلى قوة كهذه، فمعلوم. وأما كم أنواع هذه الكلم السوفسطائية ومن كم عدد تقومت هذه القوة، وكم هى أجزاء الصناعة وفى هذه الأجزاء المكملة لهذه الصناعة، فها نحن نقول الآن.
بسم الله الرحمن الرحيم
«سوفسطيقا» بنقل الفاضل أبى زكريا يحيى بن عدى — أعلى الله منزلته — ، وبنقل أبى على عيسى بن اسحق بن زرعة، وبنقل قديم منسوب إلى الناعمى، مثبت فى كل صفح ما نقله كل واحد، وغيره، عن المعانى الثابتة فى ذلك الصفح
نقل أبى على عيسى بن إسحق بن زرعة من السريانى بنقل أثانس من اليونانى
كتاب «سوفسطيقا»، أى التظاهر بالحكمة، لأرسطوطالس:
وأما فى التبكيت الذى يظهر السوفسطائيون فعله، وليس تبكيتا، بل تضليلا، فنبدأ — ونحن للطبيعة مقتدون — بالكلام فى المبادئ ونقول: إنه من البين أن القياس منه موجود، ومنه ما يظن موجودا وليس كذلك. وذلك أن الشبهة قد توجد فى الأقاويل كما توجد فى الأمور الأخر التى يضلنا فيها ما لها من المشابهة، وذلك أن بعض الناس جميل الاعتقاد، وبعضهم يظن ذلك به للعجب بما يجرى مجرى الأخبار ولتعظيمهم نفوسهم، والذين ينسبون إلى الجمال: أما بعضهم فلما له من ذلك، وأما بعضهم فيظن ذلك به لما تكلفه من الزينة. ومثل ذلك أيضا يوجد فيما لا نفس له، وذلك أن منه ما هو فضة، ومنه ذهب بالحقيقة، ومنه ما ليس كذلك، بل البصر يتخيله. مثال ذلك أن الحجارة الفضية والتى تتخذ من الرصاص القلعى منسوبة إلى الفضة، والأشياء المصبوغة بالمرار منسوبة إلى الذهب؛ فعلى هذا النحو أيضا يكون القياس والتبكيت: أما ذاك فموجود، وأما هذا فغير موجود، بل يظن ذلك به لعدم الدربة، وذلك أن الذين لا دربة لهم لعدمهم لها كالناظرين من بعد. فأما القياس فهو قول من أشياء موضوعة ليلزم عنها شىء آخر من الاضطرار. والتبكيت هو قياس يتضمن مناقضة النتيجة، — السوفسطائيون يفعلون ذلك من غير أن يشعر بهم، لأسباب كثيرة أحدها قوى مشهور جدا، وهو الذى يكون عن الأسماء، ومن قبيل أنا عندما نتكلم إنما نأتى بالأسماء، لا الأمور،
وتقيم الأسماء مقامها فى أقاويلنا كالدلائل عليها. وقد يظن أن الذى يعرض للأسماء يعرض مثله للامور كما يخلق الحساب فى الحسابات، غير أن هذا ليس بشبه. ولأن الأسماء وأكثر الكلم محدودة، والمسميات غير متناهية العدة، فمن الاضطرر أن تكون الكلمة والاسم الواحد بعينه يدل دلالة واحدة على كثيرين. وكما أن هناك أيضا من لم يكن بعمل الحساب ماهرا قد يغلط ويغالطه العارفون بذلك، فمثل هذه الضلالة بعينها تعرض فى الألفاظ للذين لا خبرة لهم بما تدل عليه الأسماء: متكلمين كانوا أو مستمعين. فلهذا السبب ولأسباب أخر سنذكرها يكون القياس موجودا. وأما ما يظن تبكيتا فغير موجود. ولأن بعض الناس يؤثر من قبل التعلم أن يظن حكيما أكثر من إيثاره أن يكون كذلك ولا يعتقد هذا فيه — ما تكون المغالطة حكمة مظنونة، لكنها غير موجودة. والسوفسطائى وهو الذى له لقب من حكمة تظن موجودة وليست كذلك. ومن البين أن هؤلاء من الاضطرار يؤثرون الظن بهم أن فعلهم فعل الحكماء أكثر من إيثارهم أن يفعلوا فعلهم فلا يظن ذلك بهم. وفعل الحكيم هو أنه إذا حمل شيئا على شىء نحو: كل مخاطب أن يكون بما له من المعرفة يعلم أنه لم يكذب ويمكنه إظهار كذب الكاذب. وهذان الأمران يكون أحدهما بالاقتدار على بادئة القول والآخر فى استماعه. فيجب إذن على الذين يريدون فعل المغالطة أن يلتمسوا جنس الألفاظ المذكورة؛ وذلك أن هذا متقدم للفعل، لأن بمثل هذه القوة يصيرون متى شاؤا إلى أن يظن بهم أنهم حكماء وليس هم كذلك. فأما هل يوجد جنس ما للالفاظ يجرى هذا المجرى وينسبه نسبا إلى مثل هذه القوة القوم الذين نسميهم المغالطين، فذلك ظاهر. ونحن منذ الآن آخذون فى أن نبين كم أنواع الألفاظ السوفسطائية، وكم مبلغ عدد الأشياء التى عنها تقومت هذه القوة، وكم عدد أجزاء هذه الصناعة، ونبين مع ذلك أشياء أخر بها كمال هذه الصناعة.
بسم الله الرحمن الرحيم
«سوفسطيقا» بنقل الفاضل أبى زكريا يحيى بن عدى — أعلى الله منزلته — ، وبنقل أبى على عيسى بن اسحق بن زرعة، وبنقل قديم منسوب إلى الناعمى، مثبت فى كل صفح ما نقله كل واحد، وغيره، عن المعانى الثابتة فى ذلك الصفح
نقل قديم منسوب إلى الناعمى، ولست أعلم من أى لغة نقله
كتاب أرسطوطالس فى «التبصير بمغالطة السوفسطائية»:
الذى ينحوه فى هذا الكتاب تبكيت السوفسطائيين الذين يظن أنه نقض للقياس وليس هو فى الحقيقة كذاك، بل هو مغالطة لا حقيقة لها وغير مبطلة للقياس ونبتدىء من أول، إذ النقائض بالطبع، فنقول: إنه قد يكون قياس صحيحا، وقد يكون قياس مشبه ليس بصحيح — وهذا معروف من العوام. فكما أنه قد جاز التشبيه فى سائر الأشياء، كذلك يجوز فى الكلام. من ذلك أنه قد يكون قوم جيندة أخلاقهم بالحقيقة وآخرون متشبهين بهم، فيجبهم القليل من الأمر فيشغلهم، وكذلك الصحاء فإن منهم صحيحا فى نفس محاسن الجمال، ومنهم من يتخيل أنه جميل لمكان الهيئة والزينة وكذلك نجد فى الأشياء التى لا نفس لها مثل الدنانير والدراهم: فإن منها ذهبا صحيحا وفضة صحيحة بالحقيقة، ومنها ما ليس هو كذلك إلا أنه يتخيل للحس فيشبه الصحيح من الذهب والفضة وهو فى نفسه مدخول: إما رصاص قلعى، وإما مموه بالمرداسنج أو ذهب مصبوغ، وكذلك حال القياس. والتبكيت الناقض على القياس، وهو الذى يسمى النكس، فإن أحدها موجود بصحة، والآخر ليس بالصحة وجوده، إلا أنه يتخيل لمن لا خبرة له به ولا تجربة للأشياء، فكأنه ينظر إليها من بعد، فمن أجل ذلك يشتبه عليه. وإنما القياس بالحقيقة شىء تتقدمه أشياء يتولد منها غيرها باضطرار. فأما التبكيت فإنه قياس مناقض للنتيجة. وقد يفعل السوفسطائيون ذلك وهم لا يظنون أنهم فعلوه لعلل كثيرة أحدها لحال الأسماء، وإن كانت لطيفة المأخذ مشهورة فى العوام؛ لأنه لما لم يمكنا عند لفظنا أن نباشر الأشياء، بل إنما نستعمل الأسماء
مكان الأشياء كانت أسماء الأشياء دليلة عليها وعلامات لها. فظننا أنه يعرض للأشياء ما يعرض فى الأسماء كما يعرض للمتفكرين فى الحساب؛ إلا أن ذلك ليس شبيها بهذا، لأن الأسماء ذوات نهاية، وكذلك كثرة الكلام ذو نهاية. فأما الأشياء فلا نهاية لعددها. وقد تكون كلمة واحدة واسم واحد دليلين على أشياء كثيرة باضطرار. وكما أن هناك من لم يكن ماهرا بمطارحة الحساب يصير إلى الحيرة فى الكلام مع أهل البصر بالحساب، كذلك يصير فى الكلام من لا خبرة له بقوة الاسماء، فيضل فكره: كان متكلما أو مستمعا. فلهذه العلة وللتى سنقولها يكون القياس والتبكيت المتحايل أنه، وليس بالحقيقة تبكيتا. فلما كان أقوام يظن أنهم حكماء قبل أن يحكموا على أنهم لو كانوا كذلك لم يظن بهم أكثر من ذلك — كذلك حكمة السوفسطائيين يظنون بها أنها حكمة وليست حكمة. والسوفسطائى بعينه معناه أنه متراء بالحكمة بتخيله الحكمة وليست حكمة بالحقيقة. ومن أجل ذلك وجب بالاضطرار أن تكون غاية السوفسطائى أن يكون يظن به أنه قد فعل الحكمة وهو لم يفعلها ولا يظن به أنه يفعلها. وقد يجوز أن نقول بقول مختصر فى كل علم أنه لا يكذب فيما علم، وأن له مقدرة على إظهار كذب كذبه، وإنما يكون ذلك بشيئين: أحدهما القدرة على الجواب، والآخر بفهم ما ورد عليه من القول. فمن أراد أن يسلك طريق السوفسطائيين فهو مضطر إلى طلب جنس هذا الكلام الذى ذكرنا، لأن هذا هو الواجب قبل العمل. وبهذه القوة أمكنهم التصنع بزى الحكمة، لا عن نية منهم لطلبها. وقد تبين أنه قد يوجد جنس لمثل هذا الكلام. وإنما سمينا «سوفسطائى» لمن اشتهى مثل هذه القوة. ونحن قائلون كم نوع يكون كلام السوفسطائيين، وكم العدد الذى منه قوام قوتها، وكم أجزاء صناعتهم. ونقول أيضا فيما كان متمما لصناعتهم فيكون ذلك كاملا.