Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: De Sophisticis Elenchis (On Sophistical Refutations)

〈حل التبكيتات الناشئة عن شكل القول〉

وبهذه يتبين كيف يناقض من لم يجعل مخرج الكلام بما هو عليه من مخارجهم، لا سيما إذا كان لنا فى الحاصل أجناس النعوت. لأن أحد الاثنين أعطى عند ما سئل ألا يكون شىء من هذه التى تدل على شىء، والآخر ثبت وجود شىء من المضاف أو من الكمية مظنون أنه دليل على شىء من أجل اللفظ به، كقولك: هل يمكنك أن تكون فاعلا —

لشىء وقد فعلت فعالا، ولكن قد يمكن فى حال نظرك إلى الشىء قد نظرت إليه معا، فلا محالة أنه يكون شيئا منفعلا فاعلا معا. وكذلك يقال إن فلانا حس، فان ذلك دليل على مفعول وفاعل. ومن ذلك أيضا إذا قيل: قد تكلم، أو أحضر، أو نظر، فجميعها يشابه بعضها بعضا: فالنظر من العين إنما هو أن يحس شيئا، وبذلك وجب أن يكون فاعلا مفعولا معا. فمن أعطى أنه لا يمكن الشىء أن يكون معا فاعلا وقد فعل، ثم زعم أن ذلك ممكن فى النظر من العين أن يكون يرى وقد رأيت، فقائل هذا القول لم يضل بعد، إن لم يقل إن النظر من العين أنفعال لا فعل، فانه محتاج إلى هذه المسئلة. وإن كان مظنونا به عند السامع أنه قد أعطى وأنه فعل شيئا فقوله: «يقطع»، أو «قد قطع»، وكذلك حال ما كان من هذا النحو: لأن ما ينقض من الكلام فالسامع يزيده وينجمه لمكان أشباهها، أو أنها تقال بنحو واحد؛ وغير هذه قد تقال، إلا أنها ليست مشابهة، وإن كانت تتخيل أنها مشابهة لمكان اللفظ. فذلك الذى يعرض من اشتراك الأسماء هو بعينه يعرض لهذه: لأن الجاهل بالضلال يظن أن الذى أثبت فى المشتركة من الأسماء إياه يقال للاسم؛ وما كان كذلك فهو محتاج إلى المسئلة عنه إن كان عنى بالمشتركة من الأسماء شيئا واحدا: وإن كان لم يعط ذلك فعند ذلك ما يكون فى قوله التضليل.

ومما يشبه هذا الكلام أن يقول القائل إن كان لأحد شىء فأخبر أنه لم يكن له، فهل طرحه وألقاه؟ فالذى األقى كعبا واحدا فقط لا يكون أن تكون له عشرة كعاب، أو ما ليس هو الآن لأحد وقد كان له أولاً إياه ألقى، وليس بمضطر أن يلقى ما لم يكن له أو كل ما كان له. ولكن السائل لما سأل فقال ما هو له ألحقها بالجميع، لأن العشرة كمية. فلو كان هذا أول ما سئل قال: هل ما لم يكن لأحد الآن وقد كانت له أولاً، جميعا ألقى؟ لما أجابه المجيب إلا إما بجميعها وإما بشىء منها. — ولو لم يعط الإنسان ما له لأنه ليس له كعب واحد يعطى أو لم يعط ما ليس له

ولكن كمن لم يكن له واحد. فأما قوله: «فقط» فليس يدل على مشار إليه، ولا يدل على صفة، أو مثل كم، ولكن كمضاف إليه، إلا أنه ليس مع آخر، كما أنه لو سأل فقال: هل يعطى أحد ما ليس فى ذلك، فلم يجب، لم يسأل: أيعطى سريعا، أو ليست له سرعة؟ فأجاب: بـ «نعم»، لكن قد أثبت أنه يعطى ما ليس له. وهذا بين أن ليس فيه تأليف مقياس، لأن قوله: «يعطى سريعا» ليس على شىء مشار إليه، ولكن على الكيف والمثل، كقولك: قد يعطى المعطى الشئ لا كما كان له، أى قد كان له سرور وأعطاه بغم.

وهذا أيضاً يشبه هذه الأقاويل إذا أنت قلت: هل يضرب ضارب بيد ليست له؟ أو يرى بعين ليست له، وليس عيناه عينا واحدة؟ وقد أجاب أقوام فى ذلك، فقال بعضهم إنه يراد بهذا القول كمن له عين واحدة. وقال بعضهم إن الذى له أعين كثيرة يرى كمن له عين واحدة؛ ومعنى الكثير داخل فى الواحد. وآخرون يبطلون المسئلة ويزعمون أنه يمكن أن يكون فى يد الإنسان ما لم يأخذ — كقولك: أخذ الإنسان شراباً لذيذا، ففسد بعد الأخذ، فصار حامضا. — ولكن كل هذا الكلام كالذى قيل أولا إنما ينقضون به على القائل له، لا على القول. فلو كان هذا نقضا، لما كان — إذا أعطى ما يضاد قوله — قادرا على نقضه كالذى يراه فى غير هذا النحو — مثل قولك: يمكن أن يكون شىء، ويكون ألا يكون ينقض ذلك فى أن كان أعطى القول فى الجملة مرسلا، فله جماع ونتيجة. وإن لم تكن له نتيجة وجماع فليس ذلك بنقض، فأما التى قيلت كلها، وإن أعطاناها قائلها، فلسنا نزعم أنها تأليف مقياس.

وهذا أيضا من هذا الكلام نقول: هل من كتب أخذ كتابة، والمكتوب الآن كلمة كاذبة أنك أنت قاعد، وقد كان هذا القول حقا عندما كتب، فلا محالة أنه حين كتب فقد كان فيه معا صدق وكذب. فالقول، صدقا كان أو كذبا، أو ظنا، فليس يدل على شىء مشار إليه فيقال: هذا، بل هكذا، أم الكيف. — والمثل وأيضا يقول هل الشىء الذى يتعلمه المتعلم إياه يتعلم بعينه، فقد يتعلم الإنسان الإبطاء والسرعة وليس أنفسهما يعلم، ولكن كالذى يعلم قال. — ويقول أيضا: هل ما مشى فيه الإنسان إياه ومشيه فى كل النهار. ولكن ليس ما فيه مشا بقائل عما فيه مشى؛ قال وأشياء يقولها إن شارب الكأس إنما شرب الكأس، ولكنه شرب منه أو به. — وكذلك إذا قلنا هل 〈ما〉 علمه أحد إنما علمه بأن وجده واستفاده؛ فهو إذا وجده فلم يستفده لم يعلمه وإن استفاده فلم يجده لم يعلمه. — ومن ذلك أن يقول القائل: هل يكون ثالث — غير القائل وغير كل واحد من المفردين — إنسان؟ وقولك: الإنسان الجامع للكل ليسا يدلان، لأن كل شىء مشار إليه فيقال: هذا؛ ولكن يدلان على قول القائل كهذا من المثل، أو المضاف، وأيما كان شبيها بهذا النحو. وكذلك إذا قلت: فلان! فأمسكت، كان فلان ذلك غير فلان الملهى، لأن أحدهما يدل على مشار إليه والآحر يدل على الشبه، أى: كهذا. وكذلك لا يجوز أن يوضع، لأن الوضع لا يفعل الإنسان الثالث، بل إذا ألحق به ما كان له وضعه لأن ليست حالته فى الوضع بأن يقال فلان أم إنسان، أو أن يلحق بمعنى الكيف، وإلا لم يكن فرق بينه وبين غيره، بل سيكون واحد من الكثير. ومن المعروف أنا لا نعطى نعتا جاريا على الكل بشىء مشار إليه، بل نقول إنه يدل على كيف أو مضاف أو كم أو على شىء من هذا النحو.

〈حل التبكيتات الناشئة عن صورة القول〉

وهو معلوم فى هؤلاء اللواتى ليس هن بأعيانهن كيف يقسم إن كانت لنا أجناس المقولات، وذلك أنه إما هو فلما سئل أعطى أنه ليس شىء من هذه جميع اللواتى يدللن على ما هو. وأما ذاك فبين أنه لشىء من هؤلاء المضافات أو الكمية، ويظن

أنهن يدللن على شىء من قبل اللفظة — مثال ذلك وفى هذه الكلمة: أترى محتمل أن يفعل وينفعل واحد بعينه معا؟ — لا! — لكن أن يبصر وأن يبصر هو فهو، وفيه بعينه معا هو محتمل، فإذن موجود شىء من هؤلاء اللواتى ينفعلن ففعل. فإذن أن يقطع وينفعل بحس يقلن على مثال واحد بعينه. وجميع هؤلاء شىء ينفعل. وأيضا أن يقول: يحضر، يبصر — يقالان على مثال واحد. أما أن يبصر فهو أن يحس شيئا: فإذن: ينفعل شىء معا ويفعل، وذلك أنه يحتاج إلى هذا السؤال؛ إلا أن الذى يسمع يظن أنه أعطى إذ أن يقطع يفعل، وأن يقطع أن ينفعل أعطى؛ وجميع الباقيات اللواتى يقلن على هذا المثال وتلك الباقية الذى يسمع يريدها كأنها تقال على هذا المثال بعينه. وأما تلك فتقال لا على مثال واحد، ولكن ترى من قبل اللفظة. ويعرض هذا بعينه الذى فى اتفاق الأسماء، ويظن الجهاد الذى للكلم أنه رفع الأمر الموضوع، ولا الاسم؛ وبهذا أيضا يحتاج إلى سؤالات إن كان إذ يلحظ واحدا يقول ذاك المتفق فى الاسم، وذلك أن هكذا يكون قد أعطى تبكيتا.

وهؤلاء يشبهن هكذا، فالكلمات لهؤلاء إن كان إنسان إذ يوجد شىء يطرح بآخر من الذى لا يوجد له. وذلك أن الذى طرح قدماً واحدة فقط لا يكون موجودا له عشرة أقدام، أو الذى ليس يوجد له أولا إذ يوجد له طرح. وليس من الاضطرار أن يلغى كما ليس له أو جميعها. فإذا سأل للذى يوجد له ينتج أن جميعهن، وذلك أن العشرة كميات. فإذن إن كان سأل من الابتداء إذ كان جميع اللواتى ليس للإنسان إذ كن له أولاً: أترى اطرح لقاء جميع هؤلاء، لم يكن يعطى إنسان إلا جميع هؤلاء أو شيئا من هؤلاء. — وأن يعطى إنسان ما هو له، وليس له قدم واحدة فقط. إذ ألا يعطى الذى لم يكن له، لكن كمن لم يكن له واحد فقط. 〈وقوله فقط〉 لا يدل —

على هذا ولا كهذا أيضا، ولا على كم ما، لكن على أن له إضافة مثال ذلك أنه ليس مع آخر بمنزلة ما إن كان سأل: أترى يعطى إنسان ما ليس هو له؟ وإذا قال: لا! كان يسأل إن كان يعطى إنسان سريعا إذ له سريعاً كان؟ يقول: نعم! كان يؤلف أنه يعطى إنسان ما ليس له، وهو ظاهر أنه مؤلف وسريعا ليس هو لهذا، أى لأنه يعطى؛ فإذن الذى ليس للإنسان يعطى — مثال ذلك إذ هو له لذيذ يعطى مغموما.

ويشبهن هؤلاء اللواتى هكذا أيضا جميعها: أترى يضرب بيد ليست له، أو بما ليس بالعين يبصر؟ وذلك أنه لا يوجد له واحدة دائما. فأما ناس فيحلون إذ يقولون: وكما يوجد له واحدة فقط العين وشىء آخر أيضا كان أيضا الذى توجد له كثيرة. وأحد هؤلاء كالذى له وكان هذا يعطى فوسيقون واحدا فقط، وهذا يقولون إن له فوسيقون واحدا فقط، وذلك أنه يأخذ من هذا وهو لا يعقب ما إذ يرفعون السؤال أنه محتمل أن يوجد له ما لم يأخذه — مثال ذلك أخذ شرابا لذيذا، وإذا فسد بالأخذ يوجد له خل. — لكن التى قيلت قبل إن هؤلاء كلهن ليس يحلون نحو الكلمة، لكن نحو الإنسان. وذلك أنه لو كان هذا حلا إذ أعطى المقابل لا يمكنه أن يحل، كما أن فى أخر أيضا — مثال ذلك: إما إن كان موجودا ذاك، لكن التى قيلت، لكن نحو الإنسان إذ أعطى المقابل — مثال ذلك إن كان على الإطلاق يعطى أنه يقال بالأخذ ويحلون أولاً لا يمكنه، وأما تلك فينتج إذا فسد يوجد له حل أن جميع هؤلاء ليس نحو الكلمة. وذلك أنه إن كان هذا موجودا حلا، وذلك أن فى هؤلاء اللواتى قدم أنه يكون حل إن أعطى على الإطلاق أنه يقال إنه يتنتج. وإن كان لا يتنتج لا يكون حل.

وفى هؤلاء اللواتى

قدمت فقيلت إذا أعطين كلهن لا نقول إنه يكون قياس.

وأيضا وهؤلاء هن من هؤلاء الكلمات: أترى التى هى مكتوبة يكتب إنسان، ومكتوب الآن المكتتب كلمة كاذبة وكانت صادقة عندما كانت تكتب، فمعاً إذا كانت تكتب كاذبة وصادقة، والكاذبة تكون إما كلمة صادقة وإما اعتقاداً لا يدل على هذا، لكن كهذا، والكلمة فمن الاعتقاد أيضا واحدة بعينها. — وأترى ما يتعلم هو هذا الذى يتعلم ويتعلم إنسان ثقيلاً وخفيفاً. وذلك أنه ليس يقول الذى يتعلم، لكن كما يتعلم. وأترى الذى يمشى إنسان يطأ ويمشى اليوم كله، أو ليس يقول الذى يمشى، لكن إذ يمشى. وليس الذى يشرب الكأس يشرب، بل من ذاك. وأترى الذى يعلم إنسان إذ يتعلم أو إذ وجد علم. ومن هؤلاء — أما ذاك فوجد، وأما ذاك فتعلم كلاهما لا آخر منهما، وأما ذاك لا لهذين. وأن الإنسان هو شىء ثالث هو عنده وعند هؤلاء الذين لكل واحد. 〈ولكن هذه مغالطة〉، وذلك أن معنى الإنسان وكل عموم يدل لا على هذا الشىء، لكن كهذا الشىء، أو إضافة فى مكان، أو شىء مما هو كهؤلاء. وعلى هذا المثال، وفى معنى قوريسقوس، وقوريسقوس مغن، قوريسقوس وقوريسقوس: أى هذين هو: أهو واحد بعينه، أم آخر؟ وذلك أن أما ذاك فيدل على هذا الشىء، وأما ذاك فكهذا الشىء. فإذن ليس يوجد أن يضع هو فهو؛ ولا أيضا أن يضع يجعل إنسانا ثالثاً، لكن ينزل أنه هو ما هو هذا الشىء؛ وذلك أنه لا يكون أن هذا الشىء هو ما هو قلياس، وما هو الإنسان. ولا إن قال إنسان للذى يوضع أنه ليس هو ما هذا الشىء، لكن ما هو كيف، فليس يخالف بشىء؛ وذلك أنه يكون الذى عند الكثيرين واحداً أى إنسانا. فهو ظاهر أنه لا يعطى أن هذا الشىء هو الذى يحمله على العموم على الكل، لكن إما على كيف، وإما على إضافة، وإما على كم، وإما على شىء من هؤلاء اللواتى كهذا، وبالجملة فإنه فى هؤلاء الكلمات التى من الألفاظ.