Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: De Sophisticis Elenchis (On Sophistical Refutations)

〈حل التبكيتات الناشئة عن القسمة والتأليف〉

فأما التضليل الذى يكون 〈من〉 القسمة والتأليف فبعض ذلك بين، لأن القول إذا جزئ أو ألف يدل بذلك على غير ما كان عليه أولا، فنتيجته متضادة. فكل هذه الأقاويل إنما تكون من القسمة والتأليف كقولك: «هل الذى رأيته أنت مضروب»، بدل: «كان هذا الضرب [و]ما به» [و]كان يضرب هذا إياه أنت رأيت. فإن فى مثل هذا القول تشكيكا من المسائل، إلا أن ذلك من التأليف. فأما ما كان يقال بالقسمة فليس المعنى فيه بمضعف لأن القول لا يبقى على حاله إذا جزئ وقسم، لا سيما إذا كان «ورس» و«ورس» بكتاب واحد بأحرف لا خلاف فيها، ودلائلها مختلفة بالتعليم الذى يجب لها، لأن «ورس»: جبل، و«〈هـ〉ـورس»: حد من الحدود. (ولكن الاسم فى الكتاب بحال واحدة، إذ كانت الأحرف لا اختلاف فيها، فأما الملفوظ به فليس بواحد). ومن أجل ذلك لم يكن التضليل من قسمة الكلام بمضعف بجهتين. ومن هذا بان لنا أنه ليس جميع المضلات مما احتمل الجهتين، كالذى قال أقوام.

فالمجيب أولى بالقسمة بأن يقول ليس: «النظر بالأعين للمضروب»، والقول عن «الأعين إنها ترى المضروب» — بحال واحدة. وكذلك قول أوتوديمس: هل تعلم أنت فى هذا الوقت كائنا بفيرا أن فى سقلية سفناً ذوات ثلاثة سكانات؟ وهل يجوز للخير إذا كان إسكافا أن يكون شريرا؟ فاذن الإسكاف الصالح إسكاف سوء؛ فيكون الصالح شرا. ومن ذلك أن نقول أيضا: هل ما كان علمه محروصا عليه فذاك علم فاضل؛ والشر محروص عليه؛ فالعلم به إذن فاضل، ولكن الشر وعلمه شر. ومن ذلك أن نقول أيضا

هل من قال إنك كنت الآن كان حقا، فلا محالة أنك قد كنت. إلا أن أولا دلالة هذا القول تجلب هذه إذا صار إلى القسمة، لأن من قال إنك قد كنت الآن قال حقا، إلا أن ذلك ليس على نفس الآن. ومن ذلك أيضا هل الذى قيل من القوة وما يقدر على فعله كذلك يفعله، فأنت فى الحال التى لا تضرب بالطنبور قبل قوة ضربه فلا محالة أنك ضارب وإن لم تضرب. إذ ليست القوة فى أن تكون حاله إذا يضرب غير ضارب فى الحال التى لا تفعل به قوة ليفعل. وقد ينقض هذا القول أقوام بغير هذه الجهة، إذ يقولون: إن كان أعطى من قوله كالذى يستطيع أن يفعل، فليس يعرض أن يكون ضارباً فى الحال التى لا يضرب، لأنه لم يعط أنه ألبتة فاعل كالذى يستطيع أن يفعل. وليست الحال واحدةً فى أن يعلم كما يستطيع، ويفعل ألبتة كما يستطيع. — وبهذا يستبين أنهم لم ينقضوا هذا الباب جيدا، لأن الكلام إذا كانت حاله حالا واحدة كان نقضه واحدا. وليس يجوز ذلك النقض فى كل كلام، وليس هو لازما على حال للمسئول، ولكن قد يكون أن يلزم السائل لا للقول.

〈حلول التبكيتات الناشئة عن القسمة والتركيب〉

وهو بين كيف يكون نقضنا للمسائل التى فى القسمة والتركيب: وذلك أن القول كان يدل عند القسمة والتركيب على أمور مختلفة: فإن الذى يقال عند الجميع هو الضد. وجميع أمثال هذه الأقاويل هى إما من التركيب أو من القسمة: «أترى بالذى علمت، أن هذا كان يضرب» ؟ فيقال: «كان يضرب، وبالذى كان يضرب علمت»؛ وقد يوجد فى هذه شىء من المسائل المرائية، إلا أنه من التركيب. لأن الذى من القسمة ليس نفهم منه معنيين: وذلك أن القول ليس يبقى واحدا بعينه عندما نقسم إن كان ما يدل عليه قولنا: تواورس و〈هو〉 أوروس — إذا قيلا معربين هكذا أولا على معانى مختلفة. (إلا أن هذا الاسم إذا كان مكتوبا فهو واحد بعينه إذ كان إنما يكتب بحروف واحدة بأعيانها وعلى مثال واحد — وقد يجعلون هذه الأشياء مطرحة بالواحدة — فأما إذا عبر عنها فليست واحده بأعيانها). فليست تكون التى من القسمة إذن مما يقال على نحوين. ومن البين أيضا أن ليس جميع التبكيتات مما تقال على جهتين، كما قال بعض الناس.

فليكن المجيب هو الذى يقسمها، وذلك أن ليس «نشاهد المضروب بأبصارنا «وأن نقول» إنا نشاهدالمضروب بأبصارنا» — شيئا واحدا بعينه. وقول أوتادوموس: أتزال تعلم الآن أن السفن التى لها ثلاثة سكنات موجودة فى سقلية؟ وأتراه يكون جيدا وهو مع ذاك يرسى رديئا؟ فيكون الإنسان مع أنه جيد يرسى رديئا؟ فيكون إذن سقراط جيدا ورديئا. وأترى المعلومات الفاضلة العلم بها فاضل، والشر فالعلم به فاضل، فالعلم الردئ إذن فاضل؟ إلا أن الشر فى العلم به شر، فالشر إذن العلم به شر، إلا أن العلم الذى ليس بردئ هو فاضل.

وأترى صدق أن يقال إنك كنت، فأنت إذن كنت الآن، أو تكون — هذا القول إذا قسم دل على معنى آخر، وذلك أنه حق أن يقال الآن إنك كنت، لكن ليس الآن. وأترى بحسب إمكان ما هو لك بالإمكان، وكذلك تكون أفعالك، وقد يمكنك وأنت غير ضارب بالعود أن تضرب؟ فأنت إذن ضارب عندما لست ضاربا. وإما أن تكون القوة التى على هذا ليس هى على أنه إذا كان غير ضارب أن يضرب، بل على أن يفعل إذا كان غير فاعل. وقد حل ذلك قوم على جهة أخرى، وهى أنه إذا سلم أنه يفعل بحسب ما يمكنه فليس يعرض إذن من ذلك أن يكون، وهو غير ضارب، ضارباً؛ وذلك أنه لم يسلم أنه يفعل كل ما يمكنه فعله لا محالة لأن ليس يفعل — بحسب ما يمكنه، وأن يفعل بحسب ما يمكنه لا محالة شيئا واحداً بعينه. إلا أنه بين أنهم لم يحلوا حلاً جيداً، وذلك أن الأقاويل المأخوذة من شىء واحد بعينه حلها واحد بعينه، وهذا فليس بموافق فى جميع الأمور، ولا هو موجود لا محالة فى التى يسأل عنها، لكنه نحو السائل، لا نحو الكلمة.