Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: De Sophisticis Elenchis (On Sophistical Refutations)

〈التبكيتات التى خارج القول〉

فأما التضليل الكائن من الأعراض فيكون عندما يوجب لأى شىء اتفق أمرا ما وعرضا من الأعراض على مثال واحد ومن قبل أنه.

قد يعرض للشىء الواحد بعينه أعراض كثيرة، فليس من الاضطرار أن توجد جميع هذه لسائر المحمولات — مثال ذلك إن كان قوريسقوس غير الإنسان فإنه يكون غير نفسه لأنه إنسان، أو إن قيل إن سقراط غير مخاطب، وسقراط إنسان، فيلزم الاعتراف بأنه غير الإنسان، لأنه قد عرض أن يكون الذى يقال فيه إنه غيره هو إنسان. فأما اللتى تكون من قبل الحمل على الإطلاق أو من جهة لا على التحقيق فهى أن يكون محمولا على جزء ما، فيؤخذ كالمحمول على الإطلاق — ومثال ذلك: ليكن ما ليس بموجود يوجد مظنونا، فيكون غير الموجود موجودا، وذلك أن ليس معنى أن يوجد الشىء وأن يوجد على الإطلاق معنى واحداً بعينه، أو يلزم أيضا أن يكون الموجود غير موجود إن كان غير موجود شيئا من هذه الموجودات — مثل أن يكون ليس بإنسان. وذلك أنه ليس أن يكون الشىء غير موجود ما وأن يكون غير موجود على الإطلاق شيئا واحداً بعينه؛ وقد يظن ذلك بهما لتقارب لفظيهما وقلة الخلاف بين أن يقال إن الشىء غير موجود وأن يكون موجودا على الإطلاق. وعلى هذا المثال أيضا إذا كان موجودا فى جزء فحمل على الإطلاق، مثل أنه إذا كان جميع الشىء أسود وكان أبيض الأسنان فإنه يكون أبيض وغير أبيض معا، أو يكون هذان الضدان موجودين معا. وما جرى هذا المجرى من النظر فى بعض الجزئيات يسهل على كل أحد، مثال ذلك أنه إذا أخذ أن النوبى أسود وأنه أبيض من قبل أسنانه يسأل عنه: هل هو أبيض؟ فهو إذاً من هذه الجهة أبيض. ولهذه العلة يكون كالموهم عند إتمامه القياس بالسائل أنه قد قال بأنه أسود ولا أسود. وكثيرا ما يضل بعض الناس فى جميع الأمور التى إذا قيل فيها إنها موجودة فى شىء ما يظن أنه قد يلزم أن تكون موجودةً على الإطلاق؛ فليس يسهل تأمل جمعيها وأنها تسلم على الحقيقة. وذلك أن هذه إنما توجد بهذه الحال فى الأمور المتضادة التى على مثال واحد، لأنه قد يتوهم أنه إما أن يكونا جميعا محمولين على الشىء أو ألا يسلم أن غيرهما محمول عليه — مثال ذلك أنه إن كان شىء أحد نصفيه أبيض والآخر منه أسود، فأى الاثنين هو: أسود أم أبيض؟ فأما المواضع الكائنة من قبل أن القياس لم يحدد ما هو حسن

ولا ما هو التبكيت، فإن الكذب يكون فيها بسبب ما يلحقه من النقص. فأما التبكيت فهو مناقضة شىء واحد بعينه لا فى الاسم، بل فى المعنى والاسم؛ ولا يكون ذلك فى شىء مما أسبق منه، بل فى الاسم نفسه ومن الموضوع بعينه من الاضطرار من غير أن يكون، سيما للذى قيل أولاً وفى شىء واحد بعينه وبالإضافة إلى شىء واحد بعينه وعلى جهة واحدة وفى زمان واحد بعينه. والكذب يكون فى الشىء على هذا النحو بعينه. ولإغفال بعض الناس شيئا من هذه المعانى المذكورة قد يظن أنهم بكتوا — مثال ذلك أن الشىء الواحد بعينه قد يكون ضعفا وليس بضعف، وذلك أن الاثنين: أما بالإضافة إلى الواحد فهما ضعف، وأما بالإضافة إلى الثلاثة فليسا بضعف، أو أن يكون الشىء الواحد بعينه لشىء واحد بعينه ضعفا وليس بضعف، إلا أن ذلك ليس من جهة واحدة بعينها، وذلك أنه يكون أما من جهة الطول فضعف، وأما بحسب العرض فليس بضعف، أو إن كان لشىء واحد بعينه وفى معنى واحد بعينه ومن جهة واحدة، إلا أن ذلك ليس فى زمان واحد بعينه، ولذلك يكون التبكيت مظنوا. وللانسان أن يدفع هذا الموضع إلى التى من القول.

فأما المواضع التى تكون عما يؤخذ من مبدأ الأمر فهى على هذا النحو، وذاك بأن يسأل ما أمكن عن التى فى أول الأمر؛ وإنما يظن أنهم قد بكتوا لأنه يتعذر عليهم أن يفرقوا بين الذى هو واحد بعينه والمخالف.

وأما التبكيت الذى من اللوازم فإنما يكون للظن بأن المتلازمة تنعكس، حتى إنه إذا كان هذا موجودا فمن الاضطرار أن يوجد ذاك. وإذا كان ذاك موجودا، يظن أن الآخر يكون موجودا من الاضطرار. ومن هذا الموضع تقع الضلالة فى الاعتقاد دائما من قبل الحس، وذلك أنا كثيرا ما نظن بالمرار أنه عسل للزوم اللون الأحمر للعسل. وقد يعرض للأرض أن تندى إذا مطرت، فإن كانت ندية توهمنا أنها قد مطرت، وهذا ليس واجبا ضرورةً. والبراهين الخطبية التى من العلامات مأخوذة من اللوازم؛ وذلك أنهم إذا أرادوا أن يبينوا أن فلاناً زان أخذوا الشىء اللازم وهو أنه متزين، أو أنه يطوف بالليل. وقد توجد هذه لكثيرين، والمحمول...

غير موجودة، وكذلك تكون الحال فى الأمور القياسية — مثال ذلك قول مالسس إن الكل لا مبدأ له، عند أخذه أن الكل غير مكون، والكائن يكون مما ليس بكائن (وذلك أنه ليس يتكون شىء مما ليس بموجود)، والكائن إنما يكون عن مبدأ. فإن كان كل ما ليس بكائن لا مبدأ له، فإذن ولا نهاية له. وليس يلزم هذا من الاضطرار. وذلك أنه ليس إذا كان لكل كائن مبدأ فكل ما له مبدأ كائن. كما لا يلزم إن كان كل محموم يكون حارا، أن يكون كل حار من الاضطرار محموما.

فأما المواضع التى تكون العلة ما ليس بعلة فتكون إذا أضيف إلى ما يؤخذ ما ليس بعلة — وقد يعرض مثل ذلك فى القياسات السائقة إلى المحال. وذلك أنا قد نضطر فى هذه إلى رفع شىء من التى وضعت؛ فإن كان واحدا وعدد فى جملة ما يسأل عنه من الاضطرار فى لزوم ما يعرض. وكثيراً ما لا يمكن أن يظن التبكيت يكون من هذا — مثال ذلك أن النفس والحياة ليستا شيئا واحدا بعينه، وذلك أن الكون إن كان مضادا للفساد ففساد ما يضاده كون ما، والموت هو فساد ما، وهو مضاد للحياة، فالحياة إذن كون، والذى يحيا يتكون، وذلك غير ممكن، فليس النفس والحياة شيئاً واحدا بعينه، ولا يكون عن ذلك قياس. وقد يعرض أيضا محال وإن لم يقل قائل إن النفس والحياة هما شىء واحد بعينه، بل قال إن المضاد للحياة هو الموت الذى هو فساد فقط، وأن الكون مضاد للفساد. فأما هذه المقدمات فليست مما لا تأليف فيه على الإطلاق، لكن تأليفها ليس هو نحو الأمر الذى تقدم وضعه، ولذلك تضل السائلين هذه الأشياء مرارا كثيرا ضلالة ليست باليسيرة.

فالأقاويل التى تكون من اللوازم ومن التى توضع فيها علة ما ليس بعلة هى أمثال هذه. — فأما التى تكون من تصيير السؤالين شؤالا واحدا فإنما تضل إذا كانت المسائل كثيرة فأجيب عنها كأنها سؤال واحد.

فأما فى بعض الأمور فليس يسهل الوقوف على أنها كثيرة، ويمتنع من الإجابة عنها. مثال ذلك: هل الأرض هى البحر أم السماء؟ وهذا فى بعض الأشياء أقل وكأنها أمر واحد، فإما اعترفوا بأنهم لا يجيبون عما عنه كانت المسئلة، وإما أن يظهر أنهم قد بكتوا — مثال ذلك: أترى هذا وهذا هما إنسان — فإذاً إن ضرب ضارب هذا وهذا فقد ضرب الإنسان، إلا أنه لم يضرب الناس. وأيضا بعض هذه الأشياء هى خيرات وبعضها ليست خيرات، فما حال جميعها: أخيرات هى أم ليست خيرات؟ فبأى شىء أجاب من هذين فإنه يكون أحيانا كالمبكت وكالذى يظن أنه قد أظهر كذبا. وذلك أنا إن قلنا فى شىء من هذه التى ليست خيرات إنه خير، أو فى شىء من الخيرات إنه ليس بخير، هو كذب، فإن كان قد أخذ زيادة ما، فإن التبكيت يكون صحيحا — مثال ذلك أنه إن سلم الإنسان أن القول فى الواحد وفى الكثيرين إنهم بيض فإنهم عراة، وإنهم عمى يكون على مثال واحد بعينه. فإن كان الأعمى هو الذى لا بصر له فى الوقت الذى من شأنه أن يوجد له، فإن العمى يكونون الذين لا بصر لهم فى الوقت الذى من شأنه أن يوجد لهم. فإن كان موجودا لبعضهم وغير موجود لبعضهم، فإن القسمين جميعا يلزم أن يكونا مبصرين أو عميا، وهذا غير ممكن.