Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: De Sophisticis Elenchis (On Sophistical Refutations)

〈أنواع تجاهل المطلوب〉

وأيضا فإن المبرهن ليس له إما أن يضع أو أن يرفع بالسوية، بل ذلك للذى يمتحن. وذلك أن الامتحان جزء من صناعة الجدل، ولهذه العلة يكون نظرها فى هذه المعانى، وذلك أن نظرها ليس هو مع العالم، بل مع الذى لا يعلم ويظن ذلك به. — فأما الذى ينظر فى الأمر من قبل الأشياء العامية فهو جدلى. والذى يظهر أنه قد فعل مثل هذا الفعل هو سوفسطائى. — وأما القياس المرائى والسوفسطائى فهما واحد يظن أنه قياسى — ومن أجلهما تكون الجدلية هى الممتحنة. فإن كانت النتيجة صادقة والقياس الذى يكون على «لم الشىء» هو الطالب و〈ثانيا〉 جميع التضليلات هى التى ليست بحسب المحصول لا واحدة من الصنائع، ويظن أنها بحسب الصناعة. وذلك أن هذه الرسوم الكاذبة ليست غير مرائية (إلا أن سوء القياس إنما يكون من الأمور المرتبة تحت الصناعة)، فإن الرسم الكاذب ليس يؤدى إلى الحق — ومثال ذلك تربيع الدائرة، لا الذى عمله بقراط بالأشكال الهلالية؛ بل كما ربع بروسن الدائرة بالمربعات، إن كانت الدائرة مما يربع، إلا أنه ليس بحسب الصناعة. ولهذه العلة يكون قياسه سوفسطائيا. فإذا كان القياس إنما يظن موجودا من أمثال هذه الأشياء، فإن القول يكون مرائيا فأما الذى يظن أنه قياس بحسب الأمر، وإن كان ذلك القياس قولا مرئيا

فقد يظهر أنه موجود بحسب الأمر، فهو إذن مطالب وجائر. وكما أن للجور فى الجهاد صورة ما وهى الجور فى مخاصمة ما، فكذلك يكون الجور فى المخاصمة التى تكون فى مضادة القول هو المراء: وذلك أن الذين يحبون الغلبة لا محالة هناك معرضون لأن يلقوا كل شىء؛ فكذلك الممارون ها هنا. فهؤلاء الذين غرضهم كما قلنا الغلبة قد يظن أنهم القوم الممارون المحبون للشغب، وهؤلاء من أجل المديح الحاصل بالألقاب السوفسطائية: وذلك أن السوفسطائية هى — كما قلنا — أمر ما له لقب من الحكمة المظنونة؛ ولهذه العلة يشتاقون ما يظن برهانا. وأقاويل الممارين والمغالطين واحدة بعينها؛ إلا أنها ليست لأسباب واحدة بأعيانها؛ والقول الواحد بعينه قد يكون سوفسطائيا ومرائيا، لكن لا من جهة واحدة بعينها: لكنه إذا قصد به لأن يظن غالبا فهو مرائى؛ وإذا قصد لأن يظن حكيما فهو سوفسطائى، وذلك أن معنى السوفسطائية هى حكمة ما مظنونة من غير أن تكون كذلك. وحال المرائى فى بعض المواضع عند الجدلى كحال الذى يرسم الخطوط على خلاف الحق عند المهندس، وذلك أن الجدلى يقيس من تلك الأمور بأعيانها وهذه فقياسها فاسد، وهذه هى حال الذى يرسم الخطوط على خلاف الواجب عند المهندس. إلا أن ذاك ليس مماريا، لأنه يرسم الخطوط على خلاف الواجب من مبادئ ونتائج مرتبة تحت الصناعة. وهذا المرتب تحت صناعة الجدل فمعلوم أنه بالقياس إلى هذه الأمور الأخر يكون مرائيا — مثال ذلك تربيع الدائرة الكائن بالأشكال الهلالية غير مرائى، والمرائى هو الذى عمله بروسن. فأما ذاك فليس لنا أن نرفعه إلا إلى الهندسة فقط، لأنه من مبادئها الخاصية؛ والآخر فقد يرفعه إلى أشياء كثيرة القوم الذين لا يعرفون الممكن والممتنع فى كل واحد من الأمور. وذلك أن تربيع الدائرة على مذهب أنطيفن أوفق من قول القائل إن المشى بعد العشاء فضل، بسبب قول زينن، الذى لم يقل بحسب صناعة الطب لأنه قيل على العموم. فإن كانت حال المرائى عند الجدلى كحال الذى يرسم الخطوط على خلاف الحق بعينها

لا محالة فإنه لا يكون لهذا السبب مماريا. فأما الآن فالجدلى ليس هو نحو جنس ما محدود ولا مبرهن لشىء أصلا؛ وليس يجرى مجرى الكلى فى هذه الحال: وذلك أن ليس جميعها تحت جنس ما، ولا يمكن أن تكون هذه الموجودات محصورة فى مبادىء واحدة بأعنانها. فولا واحدة من الصنائع إذن اللواتى تبرهن شيئا ما تستعمل السؤال، وذلك لأن ليس لها أن تعطى أى جزء اتفق: من قبل أن القياس لا يكون منهما. فأما صناعة الجدل فلها أن تسأل وأن تثبت فليس تفعل ذلك وجميع الأشياء، بل فى الأمور المتقدمة، وليس تسأل عن المبادىء الخاصية: فليس لها أيضا أن تأتى بقول فيه مقاومة، ما لم يسلم لها. — وهذه هى حال الصناعة المجربة؛ وليس إنما للصناعة الممتحنة هى بهذه الحال كالهندسة، بل هى التى لها أن تختبر ومن لا يعلم. وذلك أن للذى لا يعرف الأمر أن يختبر من لا يعرفه؛ وله مع ذلك أن يجيب لا من الأشياء التى قد عرفها، ولا من الأمور الخاصية، بل جميع الأمور الموجودة على هذا النحو تكون من اللوازم. فهذه الأشياء أما عند من يعلم فليس يمنع مانع أن تكون من غير عارف بالصناعة؛ والذى لا يعلم فليس من الاضطرار ألا يعلم. فظاهر إذن أن الصناعة الممتحنة ليست من أجل شىء محدود؛ فإنها من أجل جميع الأشياء: وذلك أن جميع الصنائع تستعمل الأمور العامية. ولهده العلة يستعمل من لا علم له صناعة الجدل وصناعة الامتحان بجهة ما، لأن جميعهم يروم الحكم على الضامنين إلى حد ما. وهذه هى أمور مشتركة؛ وذلك أن ليس معرفة هؤلاء بتلك الأشياء — وإن كانوا يظنون أنهم يقولون قولا خارجا عن الأمر جدا — دون معرفة غيرهم. فليس جميعهم إذن يبكتون، لأن اشتراكهم ليس هو على طريق الصناعة؛ وذلك أن هذه الحيلة جدلية؛ والمجرب الذى يستعمل الصناعة القياسية هو جدلى. ولأن هذه المعانى الموجودة للكل كثيرة، وليس جميعها موجودة كأنها طبيعة ما أو جنس، بل على جهة السلب؛ وهذا ليس فى جميع هذه

بل فى أشياء خاصة: فلنا أن نستعمل التجربة فى جميع هذه الأشياء، ونصير صناعة ما ليست كصناعة المبرهنين. ولهذه العلة لا يكون الممارى هو الذى حاله لا محالة كحال الذى يرسم الخطوط على الكذب؛ وذلك أن التضليل ليس يكون من جنس ما للمبادئ محدود، بل المراد موجود فى كل جنس.

فهذه هى المواضع التى منها تؤخذ التبكيتات السوفسطائية. ولأن صناعة الجدل هى التى تستعمل النظر، فلذلك ما يكون النظر ليس بعسير، وذلك أن جميع هذا النظر أنما يقصد قصد المقدمات.