Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

تفسير القول الثانى من كتاب أرسطاطاليس الفيلسوف فى طبائع الحيوان

〈أعضاء الحيوان وحركته. وصف عدة أنواع منه〉

إن بعض أجزاء الحيوان متشابهة متفقة، كما قلنا فيما سلف. وذلك يكون فى أصناف الحيوان [٢٧] التى تشترك بالأجناس. وبعض أعضاء الحيوان مختلفة بقدر اختلاف أجناسها، كما قلنا فيما سلف مراراً شتى. فجميع الحيوان المختلف بالأجناس يكون مختلفاً بصورة الأعضاء أكثر ذلك. وربما كان الاختلاف بالملاءمة فقط.

فلجميع الحيوان، الذى له أربعة أرجل وهو يلد حيواناً، من الأعضاء: رأس، وعنق، وأعضاء الرأس. وصورة أعضاء كل واحد منها مخالف لغيره. فإن عظم عنق الأسد واحد متصل ليس فيه شىء من الخرز؛ فأما جميع جوفه فهو شبيه بجوف الكلب.

وللحيوان الذى له أربعة أرجل ويلد حيواناً — بدل يدى الإنسان: الرجلان المقدمتان. وما كان منها مشقوق الرجلين المقدمتين له أصابع، فهو يستعملها كما يستعمل الإنسان يده فى أشياء كثيرة. وليست الرجل المقدمة اليسرى من أرجل الحيوان مرسلة سهلة الحركة، مثل يد الإنسان اليسرى بأدون ذلك؛ ما خلا الفيل فليس أصابع رجليه مفصلة تفصيلاً بيناً كتفصيل أصابع أرجل سائر الحيوان. ورجلاه المقدمتان أعظم من المؤخرتين كثيراً. وله خمسة أصابع فى الرجلين المؤخرتين، وله كعبان صغيران بقدر قياس عظم جسمه. وله خرطوم طويل يستعمله بقدر استعمال الإنسان يديه، وبه يتناول الطعم والشرب ويؤديه إلى فيه ويؤدى به إلى راكبه وسائسه ما أراد. وبخرطومه أيضاً يقلع الشجر بأصولها، وإذا سبح فى الماء يرفع خرطومه ويتقمع ويلقى الماء. وذلك الخرطوم مخلوق من غضروف. وليس فى الحيوان شىء يكون له يميناً، أعنى يستعمل اليد اليسرى كما يستعمل اليد اليمنى، ما خلا الإنسان.

ولجميع الحيوان عضو ملائم لقدر الإنسان، ولكن ليس هو شبيهاً به، لأن الإنسان عريض الصدر، فأما سائر الحيوان فضيق الصدر. وليس لشىء من الحيوان ثديان فى مقدمه ما خلا الإنسان. وأما الفيل فله ثديان اثنان ولكن ليس هما فى صدره.

〈حركة الأعضاء〉

فأما انثناء يدى ورجلى الإنسان فربما كان ذلك فى بعض الحيوان مختلفاً أيضاً، ما خلا الفيل. وما كان من الحيوان [الذى] له أربعة أرجل وهو يلد حيواناً مثله فهو يثنى الرجلين المقدمتين إلى ما بين [٢٨] يديه، ويثنى الرجلين المؤخرتين إلى خلفه. فأما الفيل فإنه يجلس وهو يثنى رجليه، ولكن لا يقوى على أن يثنى الأربعة الأرجل، لحال ثقل جثته، بل يتوكأ على جانبه الأيسر أو الأيمن وينام وجسده على مثل هذا الشكل. وهو يثنى الرجلين المؤخرتين مثل الإنسان.

فأما الحيوان الذى له أربعة أرجل الذى يبيض بيضاً، مثل السام أبرص والجرذون وهى العظاية وما يشبه هذا الصنف فإنه يثنى جميع أرجله إلى ما بين يديه ويميلها إلى جانب واحد. وكذلك يفعل جميع الحيوان الذى له أرجل كثيرة. فأما الإنسان فإنه يثنى رجليه قبالته، أعنى إلى ما بين يديه إلى داخل ويميل ذلك الانثناء إلى ناحية صدره قليلاً ويثنى رجليه إلى ما بين يديه أيضاً. وليس فى الحيوان شىء يثنى رجليه المقدمتين والمؤخرتين إلى ما خلف جميعاً ألبتة. فأما انثناء اليد التى تكون فى ناحية مفصل المنكبين فهو على خلاف انثناء المرفقين والساقين وناحية الفخذين فلأن الإنسان يثنى هذه الأماكن على خلاف انثناء سائر أطراف جميع الحيوان الذى له مفاصل عند منكبه يثنى تلك الأماكن على خلاف انثناء بقية أعضائه.

وكذلك يفعل جميع أجناس الطير: فإنها تثنى رجليها إلى خلف، وتثنى أجنحتها التى صارت لها مكان التدبر إلى مقدمها. فأما الحيوان البحرى الذى يسمى فوقى، فإنه مثل الحيوان ذى الأربعة الأرجل مضروراً من قبل طباعه، لأن رجليه تعد مراجع أكتافه وهى تشبه اليدين، لأنها مثل أيدى الدواب. ولرجليه خمسة أصابع، وفى كل إصبع ثلاثة مفاصل تثنى. وفى آخر كل إصبع من أصابعه ظفر ليس بكبير. وأما رجلاه المؤخرتان فلهما خمسة أصابع ومفاصل وأظفار. وانثناؤهما يكون مثل انثناء الرجلين المقدمتين. فأما شكل رجليه فإنه شبيه بأذناب السمك.

فأما حركات أصناف الحيوان فمختلفة. ومنها ما إذا شاء حرك مرةً الرجل اليمنى المقدمة أولاً، ومرةً الرجل اليسرى المقدمة أولاً. ومنها ما يقدم الرجل اليمنى المقدمة أبداً، مثل الأسد والجمال البخاتى والعراب.

〈خصائص أخرى: الشعر〉

ولعامة [٢٩] الحيوان الذى له أربعة أرجل: أذناب؛ وكذلك للحيوان البحرى الذى يسمى فوقى ذنب صغير شبيه بذنب الأيل. وسنصف، فيما يستأنف، حال أجناس الحيوان التى صورتها صورة قرود.

والحيوان الذى له أربعة كثير الشعر فى كل جسده. وليس شىء منه مثل الإنسان مكشوف الجسد قليل الشعر قصير الشعر، ما خلا الرأس: فإن رأس الإنسان كثير الشعر طويله أكثر من جميع الحيوان. ومقدم كل حيوان ذى شعر كثير الشعر، ومؤخره أملس أو قليل الشعر، فأما الإنسان فعلى خلاف ذلك. وفى الشفرين من أشفار عين الإنسان شعر، أعنى الشفر الأعلى والشفر الأسفل. وفى إبطيه وموضع العانة شعر. فأما سائر الحيوان فليس له شعر فى الأماكن التى ذكرنا، ما خلا الشفر الأعلى؛ فأما الشفر الأسفل فليس له شعر. ولكن ربما كان شعر نابت تحت الشفر الأسفل. وبعض الحيوان الذى له أربعة أرجل وله شعر — أزب الجسد كله، مثل شعر الخنزير والدب والكلب. وبعض الحيوان أزب كثير الشعر فيما يلى مقدم العنق، وهو الحيوان الذى له ناصية، مثل الأسد وما أشبهه. وبعض الحيوان أزب فيما يلى مقدم العنق إلى ناحية الرأس وأطراف الكتفين، مثل جميع ما له عرف، أعنى الفرس والبغل، ومن الحيوان البحرى مما له قرون مثل البقر البرى. والحيوان الذى يسمى فرس أيل فإن فى ناحية طرف أكتافه شعراً، والفهد وما يشبه صنفه؛ وللحيوان الذى يسمى فرس أيل شعر تحت حلقه شبيه بلحية، وله قرون، ولرجليه أظلاف. فأما الإناث من هذا الصنف فليس لها قرون. وعظم جسد هذا الحيوان كعظم جسد الأيل، وهو يكون فى البلدة التى تسمى باليونانية أرخوطاس، حيث يكون البقر البرى كثيراً أيضاً. وبين البرى والأنسى منها خلاف، بقدر الخلاف الذى بين الخنزير الأنيس، والبرى، وهى سوداء لها منظر قوى جداً، ووجوهها إلى الميولة ما هى، وقرونها مائلة إلى خلف. فأما قرون الحيوان الذى يسمى فرس أيل فقريبة [٣٠] من قرون الغزال فى المنظر. فأما شعر أذناب الحيوان فمختلف أيضاً بالكثرة والقلة والصغر والعظم.

فأما الجمال فلها عضو خاص ليس يكون فى سائر الحيوان، أعنى السنام الذى يكون على ظهرها. ولبعض النجاتى سنامان، وربما تركب الجمال على أسنمتها إذا هى أناخت. ولإناث الجمال أربعة ثدى، مثل البقر. وللجمال أذناب مثل أذناب الحمير. فأما محاشمها فخلف. وفى كل رجل من أرجل الجمل ركبة؛ وفى ذلك المكان تنثنى الرجل. وفى كل كعب شبيه بكعب رجل البقر، لأنه صغير بقدر عظم الجثة. وهو سمج المنظر. وأرجل الجمل مشقوقة باثنين، وليس لها أسنان فى الفك الأعلى، بل فى الفك الأسفل. ومؤخر رجليها مشقوق شقاً يسيراً. وفيما بين شقوق رجليها جلد شبيه بالجلد الذى بين شقوق رجلى الإوز. وما تحت رجليه كثير اللحم، مثل كثرة لحم أرجل الدب. ولذلك يلبسون رجل الجمل بجلود قوية شبيهة بخفاف إذا انطلقوا بها إلى بلدة بعيدة و〈إذا〉 أصابعها تعبت وكلت وتوجعت.

وأرجل جميع الحيوان التى لها أربعة أرجل مخلوقة من عظم وعصب ولحم يسير. وسائر الحيوان الذى له رجلان كمثل، ما خلا الإنسان. وأرجل أصناف الطير كمثل. وأما الإنسان فعلى خلاف ذلك، لأن رجليه كثيرتا اللحم، ولا سيما فيما يلى الوركين والفخذين وبطون الأسوق.

وبعض الحيوان الذى له أربع أرجل وله دم: فذلك الحيوان مشقوق أطراف الأرجل، مثل الإنسان فإنه مشقوق أطراف اليدين والرجلين بأصابع. وعلى هذه الصفة: الأسد والفهد وما يشبه هذا الصنف. وبعض الحيوان الذى ذكرنا مشقوق الرجلين بجزئين وفى أطراف ذينك الشقين أظلاف بدل الأظافير، مثل العنز والشاة والأيل والفرس النهرى. وبعض الحيوان ليس بمشقوق الرجلين، وله فى طرف كل رجل حافر، مثل حافر الفرس والبغل والحمار وما يشبه هذا الصنف. فأما جنس الخنازير فمختلف: لأن فى البلدة التى تسمى باليونانية 〈ألوريا〉 والتى تسمى باؤنيا وفى بلدان أخر خنازير ليس لها فى كل رجل إلا ظلف واحد، وفى غيرها من البلدان [٣١] خنازير لها فى كل رجل ظلفان. وكل ما كان مشقوق مقدم الرجلين بظلفين فهو جزء رجله أيضاً مشقوق. وكل ما كان مقدم حافره متصلاً فما خلفه أيضاً متصل.

ولبعض الحيوان قرون، وليس لبعضها قرون. وكثير من الحيوان ذوات القرون مشقوقة الأظلاف من قبل الطباع، مثل الثور والأيل والعنز والشاة. ولم يظهر قط حيوان له قرنان ليس بمشقوق الأظلاف. فأما الحيوان الذى له قرن واحد وحافر واحد فى كل رجل: فقليل، مثل الحمار الهندى. فأما الحيوان الذى يسمى باليونانية أرقص فله قرن واحد وظلفان فى كل رجل. وفى رجلى هذا الحيوان كعاب أيضاً. فأما الخنزير فهو مشارك فى بعض الأوقات: وفى خلقة الأظلاف، ومخالف فى بعضها كما ذكرنا آنفاً. وفى رجلى كثير من الحيوان المشقوق الرجلين بجزئين كعاب. ولم يوجد حيوان مشقوق الرجلين بأجزاء كثيرة فيها كعب، مثل الإنسان وغيره. فأما الحيوان الذى يسمى لونقس، ففى أسفل رجليه شىء شبيه بنصف كعب، وإنما تكون الكعاب فى الرجلين اللتين خلف. والكعب يكون قائماً ويكون بطنه مائلاً إلى خارج وظهره مائلاً إلى داخل. وأعماق الكعبين مائلة بعضها إلى بعض. فأما نواحيها التى تسمى وركين فمائلة إلى خارج. وأطرافها الناتئة تكون فى الناحية العليا. فبهذا النوع يكون وضع الكعاب فى أرجل جميع الحيوان الذى له كعاب.

وبعض الحيوان مشقوق الرجلين بظلفين وله ناصية وقرون معقفة إلى داخل كل واحد منها مائلاً إلى الآخر، مثل البقر البرى 〈الذى يعيش فى باؤنيا وميديا〉. وجميع الحيوان الذى له قرون ذو أربعة أرجل، ما خلا الحيوان الذى يقال إن له قروناً بنوع الاستحالة، مثل الحيات التى تكون فى ناحية البلدة التى تسمى باليونانية ثيباس، كما يزعم أهل مصر. وإنما تلك التى تظن قروناً نتوء جاس فى رءوسها شبيه بالقرون. وجميع قرون الحيوان مجوفة، ما خلا قرون الأيل فإنها صلبة ليس فيها شىء من التجويف. فأما سائر القرون فمجوفة فى جزء من أجزائها، وما كان من أطرافها فصلب، وما كان [من ماىىا (!)] لاصقاً بالجلد فهو مجوف 〈وأما ما يدور حوله — أعنى المادة الصلبة — فناشىء من العظام: وتلك حال قرون الثيران〉. وليس يلقى القرون شىء من الحيوان الذى له قرون ما خلا الأيل فقط، فإنه يلقيها كل عام مرةً. ويكون [٣٢] ابتداء ذلك إذا كان الأيل ابن سنتين، ثم تنبت له قرون أيضاً. فأما سائر الحيوان الذى له قرون فليس يلقى منها شيئاً، إن لم تصبه آفة من الآفات.

〈ترتيب الثدى〉

ووضع الثدى أيضاً مختلف فى سائر الحيوان إذا قيس بعضه إلى بعض وإلى الإنسان. والآلة الموافقة للجماع والسفاد مختلفة أيضاً. وذلك لأن ثدى بعض الحيوان فى صدورها أو قريب منها، وليس لها إلا ثديان وحلمتان، مثل المرأة والفيل، كما قلنا فيما سلف، فإن للفيل ثديين قريبين من إبطيه؛ وثديا الفيل الأنثى صغيران جداً ليسا بملائمين لعظم جثتها، ولذلك لا يظهر من أحد جانبيها. ولذكورة الفيلة ثديان أيضاً، مثل ثدى الإناث صغيران جداً. فأما الدب فله أربعة ثدى ولبعض الحيوان ثديان وحلمتان فيهما مثل جميع الضأن. ولبعض الحيوان أربع حلمات: فى كل ثدى حلمتان، مثل البقر. فأما بعض الحيوان فثديها ليست قريبةً من إبطيها ولا قريبة من فخذيها، مثل الكلبة والخنزير، فإنها كثيرة. فأما إناث الفهود فلها فى بطونها أربعة ثدى. وأما اللبوءة فلها فى بطنها ثديان فقط، وهما صغيران لا يلائمان عظم جثة جسدها. وللناقة ثديان وأربع حلمات، مثل إناث البقر. فأما ذكورة الحيوان الذى له حوافر فليس له ثديان، ما خلا الذكورة التى تشبه أمها، وذلك يعرض فى الخيل.

〈وضع أعضاء التناسل〉

ومذاكير بعض الحيوان داخلة أجسادها، مثل الدلفين وما يشبهه. وهذه المذاكير فى بعض الحيوان مرسلة مع الأنثيين أيضاً، مثل الإنسان؛ وبعضها لاصقة ببطونها. ومنها ما هو مرسل قليلاً، وما هو مرسل أكثر من ذلك — فذلك فيها مختلف مثل ما يعرض للخنزير البرى والفرس. ووضع ذكر الفيل شبيه بوضع ذكر الفرس، ولكنه صغير وليس بملائم لعظم جثته. وليست انثياه خارجة ظاهرةً، بل داخلة قريبة من كليتيه. ولذلك هو سريع السفاد 〈ورحم الأنثى يوجد حيث يوجد ضرع الشاة. وحين الشبق ترفعه وتوجهه إلى الخارج لتسهل على الذكر الإيلاج. والرحم يتمدد كثيراً〉.

فهذا حال وضع مذاكير الحيوان واختلافه. وبعض الحيوان يبول إلى خلف مثل الأسد. والجمل 〈والأرنب البرى〉 وغير ذلك مما يشبهها. [٣٣] فأما جميع إناث الحيوان فهى تبول إلى خلف.

وفى خلقة مذاكير الحيوان اختلاف كثير، لأن ذكر بعضها من لحم وغضروف مثل الإنسان: الذى ينقبض وينتفخ منه الغضروف وليس اللحم الذى فيه. وذكر بعض الحيوان من عصب، مثل الجمل والأيل. وذكر بعضها من عظم، مثل الذئب والثعلب وما يشبهها.

وأيضاً إذا كمل الإنسان تكون الناحية العليا من جسده أقل من الناحية السفلى؛ فأما سائر الحيوان فعلى خلاف ذلك. وإنما تسمى الناحية العليا من الجسد: الجزء الذى من الرأس إلى أماكن مخرج الفضول. وما كان من هناك إلى أطراف الرجلين فهو يسمى الناحية السفلى. فإذا كان الإنسان حدثاً، تكون ناحية جسده العليا أعظم من السفلى. وإذا كبر، فيكون على خلاف ذلك. وهذه هى علة اختلاف سيره وحركته إذا كان جسده فى زيادة، وإذا كمل، وإذا ولى. فإن الصبى أول ما يتحرك يمشى على يديه ورجليه، ثم يقيم صلبه قليلاً قليلاً حتى يقوى. فإذا طعن فى السن ينحنى أيضاً. فأما بعض الحيوان، فإن أعلى جسده يكون أولاً أصغر، وأسفل جسده أعظم. فإذا نشأ يكون على خلاف ذلك، أعنى يكون أسفله أصغر من أعلاه، مثل جميع الحيوان ذوات الأذناب والنواصى، فإن أسفلها أصغر من أعلاها بعد أن تكمل.

〈الفروق المتعلقة بالأسنان〉

وفى أسنان الحيوان اختلاف كثير أيضاً. ولجميع الحيوان الذى له أربعة أرجل وهو يلد حيواناً مثله: أسنان. ولبعضها أسنان فى الفك الأعلى والفك الأسفل. ولبعضها على خلاف ذلك، من قبل أنه ليس لها مقاديم الأسنان فى الفك الأعلى. ومنها ما هو على هذه الحال، وليس له قرون، مثل الجمل. ولبعض الحيوان نابان، مثل ذكورة الخنازير. وليس لبعضها أنياب. وأيضاً بعض الحيوان حاد الأسنان مختلف الوضع مطبق على بعض، مثل الأسد والفهد والكلب. وأسنان بعضها على خلاف ذلك، مثل الفرس والثور. وليس يكون شىء من الحيوان له ناب وقرون ولا حاد الأسنان كما ذكرنا وله قرن، بل يكون له شىء واحد مما ذكرنا فقط. [٣٤] ومقاديم أسنان كثير من الحيوان حادة، وأسنانه الداخلة عريضة ليست بحادة. فأما الحيوان البحرى المسمى بفوقى فإن جميع أسنانها حادة مختلفة يطبق بعضها على بعض فإن جنسه جنس غير مخالف لجنس السمك، فإن جميع السمك حاد الأسنان.

وليس فى هذه الأجناس التى وصفنا من أجناس الحيوان شىء له صفان من صفوف الأسنان. فأما إن كان ينبغى لنا أن نصدق قول أقطسياس فهو يزعم فى بعض كتبه أن فى أرض الهند سبعاً يسمى باليونانية مارطيخورس وأن له ثلاثة صفوف من الأسنان فى الفك الأعلى والفك الأسفل، وأن عظمه كعظم الأسد، كثير الشعر مثله، ورجلاه شبيهتان برجل الأسد؛ فأما وجهه وعيناه وأذناه فشبيهة بوجه الإنسان. وهو أشهل العينين. وأما لونه فشديد الحمرة، شبيه بالزنجفر، وذنبه شبيه بحمة العقرب البرى، وفى ذنبه حمة 〈وأسنان يطلقها كالسهام〉؛ وصوته عظيم شبيه بصوت زمارة 〈وبوق معاً〉؛ وهو سريع الجرى مثل جرى الأيلة. وهو برى، يأكل الناس.

فأما الإنسان فإنه يلقى أسنانه وغيره من الحيوان أيضاً مثل الفرس والبغل والحمار. وإنما يلقى الإنسان مقاديم أسنانه، فأما الأضراس، فلا. وليس فى الحيوان شىء يلقى الأضراس. وأما الخنزير فليس يلقى شيئاً من أسنانه ألبتة.

تفسير القول الثانى من كتاب أرسطاطاليس الفيلسوف فى طبائع الحيوان

〈أعضاء الحيوان وحركته. وصف عدة أنواع منه〉

إن بعض أجزاء الحيوان متشابهة متفقة، كما قلنا فيما سلف. وذلك يكون فى أصناف الحيوان [٢٧] التى تشترك بالأجناس. وبعض أعضاء الحيوان مختلفة بقدر اختلاف أجناسها، كما قلنا فيما سلف مراراً شتى. فجميع الحيوان المختلف بالأجناس يكون مختلفاً بصورة الأعضاء أكثر ذلك. وربما كان الاختلاف بالملاءمة فقط.

فلجميع الحيوان، الذى له أربعة أرجل وهو يلد حيواناً، من الأعضاء: رأس، وعنق، وأعضاء الرأس. وصورة أعضاء كل واحد منها مخالف لغيره. فإن عظم عنق الأسد واحد متصل ليس فيه شىء من الخرز؛ فأما جميع جوفه فهو شبيه بجوف الكلب.

وللحيوان الذى له أربعة أرجل ويلد حيواناً — بدل يدى الإنسان: الرجلان المقدمتان. وما كان منها مشقوق الرجلين المقدمتين له أصابع، فهو يستعملها كما يستعمل الإنسان يده فى أشياء كثيرة. وليست الرجل المقدمة اليسرى من أرجل الحيوان مرسلة سهلة الحركة، مثل يد الإنسان اليسرى بأدون ذلك؛ ما خلا الفيل فليس أصابع رجليه مفصلة تفصيلاً بيناً كتفصيل أصابع أرجل سائر الحيوان. ورجلاه المقدمتان أعظم من المؤخرتين كثيراً. وله خمسة أصابع فى الرجلين المؤخرتين، وله كعبان صغيران بقدر قياس عظم جسمه. وله خرطوم طويل يستعمله بقدر استعمال الإنسان يديه، وبه يتناول الطعم والشرب ويؤديه إلى فيه ويؤدى به إلى راكبه وسائسه ما أراد. وبخرطومه أيضاً يقلع الشجر بأصولها، وإذا سبح فى الماء يرفع خرطومه ويتقمع ويلقى الماء. وذلك الخرطوم مخلوق من غضروف. وليس فى الحيوان شىء يكون له يميناً، أعنى يستعمل اليد اليسرى كما يستعمل اليد اليمنى، ما خلا الإنسان.

ولجميع الحيوان عضو ملائم لقدر الإنسان، ولكن ليس هو شبيهاً به، لأن الإنسان عريض الصدر، فأما سائر الحيوان فضيق الصدر. وليس لشىء من الحيوان ثديان فى مقدمه ما خلا الإنسان. وأما الفيل فله ثديان اثنان ولكن ليس هما فى صدره.

〈حركة الأعضاء〉

فأما انثناء يدى ورجلى الإنسان فربما كان ذلك فى بعض الحيوان مختلفاً أيضاً، ما خلا الفيل. وما كان من الحيوان [الذى] له أربعة أرجل وهو يلد حيواناً مثله فهو يثنى الرجلين المقدمتين إلى ما بين [٢٨] يديه، ويثنى الرجلين المؤخرتين إلى خلفه. فأما الفيل فإنه يجلس وهو يثنى رجليه، ولكن لا يقوى على أن يثنى الأربعة الأرجل، لحال ثقل جثته، بل يتوكأ على جانبه الأيسر أو الأيمن وينام وجسده على مثل هذا الشكل. وهو يثنى الرجلين المؤخرتين مثل الإنسان.

فأما الحيوان الذى له أربعة أرجل الذى يبيض بيضاً، مثل السام أبرص والجرذون وهى العظاية وما يشبه هذا الصنف فإنه يثنى جميع أرجله إلى ما بين يديه ويميلها إلى جانب واحد. وكذلك يفعل جميع الحيوان الذى له أرجل كثيرة. فأما الإنسان فإنه يثنى رجليه قبالته، أعنى إلى ما بين يديه إلى داخل ويميل ذلك الانثناء إلى ناحية صدره قليلاً ويثنى رجليه إلى ما بين يديه أيضاً. وليس فى الحيوان شىء يثنى رجليه المقدمتين والمؤخرتين إلى ما خلف جميعاً ألبتة. فأما انثناء اليد التى تكون فى ناحية مفصل المنكبين فهو على خلاف انثناء المرفقين والساقين وناحية الفخذين فلأن الإنسان يثنى هذه الأماكن على خلاف انثناء سائر أطراف جميع الحيوان الذى له مفاصل عند منكبه يثنى تلك الأماكن على خلاف انثناء بقية أعضائه.

وكذلك يفعل جميع أجناس الطير: فإنها تثنى رجليها إلى خلف، وتثنى أجنحتها التى صارت لها مكان التدبر إلى مقدمها. فأما الحيوان البحرى الذى يسمى فوقى، فإنه مثل الحيوان ذى الأربعة الأرجل مضروراً من قبل طباعه، لأن رجليه تعد مراجع أكتافه وهى تشبه اليدين، لأنها مثل أيدى الدواب. ولرجليه خمسة أصابع، وفى كل إصبع ثلاثة مفاصل تثنى. وفى آخر كل إصبع من أصابعه ظفر ليس بكبير. وأما رجلاه المؤخرتان فلهما خمسة أصابع ومفاصل وأظفار. وانثناؤهما يكون مثل انثناء الرجلين المقدمتين. فأما شكل رجليه فإنه شبيه بأذناب السمك.

فأما حركات أصناف الحيوان فمختلفة. ومنها ما إذا شاء حرك مرةً الرجل اليمنى المقدمة أولاً، ومرةً الرجل اليسرى المقدمة أولاً. ومنها ما يقدم الرجل اليمنى المقدمة أبداً، مثل الأسد والجمال البخاتى والعراب.

〈خصائص أخرى: الشعر〉

ولعامة [٢٩] الحيوان الذى له أربعة أرجل: أذناب؛ وكذلك للحيوان البحرى الذى يسمى فوقى ذنب صغير شبيه بذنب الأيل. وسنصف، فيما يستأنف، حال أجناس الحيوان التى صورتها صورة قرود.

والحيوان الذى له أربعة كثير الشعر فى كل جسده. وليس شىء منه مثل الإنسان مكشوف الجسد قليل الشعر قصير الشعر، ما خلا الرأس: فإن رأس الإنسان كثير الشعر طويله أكثر من جميع الحيوان. ومقدم كل حيوان ذى شعر كثير الشعر، ومؤخره أملس أو قليل الشعر، فأما الإنسان فعلى خلاف ذلك. وفى الشفرين من أشفار عين الإنسان شعر، أعنى الشفر الأعلى والشفر الأسفل. وفى إبطيه وموضع العانة شعر. فأما سائر الحيوان فليس له شعر فى الأماكن التى ذكرنا، ما خلا الشفر الأعلى؛ فأما الشفر الأسفل فليس له شعر. ولكن ربما كان شعر نابت تحت الشفر الأسفل. وبعض الحيوان الذى له أربعة أرجل وله شعر — أزب الجسد كله، مثل شعر الخنزير والدب والكلب. وبعض الحيوان أزب كثير الشعر فيما يلى مقدم العنق، وهو الحيوان الذى له ناصية، مثل الأسد وما أشبهه. وبعض الحيوان أزب فيما يلى مقدم العنق إلى ناحية الرأس وأطراف الكتفين، مثل جميع ما له عرف، أعنى الفرس والبغل، ومن الحيوان البحرى مما له قرون مثل البقر البرى. والحيوان الذى يسمى فرس أيل فإن فى ناحية طرف أكتافه شعراً، والفهد وما يشبه صنفه؛ وللحيوان الذى يسمى فرس أيل شعر تحت حلقه شبيه بلحية، وله قرون، ولرجليه أظلاف. فأما الإناث من هذا الصنف فليس لها قرون. وعظم جسد هذا الحيوان كعظم جسد الأيل، وهو يكون فى البلدة التى تسمى باليونانية أرخوطاس، حيث يكون البقر البرى كثيراً أيضاً. وبين البرى والأنسى منها خلاف، بقدر الخلاف الذى بين الخنزير الأنيس، والبرى، وهى سوداء لها منظر قوى جداً، ووجوهها إلى الميولة ما هى، وقرونها مائلة إلى خلف. فأما قرون الحيوان الذى يسمى فرس أيل فقريبة [٣٠] من قرون الغزال فى المنظر. فأما شعر أذناب الحيوان فمختلف أيضاً بالكثرة والقلة والصغر والعظم.

فأما الجمال فلها عضو خاص ليس يكون فى سائر الحيوان، أعنى السنام الذى يكون على ظهرها. ولبعض النجاتى سنامان، وربما تركب الجمال على أسنمتها إذا هى أناخت. ولإناث الجمال أربعة ثدى، مثل البقر. وللجمال أذناب مثل أذناب الحمير. فأما محاشمها فخلف. وفى كل رجل من أرجل الجمل ركبة؛ وفى ذلك المكان تنثنى الرجل. وفى كل كعب شبيه بكعب رجل البقر، لأنه صغير بقدر عظم الجثة. وهو سمج المنظر. وأرجل الجمل مشقوقة باثنين، وليس لها أسنان فى الفك الأعلى، بل فى الفك الأسفل. ومؤخر رجليها مشقوق شقاً يسيراً. وفيما بين شقوق رجليها جلد شبيه بالجلد الذى بين شقوق رجلى الإوز. وما تحت رجليه كثير اللحم، مثل كثرة لحم أرجل الدب. ولذلك يلبسون رجل الجمل بجلود قوية شبيهة بخفاف إذا انطلقوا بها إلى بلدة بعيدة و〈إذا〉 أصابعها تعبت وكلت وتوجعت.

وأرجل جميع الحيوان التى لها أربعة أرجل مخلوقة من عظم وعصب ولحم يسير. وسائر الحيوان الذى له رجلان كمثل، ما خلا الإنسان. وأرجل أصناف الطير كمثل. وأما الإنسان فعلى خلاف ذلك، لأن رجليه كثيرتا اللحم، ولا سيما فيما يلى الوركين والفخذين وبطون الأسوق.

وبعض الحيوان الذى له أربع أرجل وله دم: فذلك الحيوان مشقوق أطراف الأرجل، مثل الإنسان فإنه مشقوق أطراف اليدين والرجلين بأصابع. وعلى هذه الصفة: الأسد والفهد وما يشبه هذا الصنف. وبعض الحيوان الذى ذكرنا مشقوق الرجلين بجزئين وفى أطراف ذينك الشقين أظلاف بدل الأظافير، مثل العنز والشاة والأيل والفرس النهرى. وبعض الحيوان ليس بمشقوق الرجلين، وله فى طرف كل رجل حافر، مثل حافر الفرس والبغل والحمار وما يشبه هذا الصنف. فأما جنس الخنازير فمختلف: لأن فى البلدة التى تسمى باليونانية 〈ألوريا〉 والتى تسمى باؤنيا وفى بلدان أخر خنازير ليس لها فى كل رجل إلا ظلف واحد، وفى غيرها من البلدان [٣١] خنازير لها فى كل رجل ظلفان. وكل ما كان مشقوق مقدم الرجلين بظلفين فهو جزء رجله أيضاً مشقوق. وكل ما كان مقدم حافره متصلاً فما خلفه أيضاً متصل.

ولبعض الحيوان قرون، وليس لبعضها قرون. وكثير من الحيوان ذوات القرون مشقوقة الأظلاف من قبل الطباع، مثل الثور والأيل والعنز والشاة. ولم يظهر قط حيوان له قرنان ليس بمشقوق الأظلاف. فأما الحيوان الذى له قرن واحد وحافر واحد فى كل رجل: فقليل، مثل الحمار الهندى. فأما الحيوان الذى يسمى باليونانية أرقص فله قرن واحد وظلفان فى كل رجل. وفى رجلى هذا الحيوان كعاب أيضاً. فأما الخنزير فهو مشارك فى بعض الأوقات: وفى خلقة الأظلاف، ومخالف فى بعضها كما ذكرنا آنفاً. وفى رجلى كثير من الحيوان المشقوق الرجلين بجزئين كعاب. ولم يوجد حيوان مشقوق الرجلين بأجزاء كثيرة فيها كعب، مثل الإنسان وغيره. فأما الحيوان الذى يسمى لونقس، ففى أسفل رجليه شىء شبيه بنصف كعب، وإنما تكون الكعاب فى الرجلين اللتين خلف. والكعب يكون قائماً ويكون بطنه مائلاً إلى خارج وظهره مائلاً إلى داخل. وأعماق الكعبين مائلة بعضها إلى بعض. فأما نواحيها التى تسمى وركين فمائلة إلى خارج. وأطرافها الناتئة تكون فى الناحية العليا. فبهذا النوع يكون وضع الكعاب فى أرجل جميع الحيوان الذى له كعاب.

وبعض الحيوان مشقوق الرجلين بظلفين وله ناصية وقرون معقفة إلى داخل كل واحد منها مائلاً إلى الآخر، مثل البقر البرى 〈الذى يعيش فى باؤنيا وميديا〉. وجميع الحيوان الذى له قرون ذو أربعة أرجل، ما خلا الحيوان الذى يقال إن له قروناً بنوع الاستحالة، مثل الحيات التى تكون فى ناحية البلدة التى تسمى باليونانية ثيباس، كما يزعم أهل مصر. وإنما تلك التى تظن قروناً نتوء جاس فى رءوسها شبيه بالقرون. وجميع قرون الحيوان مجوفة، ما خلا قرون الأيل فإنها صلبة ليس فيها شىء من التجويف. فأما سائر القرون فمجوفة فى جزء من أجزائها، وما كان من أطرافها فصلب، وما كان [من ماىىا (!)] لاصقاً بالجلد فهو مجوف 〈وأما ما يدور حوله — أعنى المادة الصلبة — فناشىء من العظام: وتلك حال قرون الثيران〉. وليس يلقى القرون شىء من الحيوان الذى له قرون ما خلا الأيل فقط، فإنه يلقيها كل عام مرةً. ويكون [٣٢] ابتداء ذلك إذا كان الأيل ابن سنتين، ثم تنبت له قرون أيضاً. فأما سائر الحيوان الذى له قرون فليس يلقى منها شيئاً، إن لم تصبه آفة من الآفات.

〈ترتيب الثدى〉

ووضع الثدى أيضاً مختلف فى سائر الحيوان إذا قيس بعضه إلى بعض وإلى الإنسان. والآلة الموافقة للجماع والسفاد مختلفة أيضاً. وذلك لأن ثدى بعض الحيوان فى صدورها أو قريب منها، وليس لها إلا ثديان وحلمتان، مثل المرأة والفيل، كما قلنا فيما سلف، فإن للفيل ثديين قريبين من إبطيه؛ وثديا الفيل الأنثى صغيران جداً ليسا بملائمين لعظم جثتها، ولذلك لا يظهر من أحد جانبيها. ولذكورة الفيلة ثديان أيضاً، مثل ثدى الإناث صغيران جداً. فأما الدب فله أربعة ثدى ولبعض الحيوان ثديان وحلمتان فيهما مثل جميع الضأن. ولبعض الحيوان أربع حلمات: فى كل ثدى حلمتان، مثل البقر. فأما بعض الحيوان فثديها ليست قريبةً من إبطيها ولا قريبة من فخذيها، مثل الكلبة والخنزير، فإنها كثيرة. فأما إناث الفهود فلها فى بطونها أربعة ثدى. وأما اللبوءة فلها فى بطنها ثديان فقط، وهما صغيران لا يلائمان عظم جثة جسدها. وللناقة ثديان وأربع حلمات، مثل إناث البقر. فأما ذكورة الحيوان الذى له حوافر فليس له ثديان، ما خلا الذكورة التى تشبه أمها، وذلك يعرض فى الخيل.

〈وضع أعضاء التناسل〉

ومذاكير بعض الحيوان داخلة أجسادها، مثل الدلفين وما يشبهه. وهذه المذاكير فى بعض الحيوان مرسلة مع الأنثيين أيضاً، مثل الإنسان؛ وبعضها لاصقة ببطونها. ومنها ما هو مرسل قليلاً، وما هو مرسل أكثر من ذلك — فذلك فيها مختلف مثل ما يعرض للخنزير البرى والفرس. ووضع ذكر الفيل شبيه بوضع ذكر الفرس، ولكنه صغير وليس بملائم لعظم جثته. وليست انثياه خارجة ظاهرةً، بل داخلة قريبة من كليتيه. ولذلك هو سريع السفاد 〈ورحم الأنثى يوجد حيث يوجد ضرع الشاة. وحين الشبق ترفعه وتوجهه إلى الخارج لتسهل على الذكر الإيلاج. والرحم يتمدد كثيراً〉.

فهذا حال وضع مذاكير الحيوان واختلافه. وبعض الحيوان يبول إلى خلف مثل الأسد. والجمل 〈والأرنب البرى〉 وغير ذلك مما يشبهها. [٣٣] فأما جميع إناث الحيوان فهى تبول إلى خلف.

وفى خلقة مذاكير الحيوان اختلاف كثير، لأن ذكر بعضها من لحم وغضروف مثل الإنسان: الذى ينقبض وينتفخ منه الغضروف وليس اللحم الذى فيه. وذكر بعض الحيوان من عصب، مثل الجمل والأيل. وذكر بعضها من عظم، مثل الذئب والثعلب وما يشبهها.

وأيضاً إذا كمل الإنسان تكون الناحية العليا من جسده أقل من الناحية السفلى؛ فأما سائر الحيوان فعلى خلاف ذلك. وإنما تسمى الناحية العليا من الجسد: الجزء الذى من الرأس إلى أماكن مخرج الفضول. وما كان من هناك إلى أطراف الرجلين فهو يسمى الناحية السفلى. فإذا كان الإنسان حدثاً، تكون ناحية جسده العليا أعظم من السفلى. وإذا كبر، فيكون على خلاف ذلك. وهذه هى علة اختلاف سيره وحركته إذا كان جسده فى زيادة، وإذا كمل، وإذا ولى. فإن الصبى أول ما يتحرك يمشى على يديه ورجليه، ثم يقيم صلبه قليلاً قليلاً حتى يقوى. فإذا طعن فى السن ينحنى أيضاً. فأما بعض الحيوان، فإن أعلى جسده يكون أولاً أصغر، وأسفل جسده أعظم. فإذا نشأ يكون على خلاف ذلك، أعنى يكون أسفله أصغر من أعلاه، مثل جميع الحيوان ذوات الأذناب والنواصى، فإن أسفلها أصغر من أعلاها بعد أن تكمل.

〈الفروق المتعلقة بالأسنان〉

وفى أسنان الحيوان اختلاف كثير أيضاً. ولجميع الحيوان الذى له أربعة أرجل وهو يلد حيواناً مثله: أسنان. ولبعضها أسنان فى الفك الأعلى والفك الأسفل. ولبعضها على خلاف ذلك، من قبل أنه ليس لها مقاديم الأسنان فى الفك الأعلى. ومنها ما هو على هذه الحال، وليس له قرون، مثل الجمل. ولبعض الحيوان نابان، مثل ذكورة الخنازير. وليس لبعضها أنياب. وأيضاً بعض الحيوان حاد الأسنان مختلف الوضع مطبق على بعض، مثل الأسد والفهد والكلب. وأسنان بعضها على خلاف ذلك، مثل الفرس والثور. وليس يكون شىء من الحيوان له ناب وقرون ولا حاد الأسنان كما ذكرنا وله قرن، بل يكون له شىء واحد مما ذكرنا فقط. [٣٤] ومقاديم أسنان كثير من الحيوان حادة، وأسنانه الداخلة عريضة ليست بحادة. فأما الحيوان البحرى المسمى بفوقى فإن جميع أسنانها حادة مختلفة يطبق بعضها على بعض فإن جنسه جنس غير مخالف لجنس السمك، فإن جميع السمك حاد الأسنان.

وليس فى هذه الأجناس التى وصفنا من أجناس الحيوان شىء له صفان من صفوف الأسنان. فأما إن كان ينبغى لنا أن نصدق قول أقطسياس فهو يزعم فى بعض كتبه أن فى أرض الهند سبعاً يسمى باليونانية مارطيخورس وأن له ثلاثة صفوف من الأسنان فى الفك الأعلى والفك الأسفل، وأن عظمه كعظم الأسد، كثير الشعر مثله، ورجلاه شبيهتان برجل الأسد؛ فأما وجهه وعيناه وأذناه فشبيهة بوجه الإنسان. وهو أشهل العينين. وأما لونه فشديد الحمرة، شبيه بالزنجفر، وذنبه شبيه بحمة العقرب البرى، وفى ذنبه حمة 〈وأسنان يطلقها كالسهام〉؛ وصوته عظيم شبيه بصوت زمارة 〈وبوق معاً〉؛ وهو سريع الجرى مثل جرى الأيلة. وهو برى، يأكل الناس.

فأما الإنسان فإنه يلقى أسنانه وغيره من الحيوان أيضاً مثل الفرس والبغل والحمار. وإنما يلقى الإنسان مقاديم أسنانه، فأما الأضراس، فلا. وليس فى الحيوان شىء يلقى الأضراس. وأما الخنزير فليس يلقى شيئاً من أسنانه ألبتة.