Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈بيض الدجاج . نمو الجنين〉

وتولد الفراخ من بيض جميع أصناف الطير يعرض بنوع واحد؛ ولكن فى زمان تمامها وكمالها اختلاف، كما قيل أولاً.

وفى بيض الدجاج تستبين أبداً خلقة الفراخ إذا مضت ثلاثة أيام وثلاث ليال، وذلك فى شباب الدجاج. فأما فى المسن منها ففى أيام وليال أكثر. وفى ذلك الوقت، توجد الصفرة فى الناحية العليا من البيضة عند أطراف المحدد، حيث يكون ابتداء البيضة، وحيث يكون أول نقرها وتقشيرها؛ والقلب يستبين فى بياض البيضة مثل نقطة من دم. وتلك النقطة، أعنى العلامة، تتحرك وتختلج وتنزو مثل ما يتحرك الشىء المتنفس. ومن تلك النقطة يخرج مجريان من عروق فيهما دم، ويأخذ إلى كل واحد من الصفاقات التى تحدق بالذى تولد. ويظهر صفاق فيه عروق دمية [١٤١] دقيقة مثل الشعر. وذلك الصفاق يحدق ببياض البيضة فى ذلك الوقت. وابتداء الصفاق من السبيلين المخلوقين من عروق. وبعد ذلك بزمان يسير، يفترق ويظهر الجسد، ويكون أولاً صغيراً جداً أبيض اللون. والرأس أيضاً يستبين والعينان أيضاً خاصةً منتفختان، وتبقيان على مثل تلك الحال أياماً، ثم يذهب انتفاخهما وينضم ويجتمع وتظهر صغاراً. وليس يظهر شىء من جزء الجسد الأسفل ألبتة، بل يظهر الجزء الأعلى أولاً من السبيلين الممتدين من القلب يأخذ الواحد إلى الصفاق المحدق بالفرخ؛ والآخر يأخذ إلى الصفرة، ويكون مثل سرة. فابتداء خلقة الفرخ يكون من البياض، وغذاؤه يكون من الصفرة، وإنما اغتذاؤه بالسرة.

وإذا تمت عشرة أيام، تكون خلقة كل الفرخ بينةً ظاهرة وجميع أعضاءه وأجزائه؛ ورأسه يكون أكبر من جسده إذا قيس إليه؛ وتظهر عينه فى رأسه وإن لم يكن فيها بصر بعد. وإن أخرجت العينان فى ذلك الزمان تظهر سوداء وأكبر من حب الباقلى. وإن سلخ الجلد يوجد فى داخل العينين رطوبة بيضاء باردة جداً، لها بصيص إذا وضعت قبالة ضوء الشمس، وليس يظهر فيها شىء صلب ألبتة. فهذه خلقة الرأس والعينين فى الزمان الذى ذكرنا.

وفى ذلك الأوان، يظهر جوف الفرخ أيضاً وما يلى البطن، وخلقة المعى والعروق التى تظهر آخذةً من القلب إلى العين. ومن العين تخرج عروق، يأخذ أحدها إلى الصفاق المحدق بالصفرة، والآخر إلى الصفاق المحدق بالبياض. والصفرة فى ذلك الزمان رطبة أكثر من الرطوبة الطباعية. فأما العرق الآخر فإنه يأخذ إلى الصفاق المحيط بكل الفرخ، أعنى الصفاق الذى يكون فيه الفرخ، ويحدق بصفاق الصفرة وبالرطوبة التى بينها. وإذا نشأ الفرخ، يكون بعض الصفرة فوق، وبعضها أسفل، وذلك رويداً رويداً، ويكون البياض فى الوسط، أو تكون فى الوسط رطوبة، ويكون فى الناحية السفلى بياض 〈البيضة〉 [١٤٢] مثل ما كان أولاً. فإذا أتم الفرخ عشرة أيام، يكون البياض آخر ما فى البيضة، وبعد ذلك يقل، ويكون لزجاً غليظاً إلى اللون التبنى ما هو. وكل واحد منها ممتد بالوضع بقدر ما وصفنا ولخصنا: فيكون الصفاق الذى تحت صفاق قشر البيضة أولاً وآخراً، وليس الصفاق اللاصق بالقشر. وفى هذا الصفاق تكون رطوبة بيضاء، ومنها الفرخ، والصفاق الذى يحدق به لأنه يفرق بينه وبين الرطوبة، لكيلا يكون الفرخ فى رطوبة، وتحت الفرخ الصفرة التى كان أحد العروق آخذاً إليها، والعرق الآخر آخذاً إلى البياض المحدق، ثم يؤخذ صفاق محدق بكل ما كان رطوبة تشبه مائية القيح، وصفاق آخر حول الفرخ يفرق بين الفرخ والرطوبة. وتحت ذلك الصفاق صفرة محتبسة فى صفاق آخر، وإليه تمتد السرة من القلب ومن العرق الكبير، بقدر ما لا يكون الفرخ ولا فى رطوبة واحدة من الرطوبات التى وصفنا.

وإذا صار الفرخ من عشرين يوماً، ينبض إن حركه أحد؛ ويكون أزب الريش، إن كسر البيضة بعد تمام العشرين يوماً. ويوجد رأس الفرخ تحت الصفاق الأيمن على جانب مراق البطن، والجناح فوق الرأس. وفى هذا الزمان يظهر الصفاق المحدق بالرطوبة موضوعاً بعد الصفاق الآخر اللاصق بقشر البيضة، وهو الصفاق الذى إحدى العينين ممتدة إليه، والفرخ يكون فى آخره، ويظهر الصفاق الآخر المحيط بالرطوبة محيطاً بالصفرة التى كانت تمتد إليها العين الأخرى، وابتداء الصفاقين من القلب ومن العرق الأعظم. وفى هذا الوقت تكون السرة الخارجة التى تمتد إلى المشيمة مرسلةً عن الفرخ، لأنه يقع وينضم إلى الفرخ؛ فأما الصفاق الآخذ إلى الصفرة فهو متعلق بالفرخ لاصق بالمعى الداخل الدقيق. وفى هذا الوقت توجد فضلة صفراء فى بطن الفرخ، ويخرج منه بعض تلك الفضلة ويصير فى الصفاق الخارج، وبعضها يبقى فى البطن. والفضلة التى تبقى خارجاً وداخلاً تكون [١٤٣] بيضاء، وفى الآخرة تقل الصفراء حتى تفنى وتذهب ألبتة، وتكون محتبسةً فى داخل الفرخ. وإن نقر أحد البيضة وفتحها فى اليوم العاشر وشق ما يلى المعى، سيجد فى السرة جزءاً يسيراً من الصفرة، ويجد ناحية من الصفرة مرسلة، ولا يكون فيما بينها وبين الفرخ شىء، بل يجد الصفرة كأنها مستمرة لاصقة بالفرخ. وفى الوقت الذى ذكرنا أولاً يكون الفرخ شبيهاً بالنائم، غير أنه يتحرك وينبض، والقلب يختلج ويتحرك وينتفخ مع السرة، كما يفعل المتنفس.

فخلقة وولاد الفرخ فى داخل البيضة يكون على مثل هذه الحال.

والدجاج يبيض بعض البيض ضعيفاً، وربما عرض ذلك للبيض الذى يكون من السفاد. وإذا جلست الدجاجة على ذلك البيض الضعيف لا يكون منه فرخ ألبتة. فأما ما ذكرنا حيننا هذا من حال البيض الضعيف فمعروف مجرب؛ وقد نظر إليه مراراً شتى فى بعض الحمام.

ويكون من البيض ما له صفرتان، وربما كان فيما بين تلك الصفرتين صفاق يحجب ما بينهما وبين البياض، وربما لم يكن ذلك، بل الصفرة الواحدة تكون لاصقة بالأخرى. ومن الدجاج ما يبيض بيضاً له صفرتان فى كل حين، وقد ظهر العرض الذى يعرض للصفرة فى هذا البياض. وقد باضت دجاجة فى الزمان السالف ثمانى عشرة بيضة، ولكل بيضة محان، ثم جلست على ذلك البيض وأسخنته ونقرته وفتحته، فخرج من كل بيضة فرخان، ما خلا البيض الذى كان فاسداً من الأصل. وإذا خرج فرخان من البيضة الواحدة يكون أحدهما أكبر جثةً، والآخر أصغر، ويكون آخر البيض الذى بيض على مثل هذه الحال عجيباً.