Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈ولاد السمك البائض〉

فأما السمك الذى يبيض بيضاً فللإناث منه رحم له شعبتان وهما فى الناحية السفلى كما قلنا أولاً — وجميع أصناف السمك الذى له قشور يبيض بيضاً، مثل اللبراقس [λαβραξ] والقيفال [κεΦαλοσ] والذى يسمى باليونانية قسطرويس 〈والاتليس [ετελισ]〉 وأصناف السمك الذى يقال له أبيض [οι λευκοι] وجميع أصناف السمك الأملس، ما خلا الانكليس [εγΧελυοσ] — وهذه الأصناف تبيض بيضاً رقيق القشر، وذلك يظهر من قبل أن الرحم كله يكون مملوءاً بيضاً، ولذلك يظن أن ليس فى أجواف السمك الصغير غير بيضتين. وأرحامها غير بينة لحال صغرها ورقتها. — وقد وصفنا فيما سلف، حال سفاد جميع السمك.

وفى جميع أصناف السمك ذكورة وإناث. فأما أصناف السمك الذى يسمى باليونانية ارثرينوس [ερυθρινοσ] [١٥٥] والذى يسمى خنى [Χαννη] فليس يعرف فيهما إناث وذكورة. وفى جوف جميع ما يصاد من هذين الصنفين بيض؛ وفى كل ما يسفد من السمك بيض. ومنه ما يوجد فى جوفه بيض من غير سفاد، وذلك بين واضح من السمك النهرى، لأنه يوجد فى أجواف الإناث منه بيض وهو بعد صغير جداً، مثل السمك الذى يسمى باليونانية فوكسينوس [Φοξινοσ]. والسمك يعوم فى الماء وينضج البيض، وفيما يقال: الذكورة تبتلع كثيراً من ذلك البيض. فأما إذا باض السمك فى الأماكن التى لها عادة أن تبيض فيها — 〈فإنه〉 يسلم أكثر بيضه ولو كان يسلم جميع البيض، لكثر جداً. وكثير من البيض يفسد ويهلك ولا يكون منه سمك. وليس يسلم منه إلا ما ينضح عليه الذكر من زرعه. فإذا باضت الأنثى، يتبعها الذكر وينضح من زرعه على البيض. فجميع البيض الذى ينضح عليه من ذلك الزرع يكون سمكاً؛ ومنه ما يهلك بالبخت.

وهذا يعرض لجنس السمك الذى يسمى باليونانية مالاقيا، وتفسيره: اللين الجلد. وذكر الجنس الذى يسمى باليونانية سپيا [σεπια] يتبع الأنثى إذا باضت وينضح من زرعه على ذلك البيض. وينبغى أن يكون هذا العرض يعرض لسائر أصناف الجنس الذى يسمى مالاقيا؛ ولكن لم يظهر ذلك — إلى زماننا هذا — إلا فى الجنس الذى يسمى سپيا فقط.

وصنف السمك الذى يقال له باليونانية قوبيس [κωβιοσ] — وهو السمك الصغير — يبيض بين الحجارة، وبيضه عريض رخو القشر. وكذلك يفعل سائر السمك الذى يشبهه، وذلك لأن ما قرب من الأرض على شاطىء البحر والنهر أدفأ مما يلى عمق المياه، ولأن طعمها وغذاءها هناك موجود بأيسر المؤونة، ولكى لا يؤكل السمك الذى يخرج من ذلك البيض من السمك الذى هو أكبر وأقوى. ولذلك يقال إن كثيراً من السمك الذى يكون فى بحر پنطوس [ποντοσ] يبيض فيما يلى النهر الذى يسمى باليونانية ثرمودون [θερμωδων] لأن الرياح لا تهب هناك فى ذلك الموضع، وهو مكان دفىء وماؤه عذب.

وسائر السمك الذى يبيض إنما يبيض مرةً فى السنة، ما خلا صنف السمك الصغير الذى يسمى باليونانية فوقاس [Φυκησ] [١٥٦] فإن ذلك الصنف يبيض مرتين فى كل سنة. وبين الذكر والأنثى اختلاف، من قبل أن لون الذكر أكثر سواداً، وقشوره أكبر من قشور الأنثى.

فسائر أصناف السمك يبيض بلا ضرورة. فأما صنف السمك الذى يسميه بعض الناس ابرة — فإنه إذا أراد أن يبيض ينشق ويخرج بيضةً من ذلك الشق؛ وإنما ينشق من تحت البطن والكبد، وذلك الموضع يكون ملتئماً قبل أن يبيض، من قبل خلقة الطبيعة، مثل الحيات التى تسمى باليونانية طوفليناى [τυΦλιναι οΦεισ] — وتفسيره: العمى. وإذا باضت الأنثى بعضها من ذلك الشق يلتئم الشق أيضاً ويبقى ويعيش.

والولاد من البيضة يعرض بنوع واحد إن خلق الحيوان فى أجواف الأصناف التى تبيض فى أجوافها، والتى تبيض خارجاً، لأن الحيوان الذى يخلق من البيض يكون عند الطرف الواحد محدقاً بصفاق. وتستبين العينان أولاً، وتظهر 〈كبيرة〉 مستديرة. وذلك يوضح لنا أن قول الذين يزعمون أن خلقة الحيوان فى البيضة تكون مثل خلقة الدود 〈قول〉 خارج 〈عن الصواب〉، فقد علمنا أنه يعرض خلاف ذلك، لأنه إذا كان ابتداء خلقة الدود تكون الناحية السفلى من الجسد أعظم، ثم فى الآخرة يظهر الرأس والعينان.

وإذا فنيت الرطوبة فى البيضة لا يكون للفرخ الذى يخلق منها طعم، وإنما غذاء ونشوء الفرخ من الرطوبة التى فى البيضة. فأما فى السمك الذى يخلق من البيض، فإنه إذا خرج منه يغذى ويصيب طعمه من الماء، وذلك بين فى مياه الأنهار.

وإذا استنقى البحر الذى يسمى باليونانية فنطوس ποντοσ، يظهر على الشط فى ناحية اليس بنطوس Ελλησποντοσ شىء أخضر شبيه بصوف (وهو الذى يسميه العرب طحلب) وقد زعم بعض الناس أنه زهر الذى يسمى باليونانية فوقوس Φυκοσ. وإذا كان ابتداء الصيف يظهر فى ذلك الطحلب سميكات صغار وأصناف الحلزون. وقد زعم بعض الذين يكثرون المأوى فى البحار أن لون الفرفير [pourpre] يكون عندهم من هذا الزهر الذى وصفنا آنفاً.