Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈غذاء الحيوانات المتوحشة〉

فأما من الحيوان ذوات الأربع الأرجل التى تلد حيواناً مثلها فجميع ما كان برياً قوى الأسنان يأكل اللحم، ما خلا الذئاب، فإن الذئاب — 〈فيما〉 يزعم بعض الناس — إذا جاعت أكلت تراباً، وهذا الحيوان فقط لا يأكل شيئاً من العشب البتة إلا عند مرضه، كما تفعل الكلاب: فإنها إذا مرضت واعتلت، وأكلت عشباً من الأعشاب وقاءت واستنقت أجسادها.

وما خبث من الذئاب يأكل الناس.وأما الضبعة العرجاء فعظم جسدها مثل عظم الذئب، ولها عرف مثل عرف الفرس، وشعرها أخسأ من شعر الفرس، وهى كثيرة الشعر فى كل الفقار. وتغتال وتأكل الناس. وهى تقوى وتصيد الكلاب مثلما تصيد الناس. وتنبش القبور لشوقها إلى أكل اللحم.

فأما الدب فهو يأكل كلاً، أعنى أنه يصعد على الشجر ويأكل ثمرها، ويفعل ذلك لرطوبة جسده. ويأكل الحبوب أيضاً، ويكسر كوابر النحل ويأكلها والسراطين والنمل. ولحال قوته يشتد على الأيلة وعلى أصناف الخنزير البرى إن قوى على أن يخفى عنه ويشد عليه بغتةً. و[١٨٩] الدب أيضاً يشد على الثور ويستلقى على ظهره بين يدى وجه الثور. وإذا هم الثور بضربه أخذ الدب بقرونه بذراعيه ولا يزال بعض بفيه ما بين أكتافه حتى يلقى الثور. وهو (أى الدب) يمشى حيناً يسيراً على الاثنين (=القدمين) قائم الجثة. ويأكل جميع اللحمان، ويعفنها أولاً.

فأما الأسد فإنه يأكل أكلاً شديداً ويبلع بضعاً كبيرة بغير أن يقطعها أو يمضغها، ثم يقيم يومين وليلتين بلا طعم لكثرة الامتلاء. وهو قليل الشرب. وليس يلقى روثه إلا مرة فى اليوم؛ وربما فعل ذلك فى كل ثلاثة أيام مرة أو لماماً بالبخت، وروثه جاس جداً ليس فيه شىء من الرطوبة، شبيه بروث الكلب. والريح التى تخرج من جوفه حريفة نتنة جداً؛ ولبوله رائحة ثقيلة، ولذلك إذا دنا من الشجر يشمها كالكلاب. والأسد يرفع الرجل الواحدة إذا بال، كما تفعل الكلاب. [ولبوله رائحة ثقيلة] 〈وهو ينفث بنفسه رائحة ثقيلة فيما يأكله〉؛ وإن شق أحد جوفه، وجد منه بخاراً ثقيل الرائحة.

وبعض الحيوان البرى الذى له أربع أرجل يكسب طعمه وغذاءه من النواحى التى تلى النقائع والأنهار. وليس شىء منها فيما يلى البحر، ما خلا الحيوان الذى يسمى باليونانية فوقى Φωχη وأصناف الحيوان الذى يأوى فيما يلى الأنهار والنقائع والذى يسمى باليونانية قاسطور καστωρ والذى يسمى ساثاريون σαΘεριον والذى يسمى ساتيريون σατυριον والذى يسمى انودريس ενυδρισ — وله أسنان قوية. وهو يخرج بالليل مراراً شتى حول النهر ويقطع بأسنانه غصناً ويعض بأسنانه عضاً شديداً. وإذا عض إنساناً لا يترك العضو الذى يعض حتى يسمع صوت كسر العظم. وشعره جاس، ومنظره فيما بين منظر شعر فوقى وشعر الأيل.