Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈هجرة الحيوان〉

وأجناس الحيوان تطعم وتغذى من الأشياء التى وصفنا؛ ولها أفعال خاصة لها عند أوان سفادها وولادها وتكسب طعمها واحتيالها للبرد والدفء وتغير الزمان، لأنها تحس من قبل الطباع بالدفء والبرد كما يحس الناس. فإن الناس، إذا كان الشتاء، دخلوا فى المنازل وتدثروا؛ وإذا كان الصيف انتقلوا إلى المواضع الباردة؛ وإذا كان الشتاء انتقلوا إلى المواضع الدفئة. وكذلك يفعل كثير من أجناس الحيوان كلما تقوى على التنقل وتبديل الأماكن. ومن الحيوان ما يختزن فى المواضع التى عاود المأوى فيها. ومنها ما ينتقل إلى بلاد بعيدة، إذا كان استواء الليل والنهار الذى يكون فى الخريف. وإنما تنتقل من مواضعها لهربها من شدة الشتاء. فإذا كان استواء الليل والنهار الذى يكون فى الربيع، تنتقل من الأماكن الدفيئة إلى الأماكن الباردة، لخوفها من تغيير الهواء. ومنها ما تنتقل من أماكنها إلى بلاد بعيدة جداً، مثل ما تفعل الغرانيق. ومنها ما تنتقل [١٩٤] من أرض أسكوثيا — وهى من بلاد خراسان — إلى ناحية مصر حيث يسيل ماء النيل، وفيما يقال — هنالك يقاتل الرجال الذين قامات أجسادهم قدر ذراع. وليس هذا القول مثلاً، بل هناك بالحقيقة جنس من أجناس الناس صغير القامة كما يقال، وخيلهم أيضاً كمثل. ومساكن أولئك: الأسراب والجحور وفيها يأوون جميع عمرهم. ثم الطائر الذى يسمى باليونانية پالاقاناس πελεκανεσ 〈مهاجر أيضاً〉 وينتقل من ناحية النهر الذى يسمى اسطرومون Ετρυμον إلى النهر الذى يقال له اسطروس Ιστροσ ويعيش ويفر فى هناك. وإذا انتقل هذا الطائر لا يبقى منه فى المكان الذى ينتقل عنه. وما تقدم منه ينتظر ما يأتى بعده حتى يجوز الجميع من الجبل ويكون الأول مع الأخير.

والسمك أيضاً يفعل ذلك وينتقل من بحر بنطوس ποντοσ إلى موضع آخر. وفى السمك جنس آخر: إذا كان الشتاء انتقل من اللج وصار إلى ناحية البحر لطلب الدفء، وإذا كان الصيف انتقل من ناحية البر وصار إلى ناحية اللج يطلب البرد. والأصناف الضعيفة من الطائر إذا كان الشتاء الزمهرير تذهب إلى البقعة المستوية لما تطلب من الدفء؛ وإذا كان الصيف انتقلت إلى الجبال المشرفة، لحال الحر والسموم. وما كان من أصناف الطير أضعف من غيره، فهو ينتقل من مكانه فى زمان القيظ قبل غيره، مثل الدراج ορτυγεσ فإنه ينتقل من مكانه قبل الغرانيق γερανοι، والسمك الذى يسمى باليونانية سقونبروى σκομβροι ينتقل عن موضعه قبل السمك الذى يسمى ثنوا Θυννοι. 〈فالأولى تهاجر فى شهر بوئدروميون βοηδρομιων والثانية فى شهر ميمقتريون Μαιμακτηριων〉.

وجميع هذه الأصناف تكون أسمن وأخصب إذا هى انتقلت من البرد 〈أكثر منها〉 إذا انتقلت من الحر إلى البرد. وجميع ما ذكرنا يهيج إلى النزو والسفاد فى زمان الربيع أكثر من سائر الأزمنة، وإذا انتقلت من الأماكن الصيفية تفعل ذلك أيضاً.

وكما قلنا فيما سلف: الغرانيق، بل جميع أصناف الطير، تنتقل من أول الأرض إلى أواخرها؛ وهى تطير مع الريح التى تهب. فأما ما يقال عن الحجر فكذب، لأن بعض الناس يزعم أن فى الغرانيق حجراً موافقاً لتجربة الذهب وهو يوجد [١٩٥] منها.

والحمام البرى والفواخت والاطرغلات تنتقل من أماكنها ولا تشتو فيها. فأما الحمام فهو يبقى فى موضعه؛ والدراج أيضاً. وربما بقى بعض الدراج والفواخت فى مواضع دفئة. وإذا انتقلت الفواخت والاطرغلات تطير رفاً رفاً؛ وإذا عادت، كمثل. فأما الدراج فإنه إذا وقع فى موضعه وكان الهواء صاحياً والريح شمالاً، يتزاوج ويخصب. وإن كانت الريح جنوباً، ساءت حال الدراج ومرضت، لأنها ليست بطيارة: فريح الجنوب رطبة ثقيلة، ولذلك لا يطلب صيدها علماء الصيادين إذا كانت الريح شمالاً، فإنها تطير فى تلك الريح. ولا تقوى على الطير إذا كانت الريح جنوباً، لحال ثقل أجسادها. ولذلك تصوت عند طيرانها، لحال التعب الذى يصيبها. وإذا انتقلت الغرانيق من هذا المكان إلى ناحية الحبشة فهى لها رئيس يتقدمها ويقودها 〈إذ يرحل معها الطائر المسمى باليونانية جلوتيس γλωττισ وكذلك المسمى اورتوجومطرا ορτυγομτρα وأوطوس ωτοσ وقخراموس κυχραμοσ〉؛ فأما إذا انصرفت من هناك إلى ناحيتنا، فلا. والطائر الذى يسمى باليونانية اوطوس والذى يسمى قخراموس: وإذا كان الليل صوتت هذه الطيور ودعت بعضها بعضاً. وإذا سمع الصيادون أصواتها، علموا أنها لا تبيت فى أماكنها. فأما السمن ορτυγομτρα فمنظره شبيه بمنظر الطائر النقائعى. وللطائر الذى يسمى غلوطيس γλωττισ لسان يخرج من فيه إلى بعد. والذى يسمى باليونانية اطوس شبيه بالطائر الذى يسمى غلوقس وله فى ناحية الأذنين شىء شبيه بجناحين؛ ومن الناس من يسميه بومة. وهو يحاكى، ويتشبه، ويرقص قبالة من يرقص 〈من الصيادين〉؛ وإنما يصاد إذا ذهب أحد الصيادين إلى خلفه، مثل الطائر الذى يسمى غلوقس γλαυξ 〈فإنه يصاد على هذا النحو أيضاً〉.

وبقول عام: جميع الطير المعقف المخاليب قصير العنق غليظ اللسان، محاك. وللطير الهندى الذى يسمى باليونانية ابسطاقى φιττακη لسانً مثل لسان الإنسان؛ وهو يهيج إلى السفاد جداً إذا شرب الشراب.

وأجناس الطير الذى يطير هى: صنف الغرانيق، والقاقنس κυκνοσ والوز الصغير والذى يسمى باليونانية باليقان πελεκαν.