Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈هجرة السمك〉

وكما قيل أولاً، بعض السمك ينتقل من ناحية اللج إلى ناحية البر، ومن ناحية البر إلى اللج، لهربه من شدة البرد [١٩٦] والحر. والسمك الذى يأوى فى ناحية البر أطيب وألذ وأنفع من الذى يأوى فى اللج، لأن الرعى الذى يرعى أجود من رعى اللج، فكل مكان تطلع عليه الشمس ينبت نباتاً أجود وألين من غيره، وذلك بين من نبات البساتين. وفى قرب الأرض ينبت نبات أجود من غيره؛ والذى ينبت منه فى ناحية اللج شبيه بالبرى. وأيضاً أماكن البحر التى فى قرب البحر ممتزجة مزاجاً جيداً، ليس بحار ولا بارد جداً. ولذلك تكون لحمان السمك الذى يأوى فى قرب الشاطىء أقوى وأشد وأطيب وألذ من السمك اللجى. وباضطرار يكون السمك اللجى رطباً رخو الجسد. و〈من〉 السمك الذى يأوى فى قرب البر: الذى يسمى باليونانية: سونودون σινοδων وقنثاروس κανΘαροσ، وأورفوس ορΦωσ وخروسفووس χρυσοφρυσ وقسطريس κεστρευσ، وطريغلى τριγλη وقخلا κιχλη ودراقون δρακων، وقليونوموس καλλιωνομοσ وقوبيوس κωβιοσ وجميع الأصناف الصخرية. فأما أجناس السمك اللجى فالذى يسمى طروغون τρυγων وأصناف الذى يسمى باليونانية سلاخى σελαχη وغنغروى γογγροι البيض وخنا χαννη واروثرينوس ερυΘρινοσ وغلوقوس γλαυκοσ. وفاغروى Φαγροι 〈واسقورپيوى σκορπιοι〉 وغنغروى السود γογγροι οι μελανεσ ومورينا μυραιναι وقوقيغاس κοκκυγεσ فهى مشتركة، لأنها ربما كانت لجية، وربما كانت شاطئية أو قريبة من الأرض. وفى هذه الأجناس فصول واختلاف بقدر الأماكن التى تأوى فيها، مثل 〈ما هو موجود قرب كريت περι Κρητην بالنسبة إلى السمك الذى يسمى〉 قوبيوى κωβιοι وجميع السمك الصخرى: فإنه يكون هناك أسمن وأخصب وأطيب. وأصناف السمك الذى يسمى ثنوس Θυννοσ يطيب أيضاً بعد مطلع ذنب بنات نعش Αρκτυυροσ، فإنه فى ذلك الزمان يكف ولا يهيج إلى السفاد. ومن أجل هذه العلة، يكون لحمه فى الصيف رديئاً. ويكون أيضاً كثير من أصناف السمك فى البحيرات، مثل صالپى σαλπαι وخروسفروس χρυσοφρυσ وطريغلا τριγλη وأجناس أخر كثيرة من أجناس السمك. ويكون أيضاً فيها الصنف الذى يسمى باليونانية امياى αμιαι، مثلما يكون فى ناحية البلدة التى تسمى باليونانية الوپكونيسوس Αλωπ κοννηοοσ وفى البقعة التى تسمى باليونانية بسطونيس βιοτωνισ: فإن أجناساً كثيرة [١٩٧] من السمك تكون فى هذه الأماكن.

وكثير من صنف السمك الذى يسمى قولياس κολιασ لا يكون فى بحر بنطوس ποντοσ، وهو يصيف فى البحر والموضع الذى يسمى پروبنطس προποτοσ، ويولد هناك ويشتو فى الموضع الذى يسمى اجيون Αιγων. وأما أصناف السمك الذى يسمى ثونيداس Θυννιδεσ وپيلاموداس πηλαμδεσ وأمياى αμιαι فإنها فى الربيع تذهب إلى بحر بنطوس ποντοσ وتصيف هناك. وكثير من الجنس الذى يسمى رواداس ρυαδεσ ومن أصناف السمك الذى يعوم فى البحر رفاً رفاً وكثير من السمك يعوم على مثل هذه الحال؛ ولجميع رفوف السمك قواد يتقدمها إذا عامت.

وإنما يأخذ أصناف السمك إلى ناحية بنطوس، لحال الطعم والرعى، فإن الرعى هناك أجود وأخصب، لأن الماء عذب، وما عظم من السباع هناك قليل، فليس فى ذلك الموضع شىء من السباع ما خلا الدلفين والذى يسمى باليونانية فوقينا Φωκαινη و〈الموجود هناك هو〉 الدلفين الصغير. فإذا صارت إلى ذلك الموضع عامت إلى الشط، لحال الرعى؛ ولكى تبيض هناك، فإن فى ذلك الموضع أماكن موافقة لذلك. والماء العذب الحلو يغذى السمك الصغير الذى يخرج من البيض ويعوم ويرجع. فإذا باضت تلك الأجناس وشب السمك الذى يخرج من البيض، ويعوم ويرجع إلى المواضع التى كان فيها أولاً بعد طلوع الثريا. وإن كان فى ذلك الأوان شتاء، والريح التى تهب جنوب، لا يعوم إلا شيئاً يسيراً. وإذا نفخت ريح الشمال يعوم كثيراً، لأن الريح معينة له على ذلك. وإذا بلغ إلى ناحية البوزنطيون βυζαντιον — أعنى مدينة القسطنطينية — يصاد كثير منها، لحال تعبها ومأواها الذى كان فى بنطوس ποντοσ.

فجميع أصناف السمك يستبين إذا عامت ذاهبةً وإذا عامت راجعةً. فأما الجنس الذى يسمى باليونانية اطريخيا τριχιαι فإنه يصاد بكثرة إذا كان متوجهاً إلى الموضع الذى وصفنا. فأما إذا رجع، فليس يظهر ألبتة. وإذا صيد شىء منها فى ناحية القسطنطينية نقى الصيادون شباكهم لحال كثرة الوسخ. وعلة ذلك أن هذا [١٩٨] الجنس فقط يرجع إلى ناحية البحر الذى يسمى ادرياس Αδριασ، ويصاد بكثرة. وإذا رجع من هناك لا يصاد ألبتة.

فأما الصنف من السمك الذى يسمى ثنوا Θυννοι فإنه إذا توجه إلى ناحية 〈البنطوس〉 يعود يمنةً من الأرض، وإذا رجع يعوم يسرةً من البر. وقد زعم بعض الناس أنه يفعل ذلك لأنه يبصر بالعين اليمنى بصراً أجود، وهذا الجنس من قبل الطباع ردىء البصر.

وإذا كان 〈الوقت〉 نهاراً، يسافر الجنس الذى يسمى رواداس، وإذا كان الليل يسكن، وهذا إن لم تكن 〈الليلة〉 مقمرة؛ فإذا كانت مقمرة، يسافر ولا يسكن. وقد زعم بعض الناس الذين يأوون فيما يلى البحر أنه إذا كان الزوال الشتوى، لا يتحرك هذا الصنف بل يسكن ويقيم حيثما كان إلى زمان استواء الليل والنهار.

فأما ما كان من جنس السمك الذى يسمى قوليى χολιαι فإنه يصاد إذا توجه 〈داخلاً الپنطوس ποντοσ〉، وإذا رجع يصاد صيداً (يسيراً) وهو أطيب اللحم قبل أن يبيض فى الموضع الذى يسمى پروپنطوس προποντοσ. فأما الصنف الآخر من أصناف روداس ρυαδεσ فإنه إذا خرج من بنطوس يصاد أكثر؛ وهو فى ذلك الأوان طيب اللحم. وإذا توجه السمك وكان قريباً من المواضع الذى يسمى اجيون Αιγων يصاد سميناً جداً. والذى يصاد فيما يبعد من ذلك المكان يوجد مهزولاً جداً. ومراراً شتى إذا عرض لصنف السمك الذى يسمى 〈قولييى κολιαι والذى يسمى〉 سقومبروى οκομβροι ريح جنوب، يصاد بكثرة، ولاسيما فى ناحية بيزنطيون βυξαντιον.

فأجناس السمك تنتقل من أماكن إلى أماكن فى أوان الصيف والشتاء كما وصفنا. ومثل هذا العرض يعرض للحيوان البرى فى المواضع التى يأوى فيها: فإنه إذا كان الشتاء، دخل كل واحد منها فى مأواه وعشه ومربضه. وإذا كان أوان الصيف يبرز إلى ما خارج. وكثير من الحيوان يهيىء العش والمربض بقدر ما يكنه ويستره من إفراط البرد والحر. ومن الحيوان أجناس تصير إلى تلك الأماكن جميعاً، ومنها ما تصير إلى بعضها، ومنها ما لا تصير إليها مثل الحيوان الذى فى البحر، الذى يسمى بورفيرى πορΦυραι وقيريقس χηρυκεσ وجميع الجنس الذى يشبهها. وإذا كانا مرسلين يكون [١٩٩] موضع أعشتها أبين، لأنهما تخفيان ذاتهما، مثل الجنس الذى يسمى أقطاناس κτενεσ وتفسير هذا الاسم: أمشاط؛ ومن الحيوان ما لظاهر جسده غطاء مثل الحلزون البرى οι χερσαιοι κοχλιαι. فأما ما كان منها ملصقاً فليس يستين تنقله حسناً. وليس يعشش جميع الحيوان فى زمان واحد، بل الجنس الذى يسمى حلزوناً يعشش فى الشتاء. فأما الجنس الذى يسمى پورفيرى وقيريقس فهما يعششان قبل طلوع الثريا بثلاثين ليلة. والذى يسمى اقطانيس κτενεσ يعشش فى ذلك الزمان أيضاً.