Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈طريقة حياة الأيل〉

فأما من أصناف الحيوان البرى ذوات الأربع الأرجل، فالأيل يظن أن 〈ليس〉 له حلم، لأن الأيلة تلد قريباً من السبل والطرق — لهرب السباع من الناس. فإذا وضعت الإناث، أكلت اللوف أولاً، وبعد أكلها إياه تحن إلى جرائها. وهى تستحب الكينونة تحت ضوء القمر، وتأتى بجرائها إلى أماكن شرب الماء، وتعرفها المواضع التى ينبغى لها أن تهرب إليها، إذا كان أوان هرب، وهى صخور فيها شقوق، وتجويف له مدخل واحد: تقف فى ذلك المدخل وتقاتل بجهدها كل حيوان يطلب ضررها.

والذكر من الأيلة يسمن جداً. فإذا سمن يختفى، ولا يظهر نفسه بل يغيب فى مواضع [٢٢٦] ليست بمعروفة لأنه يصاد عاجلاً لكثرة شحمه. والأيلة تلقى قرونها فى أماكن عسرة صعبة [لكن] لا تؤخذ، ولذلك قيل فى المثل [الذى يقول]: «هى حيث تلقى الأيلة قرونها». وإذا ألقت قرونها، تتحفظ وتتوقى من أن تظهر، كأنها قد ألقت سلاحها. ويقال إنه لم يعاين أحد القرن الأيسر من قرون الأيلة قط، لأن فيه منفعة ودواءً موافقاً لبعض الأدواء.

وليس تنبت قرون الأيلة إذا مضت لها سنة، بل يظهر فى رءوسها شىء صغير ناتىء كثير الشعر. وإذا مضت بها سنتان، تنبت قرونها، أول نباتها، مستقيمة كالأوتاد، ولذلك يسمونها فى ذلك الزمان «أوتاداً». وفى السنة الثالثة تكون لها شعبتان. وفى السنة الرابعة تغلظ وتنحنى، حتى تبلغ ست سنين وبعد ذلك يكون نباتها على فن واحد. ولا تعلم سنو قرونها. وكبرها يعلم من خصلتين: أعنى أنه لا يكون لبعضها أسنان، ومنها ما تكون لها أسنان يسيرة. ولا تنبت الأسنان، التى بها تقاتل، بعد ذلك الوقت. وتلك الأسنان هى المائلة المعوجة إلى خارج، وبها تقاتل. وليس توجد هذه الأسنان فى المسن من الأيلة، ولا يكون نشوؤها مستقيماً. وهى تلقى قرونها فى كل سنة مرةً واحدة فى الشهر الذى يسمى ثرجليون θαργηλιων؛ وإذا ألقت قرونها اختفت بالنهار فى الغياض، لحال إتيانها فى الذباب، كما قيل أولاً. وأول ما ينبت من القرون يكون كأنه جلد كثير الشعر. وإذا نشأت قرون الأيلة تستحب المأوى فى الشمس لكى تنضج وتيبس وتجود قرونها. فإذا كان ذلك ولم توجع قرونها إذا حكت بها الشجر، حينئذ تترك أماكن الغياض وتخرج إلى سفح الجبال والأرض المستوية لثقتها بأن لها سلاحاً تقاتل به. وقد صيد أيل فى الزمان السالف وعلى قرونه عشبة يقال لها قتوس κιττοσ نابتة كبيرة خضراء، كأنها نبتت فى تلك القرون وهى لينة بعد، وكان نباتها مثل نبات النقش فى موضع عميق.

وإذا لسعت الأيلة حية أو صنف آخر من أصناف الهوام، تجمع السراطين وتأكلها. ويظن أن هذا العلاج موافق للإنسان أيضاً، ولكنه علاج ليس [٢٢٧] بلذيذ. وإذا وضعت إناث الأيلة، من ساعتها تأكل المشيمة، ولا يمكن أن توجد لأنها تأكلها قبل أن تقع إلى الأرض. ويظن أن المشيمة دواء موافق لبعض الأدواء.

والأيلة تصاد بالصفير والغناء، لأنها تنضجع من اللذة. والذين يفعلون ذلك يكونون رجلين: أحدهما يصفر، ويغنى غناءً بيناً، والآخر يقف خلفها ويرشقها إذا أمكن ذلك وأشار إليه صاحبه. فإن كانت أذنا الأيل فى ذلك الأوان قائمتين فهو يسمع سمعاً جيداً ولا يخفى عليه ما يراد به؛ وإن كان مسترخى الأذنين، خفى عليه ذلك.