Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈الدببة — أمثلة أخرى على فطنة الحيوان〉

فأما الدببة 〈فإنها〉 إذا هربت دفعت جراءها بين يديها؛ وإذا اضطرت، حملتها وانطلقت؛ وإن لحقها طالبها صعدت إلى الشجر وأصعدت معها جراءها. وإذا خرجت من مجاثمها بعد مأواها هناك أياماً، تأكل اللوف، كما قيل فيما سلف؛ وتمضغ العيدان كأنها نبتت أسنانها.

وكثير من سائر الحيوان الذى له أربع أرجل يحتال بحيل حلم موافق لمعونتها وسلامتها. وقد زعم بعض الناس إن المعزى البرية التى فى أرض جزيرة أقريطية إذا رشقت بسهم ودخل فى أجسادها، تطلب العشبة التى تسمى باليونانية دقتامنون δικταμνον وتأكل منه لأنه يظن أن يكون مخرجاً دافعاً للحديدة التى تدخل فى الجسد. والكلاب أيضاً إذا مرضت مرضاً من الأمراض، تأكل عشبة من الأعشاب وتتقيأ وتبرأ من ذلك المرض. فأما الفهد فإنه إذا أكل العشبة التى تسمى خانقة الفهود، يطلب زبل الإنسان ويتعالج به. وهذه العشبة تهلك الأسد أيضاً، وإذا أكل منها طلب زبل الإنسان. ولذلك يأخذ الصيادون وعاءً ويملؤنه من زبل الناس ويعلقونه على شجرة، لكى لا يستبعد منها السبع لطلبه: فإذا وجده السبع وقف مكانه وجاءه لمنفعته، حتى يهلك مكانه. وقد زعم بعض الناس أن السباع تستحب رائحة الفهد، ولذلك يختفى الفهد، إذا كانت السباع قريبة منه، يتناولها ويأكلها. وبهذا النوع يأكل الأيلة أيضاً.

فأما الحيوان الذى يكون بمصر، والذى يسمى باليونانية أخنومون ιχνευμων فإنه أذا رأى الحية الأفعى قد دنت منه وهمت به لا تبدأ [٢٢٨] بقتاله حتى تدعو أعواناً أخر. وهو يلطخ كل جسده بطين، لحال اللذع؛ ويبل جسده أولاً بالماء ثم يتمرغ بالتراب حتى يصير طيناً، ويبدأ بقتال الأفعى.

فأما التماسيح فإنها تكون فاتحةً أفواهها، ويدخل الطير الذى يسمى باليونانية طروخيلوس τροχιλοσ فيها ويطير وينقى أسنانه، ويكون طعمه من تلك التنقية؛ والتماسيح لا تضره شيئاً لحال المنفعة التى تحس بها. وإذا هم الطير بالخروج، تحرك أعناقها لكن لا تعضها.

فأما السلحفاة فإنها إذا أكلت شيئاً من جسد الحية الأفعى، تأكل بعده صعتراً جبلياً. وقد عاينها إنسان تفعل هذا الفعل مراراً شتى. وكانت بعد أكلها الصعتر تعود أيضاً وتأكل من جسد الأفعى ثم ترجع إلى الصعتر. فلما فعلت ذلك مرةً بعد مرة، هلكت.

فأما ابن عرس فإنه إذا قاتل الحية يأكل السذاب، لأن رائحة السذاب تخالف الحية.

فأما التنين فإنه فى أوان الفاكهة يأكل من العشبة المرة. وقد عاينه غير واحد يفعل ذلك.

والكلاب إذا كان فى أجوافها دود، تأكل سنبل القمح.

فأما الطير الذى يسمى [باليونانية] لقلق وسائر الطير فإنها إذا جرحت من قتال بعضها لبعض تضع على ذلك الجرح صعتراً جبلياً، وقد عاين غير واحد من الناس الأفعى إذا قاتلت الحيات تأخذ بأعناقها.

ويظن أيضاً أن ابن عرس يحتال للطيور بحلم، ويذبحها ذبحاً كما تفعل الذئاب بالغنم. وهو أيضاً يقاتل الحيات التى تصيد الفأر، لأنه يصيد هذا الحيوان أيضاً.

فأما فعل القنافذ وجودة حسها، فقد عاين كثير من الناس [أعنى] أنها تحس بالريح التى تهب: إن كانت شمالاً، وإن كانت جنوباً: فما كان منها يأوى فى الأرض بغير الثقب الذى منه يدخل ليلاً، تصيبه الريح. والذى يأوى البيوت ينتقل إلى الحيطان. وقد زعموا أنه كان فى مدينة البيزنطية — وهى القسطنطينية — رجل يتقدم ويقول أى ريح تهب، حتى شرف من ذلك وعظم شأنه. وإنما كان يعلم ذلك من قبل قنفذ كان فى منزله.

فأما الحيوان الذى يسمى باليونانية أقطس ικτισ فعظمه مثل عظم بعض الكلاب الصغار؛ وهو أزب، كثير الشعر فى الوجه وسائر الجسد. وفيما يلى تحت عنقه بياض. وهو فى المكر شبيه بابن عرس. ويكون أنيساً جداً [٢٢٩]. ويفسد الخلايا لأنه يحب العسل ويأكل الطير أيضاً مثل السنور، وهو النمس. وذكره مثل عظم، كما قلنا أولاً؛ ويظن أن يكون دواءً لعسر البول، وإنما يجرد العظم ويسقى المريض من تلك الجرادة بالماء.