Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈الضفدع البحرى، الرعاد وسمك آخر. السبيا والبولب والأخطبوط〉

فهذه حال أصناف وأجناس الطير.

ويمكن من أراد — على ما نذكر — أن يعاين فى أصناف الحيوان البحرى أشياء كثيرة تفعل بحيل قصد تدبير معاش كل واحد منها. وما يذكر عن الضفدع البحرى الذى يسمى باليونانية اليا αλιεα، وما يذكر عن الحيوان الذى يسمى نارقى ναρκη — وتفسيره: جد رخو — 〈صحيح〉. فإن للضفدع شيئاً مخلوقاً فى مقدم عينيه مستطيلاً [٢٤٥] شبيهاً بالشعر، وطرفه مستدير موافق للخديعة والصيد. فإذا اختفى فى الأماكن الرملية والعكرة الماء نشر الأعضاء الناتئة بين عينيه، وصاد بها السمك الصغار، حتى يشبع وتمتلىء معدته. — فأما الذى يسمى خدر [torpille] فهو يصيد كل ما يدنو منه من السمك لأنه إذا دنا من جسده خدر ولم يقو على الحركة ولا البراح. فهو يتناول ويأكل ويختفى فى الرمل والطين ويصيد كل ما يمر به 〈من〉 السمك بخدر. وقد عاين ذلك كثير من الناس عياناً. والأطرغلة البحرية تختفى،ولكن ليس مثل ما يختفى الخدر. والعلامة الدليلة على أنها تعيش بمثل هذا النوع من قبل أنها تصاد مراراً شتى، وفى أجوافها السمك الذى يقال له قاسطريوس χαστρευσ، وهو من أسرع السمك، ونارقى والضفدع من أبطأ السمك. وإذا لم تكن الأجزاء الناتئة التى فى رأس الضفدع قوية، يصاد مهزولاً سىء الحال؛ فأما الذى يسمى خدر فهو معروف، لأنه يخدر كل من مسه من الناس. وأيضاً الذى يسمى عمار ονοσ والذى يسمى 〈باطوس βατοσ والذى يسمى〉 پسيطى Φηττα وهرينى ρινη: تختفى فى الرمل، كما يختفى الضفدع. وإذا اختفت، صادت السمك الصغير الذى يوجد فى الطحلب.

فأما حيث يكون انثياس ανΘιασ فلا يكون سبع؛ والملاحون يعرفون هذه العلامة، ويسمون الانثياسات سمكاً كهنياً. ويشبه أن يكون ذلك عرضاً، كما يقال: إنه حيث يكون حلزون، فلا يكون خنزير ولا قبج، لأن كليهما يأكلان الحلزون.

فأما الحية البحرية فلونها مثل لون السمك الذى يسمى غنغروس γογγροσ وجسدها أيضاً مثل جسده، غير أنها أقوى لأنها إذا فزعت وخلى سبيلها، غابت فى الرمل عاجلاً لأنها تثقبه بطرف فمها الحاد 〈وهو أكثر حدة من〉 أفواه الحيات.

فأما الحيوان البحرى الذى يسمى أربعة وأربعين 〈فإنها〉 إذا بلعت الصنارة انقلب جوفها وصار ما 〈هو〉 داخل خارجاً؛ فتنقلع الصنارة؛ وإذا انقلعت رجعت إلى الحال الأول. وهذا الحيوان يستحب كل ما كانت رائحته رديئة، مثلما يفعل البرى منه. وليس يلسع بفمه، بل يمس كل جسده، مثل الحيوان الذى يسمى باليونانية قنيدا κνιδαι.

فأما من أصناف السمك، فالذى يسمى «ثعلب» إذا أحس أنه قد بلع الصنارة يحتال ويتتبع الخيط ويأكله حتى يقطعه، ولذلك يصاد كثير [٢٤٦] من هذا الصنف وفى جوفه كثرة صنارات، وإنما يصاد فى الأماكن العميقة.

وصنف من السمك الذى يسمى اميا αμια إذا عاين سبعاً يجتمع بكثرة، ويكون ما عظم منه حول الصغار. فإذا دنا السبع من بعضها، حامت البقية وقاتلت عنها. ولها أسنان قوية، 〈وقد شوهدت لاميا تسقط وسطها وتخرج مثخنة بالجراح〉.

فأما صنف السمك النهرى الذى يسمى باليونانية اغلانيس γλανισ فهو يتعاهد فراخه تعاهداً شديداً. فأما الأنثى، فإذا باضت تركت البيض. والذكر يتبع البيض ويحفظه ويقيم معه، وخاصةً حيث يجتمع كثير من البيض. وإنما منفعته لذلك البيض لأنه يمنع سائر السمك الصغير من حفظه وابتلاعه. فهو يفعل ذلك أربعين أو خمسين يوماً حتى ينشأ السمك ويقوى على الهرب من غيره. والصيادون يعرفون مكانه الذى يأوى فيه حافظاً بيضه، لأنه إذا دنا منها شىء من السمك يريد أكل بيضه 〈نزا〉 ونفر ويكون له دوى. فهو محب لبيضه والسمك الذى يخرج منه، كما وصفنا. وإن كان البيض عند أصول شجر عميق جداً، رفعه من ذلك العمق وقامه حافظاً له، وربما ابتلع صنارة الصياد وأخذ بها، لا يدع حفظ بيضه، بل يعض تلك الصنارة ويلويها بشدة وصعوبة بأسنانه.

ويلقى جميع أصناف السمك الذى يريد أن يرعى، فى الأماكن التى فيها بيضه ويرفعها بجهده. وأصناف السمك الذى يأكل اللحم يتنقل خاصةً. وجميع أصناف السمك يأكل اللحم، إلا قليل منها، مثل الذى يسمى باليونانية قسطروس κεστρευσ وصالبى σαλπη واطريغلى τριγλη وخالقس χαλκισ: فأما السمك الذى يسمى فولس Φωλισ فإنه يخرج من جوفه مخاطاً كثيراً فيلصق حول جسده ويكون له مثل وقاية تقيه وتستره.

فأما من أصناف السمك الخزفى الجلد 〈و〉الذى 〈ليس〉 له رجلان فالذى يسمى «مشطاً» يتحرك خاصة حركة كثيرة ويطير طيراناً. فأما الذى يسمى بورفورا πορΦυρα فليس يتحرك من موضعه إلا قليلاً؛ والأصناف التى تشبههه كمثل. 〈وفى مضيق〉 پرا πυρρα السمك فى الشتاء يعوم ويخرج إلى خارج، ما خلا الصنف الذى يسمى قوبيوس κωβιοσ لحال البرد، فإن أوريبوس موضع بارد جداً. وإذا كان أوان الربيع، عام السمك ورجع إلى اللج. وليس يكون [٢٤٧] فى أوريبوس صنف السمك الذى يسمى سقاروس σκαροσ ولا الذى يسمى ثريطا Θριττα، ولا شىء من الأصناف المختلفة الأشواك، ولا غاليوى γαλεο ولا اقنثياى ακανΘιαι ولا قارابوى καραβοι ولا الأصناف الكثيرة الأرجل ولا الصنف الذى يسمى بوليطينى βολιταιναι 〈ولا بعض الأصناف الأخرى. ومن بين السمك الذى يعيش فى هذا المضيق، القوبيوس κωβιοσ الأبيض ليس من السمك الخاص بأعالى البحار〉.

وأصناف السمك التى تحمل 〈بيضاً〉 تشب وتخصب فى أوان الربيع إلى أن تبيض بيضها. فأما أصناف الحيوان الذى يلد حيواناً مثله فهو يسمن ويخصب فى أوان الخريف، مثل الذى يسمى قاسطروس κεστρευσ واطريغلى τριγλη وجميع سائر الأجناس التى تشبهها. وأما فى ناحية البلدة التى تسمى لازبوس λεσβοσ فجميع الحيوان البحرى والذى يكون فى لازبوس يلد فى لازبوس وهى تسفد فى الخريف وتلد وتبيض فى الربيع. والأصناف التى تسمى باليونانية سلاخى σελαχη كمثل. وإذا كان الخريف، تعوم هذه الأجناس مختلطة، أعنى الذكورة مع الإناث لحال السفاد. وإذا كان الربيع تعوم مفترقة حتى تلد أو تبيض. وإذا كان أوان السفاد يصاد كثير منها 〈و〉بعضه لاصق ببعض، أعنى الذكورة مع الإناث.

فأما من صنف السمك الذى يسمى مالاقيا فالذى يسمى سپيا منكر جداً، لأنه يقىء شيئاً أسود يعكر به الماء ليخفى به نفسه، وليس لحال الجزع فقط؛ فأما الحيوان الكثير الأرجل والذى يسمى طاوثيس τευθισ فهو يقىء أيضاً شيئاً كدراً، وإذا قاءه لا يقىء جميع ما فى جوفه، بل يبقى بفيه؛ وإذا قاء تلك الفضلة تنشأ وتخصب أيضاً. فأما سپيا فهى تفعل ذلك مراراً شتى لتخفى نفسها، كما قلنا فيما سلف، وربما برزت قليلاً من الماء الذى كدرت بفيها ثم عادت إليه. وهى تصيد صغار السمك، وربما صادت السمك الذى يسمى قاسطروس.

فأما الصنف الذى يسمى الكثير الأرجل [poulpe] فليس له توق لأنه ربما عام وجاء إلى يد الرجل إذا رآها فى الماء. وله تدبير حسن لمعاشه، ويجمع كل ما يقدر عليه إلى مأواه وموضعه. وإذا أكل أطايبها، أخرج الخزف وأعظمه السراطين والحلزون وشوك السمك الصغير. وهو يغير لونه ويصيره مثل لون الحجارة التى يقرب منها، وبذلك يخدع السمك ويصيده؛ وهو يفعل ذا الفعل أيضاً إذا فزع واتقى. وقد زعم بعض الناس أن الذى يسمى سپيا يفعل مثل هذا الفعل أيضاً، لأنه يغير لونه ويصيره مثل لون المكان الذى يأوى فيه. وليس فى أصناف السمك الصغير شىء يفعل هذا الفعل، ما خلا الذى [٢٤٨] يسمى رينى ρινη فإنه يغير لونه مثلما يغير لون الحيوان الكثير الأرجل.

وعامة الحيوان الكثير الأرجل يبقى أكثر من سنتين، لأن جسده سريع الذوب. وإذا أصابه شىء من التدليك، ذابت منه رطوبة، وفى الآخرة يفنى ويهلك. فأما الإناث فإنها تلقى ذلك بعد الولاد، وتحمق ولا تحس بالأمواج. ولذلك يكون صيدها بالأيدى ممكناً يسيراً، وتكون أجسادها رخوة مخاطية، ولا تثبت فى أماكنها ولا تصيد. فأما الذكورة فإن أجسادها تكون لزجةً شبيهة بالجلود الرطبة. والعلامة الدليلة على أنها لا تبقى أكثر من سنتين من قبل أنه بعد ولاد الأصناف الكثيرة الأرجل فى الصيف لا يمكن أن يوجد منها فى الخريف شىء مسن؛ وقبل ذلك الأوان بقليل يوجد منها فى الخريف كثيرة مسنة عظيمة الجثث. وإذا باضت الإناث ضعفت وعجزت ومرضت، ولذلك يأكلها جميع أصناف السمك وتجذب من أعشها بأيسر المؤونة. وقد زعم بعض الناس أن صغار الحدث من أصناف السمك الكثيرة الأرجل لا تلقى شيئاً من الآفات التى ذكرنا بعد الولاد، بل تكون أقوى من الكبار.

وصنف الذى يسمى سپيا ليس يبقى سنتين.

وليس يخرج شىء من الأصناف التى تسمى مالاقيا إلى البر، ما خلا الحيوان الذى يسمى كثير الأرجل، وإنما يسير على المواضع الخشنة ويهرب من الأماكن الملساء. وجميع أعضاء هذا الحيوان قوية، ما خلا العنق فإنه ضعيف، فإذا أخذ بعنقه هلك.

فهذه حال صنف السمك الذى يسمى باليونانية مالاقيا. وأما الحيوان الذى يسمى قونخى κογχη فإن الدقيق الخشن منه قد زعم بعض الناس أنه يهيىء حوله مثل ثوب جاس ليوقيه. وإذا كان الحيوان عظيماً هيأه أعظم. وهو يخرج منه كما يخرج غيره من عشه ومكان مأواه.

والحيوان البحرى الذى يسمى ناطيلوس ναυτιλοσ كثير الأرجل من الطباع. وهو يعوم على وجه الماء ويصعد من أسفل، أعنى من العمق. وإذا صعد، يكون منقلب الخزف، لكن يصعد عاجلاً... وبعدما يكون على وجه الماء ينقلب ويذهب إلى العمق أيضاً. وبين رجليه شىء نابت من الطباع شبيه بالجلد الذى يكون بين أصابع رجلى بعض الطيور، ولكن الجلد الذى يكون بين أصابع بعض الطيور غليظ يخين. فأما [٢٤٩] الذى يكون بين أرجل هذا الحيوان فهو يكون رقيقاً سخيفاً شبيهاً بنسيج العنكبوت. وهو يستعمل ذلك الجلد مثل شراع، إذا طابت الريح؛ ويستعمل الرجلين مثل السكان. وإذا فزع، نزل إلى عمق البحر، بعد أن يملأ جوفه. فأما حال كينونته ونشوء الخزف فلم يعلم بعد علماً لطيفاً. ويظن أن هذا الحيوان لا يكون من سفاد، بل يتولد من ذاته مثل سائر أصناف الحلزون. ولم يستبن بعد إن كان يعشش وهو مرسل، أم لا.