Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈طباع الدبر〉

وفى الدبر جنسان، أعنى الجنس الجبلى، والذى يكون فى السهل. فالجبلى يأوى فى الجبال والأماكن الصعبة ولا يعشش على الأرض، بل فى الشجر؛ وهو فى المنظر أعظم جثةً من الجنس الآخر. وهو مستطيل الجسد، ولونه إلى السواد ما هو أكثر من الآخر؛ ولكل هذا الجنس حمة؛ وهو أقوى من غيره. ولدغته أوجع من لدغة الآخر، لأن حمته أكبر من حمة غيره. وهذا الجنس من الدبر يبقى أقل من سنتين؛ وفى الشتاء يظهر لأنه يطير ويخرج من الشجر الذى يقطع. وفى الشتاء يختفى فى عشه ولا يخرج. ومأواه فى الشجر. ومنه ما يسمى أمهات، ومنه ما يسمى عمالاً. وكذلك يسمى الدبر الذى يكون فى السهل أيضاً. وسنبين طباع العمال من الأمهات إذا أخذنا فى ذكر الدبر السهلى، فإن للدبر السهلى أيضاً أجناساً. ومنه ما يسمى أمهات، أعنى قواد الدبر، ومنه ما يسمى عمالاً. والقواد أودع وأعظم جثثاً. والعمال لا يبقى سنتين، بل يموت كله فى أوان الشتاء، وذلك بين من قبل أنه إذا كان ابتداء الشتاء يختفى؛ وإذا كان أوان الزوال لا يظهر ألبتة. فأما قواد الدبر، وهو الذى [٢٦٠] يسمى الأمهات، فهى تظهر فى كل شتاء وتعشش فى الأرض. وإذا كريت أو حفرت الأرض فى الشتاء، تظهر أمهات كثيرة، وقد عاينها غير واحد من الناس؛ فأما الدبر العمال فلم يعاينه أحد.

وولاد الدبر يكون على ما نصف: الأمهات إذا أصابت مكاناً موافقاً فى أوان الصيف تجعل ثقباً وبيوتاً شبيهة بالبيوت التى تعمل من الموم. وتهيىء لتلك البيوت مثل أربعة أبواب قريباً منها، ويكون فى تلك البيوت دبر ولا يكون أمهات. فإذا شب ذلك الدبر هيأت الأمهات بيوتاً اكثر. وإذا شب الدبر أيضاً بنيت أكثر من تلك البيوت، ولذلك فى آخر الخريف تكون بيوت الدبر كثيرة، وفيها يكون القائد الذى يسمى «أما»، وليس يلد بعد ذلك دبراً بل أمهات. وتكون تلك الأمهات فوق البناء فى الظاهر مثل دود عظيم فى ثقب له أربعة أبواب أو أكثر. وإذا خلقت، كسبت الدبرة العمال أطعمتها وأدخلتها إليها، وذلك بين من قبل أن القواد لا تطير ولا تخرج بعد ذلك بل تقيم داخلاً ساكنةً. وإذا تولد القواد الحدث، ماتت القواد التى كانت فى العام الأول، وذلك لأن الدبر يقتلها. وهذا العرض يعرض بنوع واحد، وليس يستبين إن كان تبقى الأمهات أو تعيش أكثر من الوقت الذى ذكرناه. ولم يعاين أحد ذلك فى الدبر الجبلى أيضاً، ولا آفة أخرى مثل هذه ألبتة.

والأم تكون عريضة ثقيلة، أثخن وأكبر من الدبر العمال. ولحال ثقل الجسد لا تنزو نزواً شديداً. والأمهات تبقى داخلاً فى الثقب والبيوت لأنها تحيل وتدبر ما هناك. والأمهات توجد فى أعشة الدبر كثيرة. وهو مشكوك إن كانت لها حمة، أم لا. وهو شبيه أن يكون مثل ملوك النحل أعنى أن لها حمة؛ وليس يخرجها ولا يلدغ. ومن الدبر ما ليس له حمة مثل ذكورة النحل، ومنه ما له حمة ويلدغ. والذى ليس له حمة أصغر وأضعف؛ والذى له حمة أكبر وأقوى، ومن الناس من يسميه ذكورة، ويسمى الدبر الذى ليس له حمة: إناثاً. وقد زعم بعض الناس أن كثيراً من الدبر الذى له حمة يلقى حمته فى الشتاء. ولم يعاين [٢٦١] ذلك عياناً إلى زماننا هذا.

والدبر يكون أكثر فى أوان القحط وقلة الأمطار وفى الأماكن الخشنة. وإنما يكون الدبر تحت الأرض ويحيل البيوت من تراب وحمأة: كل واحد من الدبر يبدأ بالبناء من الأصل. وغذاء الدبر من الثمرات والأزهار. وأكثر طعمه من الحيوان. وقد ظهر كثير من الدبر يسفد ويسفد. ولم يظهر إن كانت حمة للتى لا تسفد، وللتى تسفد، أم لا، إلى يومنا هذا وقد ظهر كثير من الدبر البرى يسفد ولأحدهما حمة، ولم يستبن بعد للآخر حممة.

وظن أن الزرع لا يكون من المكان الذى يزرع، بل يكون من ساعته أعظم من فرخ الدبر. وإن أخذ أحد دبراً، وربط رجليه وتركه يصر بجناحيه، طار حوله النحل الذى ليس له حمة، ولم يطر حوله الدبر الذى له حمة. من هذه العلامة يزكنون أن بعض الدبر ذكورة، وبعضها أناث.

وإذا كان شتاء يصير الدبر فى المغاير، ولبعضه حمة، وليس لبعضه حمة. ومن الدبر ما يبنى بيوتاً صغاراً قليلة. فأما التى تسمى أمهات فإنها تصادف كثيرةً فى شجر العرب فى زمان الحوال لأنها يجب أن تجمع الصمغ السمج الردىء. و〈إذا〉 قد كان فيما سلف مطر غزير، تتولد من الدبر كثرة؛ والدبر أيضاً يصاد فى 〈الأماكن الوعرة〉 والشقوق من الصخور. وظهر فى ذلك الزمان لكل الدبر حمة.

فهذه حال الدبر.