Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈الأسد — ابن آوى〉

فأما أشكال وأصناف الحيوان: ففيها اختلاف كثير كما قلنا فيما سلف، أعنى الاختلاف الذى يكون فى الجلادة والجرأة، [٢٦٣] والجزع والخوف، والدعة وصعوبة الخلق. فهذه الأشكال توجد مختلفةً فى أصناف الحيوان البرى أيضاً: فإن الأسد فى أوان أكله يكون صعب الخلق خبيثاً جداً. فأما إذا أكل ولم يكن جائعاً، وتملى — فهو وديع جداً. وليس هو من الحيوان الذى يستريب ولا يظن ظناً من الظنون ألبتة. وهو يحب اللعب مع كل ما ربى ونشأ معه وكان له معه ود، مع شدة مودته له. وإذا هم بالصيد وعاينه أحد لا يجزع ولا ينهزم أبداً؛ وإن ألجىء إلى ذلك فى وقت من الأوقات إذا أحس بكثرة الصيادين، يولى وينطلق ويمشى مشياً رفيقاً، ويلتفت إلى خلفه التفاتاً يسيراً. وإن تمكن من غيضة هرب عاجلاً حتى يبلغ مكاناً يظهر فيه؛ فإذا علم أنه قد ظهر، يمشى مشياً رفيقاً. وإن كان فى موضع سهل وألجىء إلى الهرب لحال كثرة الصيادين، جرى جرباً شديداً؛ وليس ينزو فى جريه، بل يجرى جرياً متصلاً متقارباً ملائماً، كجرى الكلب. وإذا طلب هو شيئاً من صيده وقرب منه، وثب ووقع عليه. فالذى يقال عنه 〈من〉 أنه يخاف النار خاصةً — حق، كما قال أوميروس الشاعر:

〈والمشاعل الملتهبة التى تجعله يرتجف، مهما يكن من اندفاعه〉

وهو يرصد الذى يرميه ويرشقه، ويشد عليه. وإن أخذه لم يضره ولم يمزقه، بل يخدشه ويحكه بمخاليبه، ثم يخليه بعد أن يفزعه. وإذا كثرت الأسد وضعفت ولم تقو على الصيد لحال ضعف المخاليب ووقوع الأسنان، جاءت إلى قرب المدن وآذت الناس. وهى تبقى سنين كثيرة. وقد صيد — فيما سلف — أسد وكثير من أسنانه مكسورة. ومن هذه العلامات يذكر بعض الناس أن الأسد يعيش سنين كثيرةً؛ ولولا أنها تبقى بقاءً يسيراً، لم يكن يعرض لها هذا العرض، أعنى كسر الأسنان وفناءها.

وفى الأسد جنسان: أحدهما مستدير الجثة، والآخر طويل الجثة، جيد الشعر، جلد. وربما هربت الأسد بعد أن تمد أذنابها مثل الكلاب. وقد عوين أسد مرةً يهم أن يقع على خنزير، فلما رآه يهم بقتاله هرب. وهو ضعيف إذا جرح فى ناحية مراق [٢٦٤] البطن وما يليه. فأما إذا جرح جراحات كثيرة فى سائر جسده، فليس يكترث لذلك. وله رأس صلب قوى. وإذا عض شيئاً بأسنانه أو جرح بمخاليبه، يسيل من تلك الجراحة قيح رقيق مثل الماء شديد النتن؛ ومثله يسيل أيضاً من الرباط والغيم الذى يوضع على الجراح. وعلاج عضة الأسد وعضة الكلب واحد هو فهو.

والسبع الذى يقال له باليونانية ثوس Θωσ محب للناس، ولذلك لا يضرهم، ولا تجزع 〈الناس منه〉 جداً. وهو يقاتل الكلاب والأسد، فمن أجل ذلك لا يكونان فى موضع واحد. وما صغر من صنف هذا السبع أجرأ وأجلد من غيره. وقد زعم بعض الناس أن لهذا السبع جنسين، وبعضهم يقول إن له ثلاثة أجناس؛ وليست له أجناس أكثر من التى وصفنا. وهو يغير اللون فى أزمان الزوال: فلونه فى الشتاء آخر، وفى الصيف آخر — كما يعرض لبعض أصناف السمك والطير والدواب ذوات الأربع الأرجل؛ وإذا صار الصيف، صار جلده أملس، وإذا كان الشتاء صار جلده أزب كثير الشعر.