Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈فحص الطمث وعنق الرحم〉

وعلينا أولاً أن نفحص عما إذا كان دم الطمث فى حال سليمة، وبعد ذلك نفحص حال فوهة الرحم. إن وضع الرحم يجب أن يكون مستقيماً، وإلا لم تجتذب المنى إليها، لأن إفراز المرأة يتم عند الجزء الأمامى من الرحم، كما تدل المشاهدة على ذلك، حينما يحدث إفراز أثناء النوم على نحو كامل. وفى هذه اللحظة فإن الجزء المرطب من الرحم يحتاج فى النساء إلى تلقى علاج تنظيف، كما لو كان قد جرى جماع مع رجل، وذلك فى نفس الموضع الذى يقذف فيه الرجل بمنيه، لا فى أعماق الرحم. لكن حين يحدث القذف فى ذلك الجزء الأمامى، فإن الرحم تشفط من هناك المنى بواسطة الهواء، كما فى حالة منخار الأنف. وهذا هو الذى يفسر كيف أن الإخصاب يمكن أن ينتج عن أى شكل من أشكال الجماع، لأنه على كل حال، يتم قذف المنى ناحية الجزء الأمامى من الرحم، أياً كان وضع الرحم، سواء تعلق الأمر بالمرأة أو بالرجل. لكن لو حدث — على العكس من ذلك — أن جرى القذف إلى ناحية الرحم نفسها (أى نحو داخل الرحم، لا نحو الجزء الأمامى منها)، فإن الجماع لا يصحبه إخصاب أبداً. وإذا لم يكن وضع الرحم مستقيماً، بل كانت متجهةً ناحية الأرداف، أو ناحية الفخذ، أو ناحية أسفل البطن، فإن الإخصاب يكون مستحيلاً، للسبب الذى بيناه سابقاً، أعنى كون الرحم عاجزةً عن امتصاص المنى. وعلى كل حال، فإنه إن كانت الرحم مثبتةً تماماً فى هذا الوضع، سواء أكان ذلك بالطبيعة، أم بسبب مرض، فإن هذه الآفة لا يمكن علاجها؛ لكن إن تعلق الأمر بتمزق، إما طبيعى، أو راجع إلى مرض أحدث انقباضاً نتيجةً لالتهاب، فإن ما أصابه من آفة ينبغى أن ينظر فيها وفقاً لهذا السبب أو السبب الآخر. وبالنسبة إلى النساء القادرات على الحمل، يجب — كما قلنا — أن تكون فوهة الرحم مستقيمة وأن تتسع بطريقة ملائمة. وأقصد من «ملائمة» أنه فى وقت بداية الحيض تكون الفوهة مرنة عند اللمس أكثر من ذى قبل، وألا تتسع كلها، بل على نحو معتدل. وحين تكون كذلك فإن بداية الحيض، وهى بيضاء، لا بد أن تظهر. لكن حين يصبح لون الحيض قريبا من لون اللحم، فإن الرحم يجب أن تكون واسعةً كثيراً دون أن تستشعر من ذلك ضيقاً، سواء لمسناها أو لم نلمسها، ويجب ألا تكون عديمة الإحساس، ولا أن تكون فوهتها مختلفة كثيراً عن شكلها المعتاد〉. وإذا كف الطمث ينبغى أن يكون فم الرحم منفتحاً جداً، جافاً ولا يكون جاسياً، ويكون على مثل هذه الحال يوماً ونصفاً، أو يومين. فإن هذه العلامات دليلة على أن الرحم حسنة الحال، وأنها تعمل عملها الطباعى. وإنما أقول إنها ينبغى أن تكون مفتوحة الفم من ساعتها ولا تكون لينة جداً، لأنها تسترخى مع استرخاء الجسد. وإذا قبلت الزرع أغلقت فمها، فإنه إن لم تنغلق وقع ذلك الزرع وسال عنها. فهذه حال الرحم الصحيحة الحال. وإذا كف السيل، ينبغى أن يكون فم الرحم جافاً يابساً لكى يجذب الزرع إذا مس الرجل المرأة. وإذا كان كل جسد المرأة صحيحاً ولم يكن متغيراً، فهو دليل أيضاً على سلامة الرحم، وأنه ليس شىء مانع من الحمل.