Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈دراسة الرحم وأحواله الطبيعية وغير الطبيعية〉

فمن هذه العلامات يعرف إن كانت حال الرحم سليمة، أو على خلاف ذلك. — وينبغى أن يعرض للرحم، بعد التطهر من الطمث، مثل هذه العلامات: إذا نامت المرأة فينبغى أن ترى فى حلمها كأنها تجامع زوجها وتلقى فضلة رطوبة كما تلقى إذا هى دنت منه، بغير عسر، وتلفى ذلك مراراً شتى. وينبغى أن تتنبه أيضاً وتتعالج بالعلاج الذى تتعالج به، إذا دنت من الزوج. وليس ينبغى أن يكون جفاف الرحم من ساعته، بل بعد حين. و[٢٨٧] تكون الرطوبة التى تصيب المرأة شبيهة بالرطوبة التى تصيبها إذا جامعت الرجل، فإن جميع هذه العلامات دليلة على أن الرحم قبول للزرع الذى يصل إليها. وإن أفواه العروق التى فى فم الرحم جاذبة ماسكة له. وينبغى أن تعرض للرحم أرياح ونفخ بغير سقم، كما يعرض للبطن، وأن تخرج منها 〈أرياح〉 صغار وكبار بغير آفة. فإن هذه العلامات دليلة على أن الرحم ليست هى أصلب مما ينبغى، ولا أرخى: لا من قبل الطباع، ولا من مرض، وأن الرحم قوية، وعلى 〈أنها〉 إذا قبلت الزرع وأمسكت وغذيت ونشأت، كان فى الرحم سعة وامتداد للناشىء، فإن لم يكن ذلك على ما وصفنا، فهو دليل على أن الرحم سعتها أكبر مما ينبغى وأن ليس ها حس: إما من قبل الطباع، وإما من قبل المرض. ولذلك لا تقوى الرحم على غذاء الجنين، بل تسقطه ويهلك. وإن كانت الرحم متغيرة جداً كما وصفنا، فالجنين يقع ويهلك وهو بعد صغير؛ وإن كانت ضرورة (= الأضرار التى أصابت) الرحم دون ذلك، فالجنين يقع ويهلك بعد أن يكبر. وإن كانت ضرورة الرحم يسيرة جداً، فهو يولد ويغذى غذاءً رديئاً ويكون مثل غذى فى إناء ردىء. وأيضاً ينبغى أن تكون [فى] الناحية اليسرى والناحية اليمنى من نواحى الرحم لينة إذا مست، وكذلك سائر جسدها. وإذا جامعها الرجل، ينبغى أن تترطب فيما بين ذلك، ولا تترطب مراراً شتى ولا جداً، وإنما هذا الترطيب مثل عرق المكان، أو مثلما يجتمع الريق فى أفواهنا إذا اشتقنا إلى الطعام؛ وإذا عملنا عملاً كثيراً عرقت أجسادنا، كذا تدمع عيننا إذا نظرنا إلى قرص الشمس وشدة ضوئها، وربما لقينا ذلك من برد شديد. فكمثل ما تترطب هذه الأعضاء، كذلك تترطب الأرحام إذا عملت وتعبت، ولاسيما إذا كان طباعها رطباً. وهذه الآفات تعرض خاصةً للنساء اللاتى حال أجسادهن حسنة، ولذلك تحتاج النساء إلى علاج وتعاهد فى كل حين: إما أكثر، وإما أقل. وكذلك يحتاج الفم إلى خروج البزاق أيضاً. ولكن قد تكون فى أرحام بعض النساء رطوبة كثيرة حتى [٢٨٨] لا يقوين على جذب زرع الإنسان بأفواهها، لحال خلط الرطوبة التى تكون من المرأة. ومع النظر فى هذه الآفات التى ذكرنا، ينبغى أن يتفقد أيضاً إن كانت امرأة إذا رأت فى حلمها أنها تجامع الرجل — كيف تكون إذا اشتهت: هل تكون قوية، أو ضعيفة؟ وإن كانت قوية وإن كانت تحس أولاً بيبس وجفاف ثم تترطب؟ فهذه الأعراض للمرأة الموافقة للولاد. فإن الاسترخاء والضعف الذى يصيب المرأة بعد تنبهها من الحلم، الكائنان بعد تنبهها، دليل على أنها تقبل زرع الرجل، وإذا لم يكن ذلك، دل على أن جسدها على الحال الطباعى والنوع الذى ينبغى؛ ولو لم يعرض ذلك، دل على أن الجسم سقيم. فأما إذا بقى الجسد قوياً والرحم فى الأول جافة ثم تترطب، فهو دليل على أن الجسد كله يأخذ ويشتد، وليس الرحم فقط، والجسد أيضاً قوى. وينبغى أن يعلم أن الرحم يجذب الزرع الذى يقع خارجاً منها بريح، وذلك دليل على قوته وشوقه، كما قيل أولاً، فإن الزرع لا يقع فيه، بل خارجاً منه. وكل جذب يكون بريح فهو قوى. فقد استبان أن الجسد أيضاً يجذب هذه الرطوبة.

ومن النساء نساء تصيبهن آفة أخرى، أعنى امتلاء الرحم ريحاً — فينبغى أن يتفقد ذلك أيضاً. وهذا العرض يعرض إذا جامعت امرأة زوجها فلم تلق زرعاً ولم تحمل، وامتلأت الرحم ريحاً. وعلة ذلك أيضاً من قبل أن الرحم إذا كانت جافة جداً، وأنها إذا جذبت الزرع الذى يقع خارجاً إلى ذاتها يبس وذهبت رطوبته وصار صغيراً جداً ووقع، وخفى على المرأة، لحال صغره، فلم تحس بخروجه. فإذا كانت هذه حال الرحم وغلب عليها اليبس، ألقت الزرع. وبذلك يستبين أن المرأة لم تحمل. وإن غفلت عما وصفنا وأقامت زماناً، ظنت أنها حامل، لحال الأعراض التى تعرض لها فإنها شبيهة بالأعراض التى تعرض للحامل الحق. وإن مضى بها زمان كثير، ارتفعت الرحم وانتفخت، حتى تظن المرأة أنها قد حملت يقيناً، حتى يخرج منها ما فيها. فإذا خرج، عاد الرحم إلى الحال الأول. ومن الناس من ينسب هذه الآفة إلى التدبير الإلهى. وهى يسيرة [٢٨٩] العلاج إذا لم تكن المرأة مطبوعة على هذه الطباع جداً. والعلامة الدليلة على ذلك أن كان يظهر أن تلك المرأة نقص زرعها، وإن كانت رحمها تجذب زرع الرجل ولا يعلق.