Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈أسباب العقم: عدم اتفاق وقت الإنزال عند الرجل والمرأة، زيادة الإنزال. — التشريح الداخلى للرحم〉

والعلامات الدليلة على أن الرجل خاصة 〈ليس〉 علة عدم الولد — كثيرة: ولا سيما إن جامع نساءً أخر فولد له منهن أولاد. وهو بين أن هذه العلة فقط مانعة للولد: أعنى اختلاف إفضاء زرع الرجل والمرأة، إذا كانت سائر الحالات مستقيمة. وهو بين أنه [٢٩٠] إذا كانت المرأة موافقة لقبول الزرع والولاد، فينبغى أن يكون إفضاء زرع كليهما معاً: فإن أفضى الرجل عاجلاً، وأبطأت المرأة، فلا يمكن أن يكون منهما ولد. وأكثر ذلك: النساء أبطأ إفضاءً للزرع من الرجال. وهذه علة مانعة للولد. ولذلك إذا فارق الرجل تلك المرأة وجامع غيرها، ولد له ولا للرجل قبل ذلك. وقد يغير الرجل المرأة، وكذلك المرأة تغير الزوج، فيولد لهما بعد عدمهما للولد. وإن كانت المرأة هائجة متهيئة للجماع مشتاقة إليه نشيطة، والرجل حزيناً مهموماً بارد الجسد — فباضطرار يكون إفضاء زرعهما معاً. — وربما عرض أن تكون المرأة رأت فى حلمها أنها تجامع رجلاً، فأفضت بزرعها، وربما لقى الرجل مثل ذلك، فكان أصح صحة وأحسن حالاً لخروج تلك الفضلة. وإنما يعرض هذا العرض إذا اجتمع فى الجسد زرع كثير، وصار فى الأماكن التى يخرج منها. فإن خرجت تلك الفضلة لا يعرض للجسد التى تخرج منه الفضلة 〈أذى〉 ولا إذا كان الزرع الذى يخرج رديئاً، فإن الجسد إذا خرجت منه الفضلة الرديئة يصح وإن كان 〈لا〉 يزداد قوة، بل خفة بينة. فأما إذا خرج الزرع من ذلك الذى يحتاج إليه الجسد، فحينئذ يضعف. وإذا كان الجسد ضعيفاً، فهو يمتنع من الجماع عاجلاً، أعنى من كثرته. وقرن الشباب أسرع إلى اجتماع الزرع أكثر من سائر القرون. والذين ينشأون عاجلاً، ويحتلمون عاجلاً. والذين لا ينشأون عاجلاً على خلاف ذلك. وحمل شباب النساء أسرع من حمل غيرهن. وليس يمكن أن تحمل النساء إن لم تحسسن بإفضاء الزرع؛ ولا يولد من جماع المرأة والرجل إن لم يكن إفضاء زرعهما معاً؛ وربما علقت المرأة وخفى ذلك عليها، من قبل أنها تظن أنه لا يمكن أن تحمل إن لم تجف أعضاء الجماع وغاب الزرع غيبةً بينةً. — وربما أفضت المرأة أكثر مما ينبغى، والرجل كمثل. ولا يمكن أن يبقى ذلك الزرع فى الرحم ولا يخفى، لأن الرحم إنما يحبس كفافها من الزرع. فإذا جذبت الرحم كفافها وبقى منه كثير وسال حينئذ، يخفى 〈الأمر〉 على المرأة وتظن أنها لا تحمل. فهو بين أنه لا يمكن أن يكون ما ذكرنا، ولا يكون ذلك من كل مجامعة وكل إفضاء زرع. — والدليل على ما قلنا الحيوان الذى يضع [٢٩١] جراءً كثيرة من سفاد واحد. وولاد التوأمين شاهد على ذلك، لأنه ربما كان من جماع مرة واحدة. وهو بين أن جزءاً من أجزاء الرحم جذب إلى ذاته بعض الزرع، وجزءاً آخر جذب غيره. والشاهد لنا أنه يولد أولاد كثيرة من سفاد واحد: العرض الذى يعرض للخنازير، فإنها تضع جراءً كثيرة العدد، والنساء ربما ولدن توأمين أو أكثر من ذلك كما قلنا ووصفنا فيما سلف. فهو بين أن الزرع يجىء من كل الجسد ويفترق ووتكون صورته قائمة إذا تجزأ وبقى فى الرحم. فليس يمكن أن يجتمع كل الزرع فى مكان واحد وأماكن مختلفة معاً.

وأيضاً المرأة تفضى خارجاً من فم الرحم حيث يفضى الرجل إذا جامع المرأة. ومن هناك يجذب الرحم الزرع بشهق، كما يجذب المنخر ما يجذب والفم أيضاً وجميع ما يجذب إلى ذاته بآلة موافقة للجذب. وله سبيل واحدة ومدخل، والناحية العليا منه عميقة. وإنما يجذب بروح (= نفس، نفخ). ولذلك يتعاهد النساء ذلك الموضع إذا كان جافاً حتى يعود إلى الحال الأولى. ولأرحام النساء سبيل منه يدخل ما يدخل حتى يصير إلى الموضع المجوف، وهو مثل عنق شبيه بذكر الرجل. وإنما يصل الزرع إلى الرحم بالروح، ومجازه بذلك العنق، وكذلك مجرى بول النساء فوق هذه السبيل قليلاً. ومن أجل هذه العلة لا يكون ذلك المكان قبل أن تهيج النساء إلى الجماع وبعد ذلك على حال واحدة. فوقوع الزرع يكون من عنق الرحم، ثم يجذب من هناك إلى داخلً، كما قلنا فيما سلف. وفعله هذا شبيه بفعل المنخرين، فإن للمنخرين سبيلاً [آخر] آخذاً إلى داخل الحلق؛ ومن ذلك السبيل يدخل الهواء لجذب المنخر، ومنه يخرج أيضاً. فعنق الرحم على مثل هذه الحال. وله خارجاً سبيل صغير جداً بقدر موافقته لمجاز الروح، وذلك السبيل واسع إذا قرب من جسد الرحم، مثل سبيل المنخر إذا دنا من الحنك ويدخل الحلق. فسبيل عنق الرحم فى الناحية الداخلة أوسع منه فى ناحيته الخارجة.

〈وما يوجد فى هذا العضو يجعل... نفس الإصابات، لأن المرأة أيضاً تقذف بمنى خصب. وإذا كانت نفس الأسباب، نتجت نفس النتائج. فالذين يرون، بالنسبة إلى المرض أو الموت، أن أحدهما سبب الآخر، لا يعتبرون إلا ما يجىء آخراً، بدلاً من الفحص عن المبادىء، مع أن هذا هو ما ينبغى الفحص عنه. وفى بعض الأحوال تكون هذه المبادىء هى السبب، وفى البعض الآخر لا تكون كذلك، ومن بين هذه المبادىء بعضها هو السبب، والبعض الآخر ليس كذلك. فثم إذن تفسير منطقى حتى للأحداث العرضية. وفى بعض الأحوال يحدث أن تصاب الذوات بكل التأثرات وتكون دائماً هى هى؛ والبعض الآخر منهم يمرون بكثير منها، إذا تدخلت أسباب عديدة، والبعض الثالث يمر بعدد محدود، والبعض الرابع لا يمر بأى منها، حين لا يتدخل أى سبب〉.