Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈القلب، الكبد، المعدة؛ تشريح الحيات؛ عيون الحيات〉

ووضع جميع هذه الأعضاء فى كل الحيوان واحد متشابه. فأما القلب [٤٥] فهو موضوع فى جميع الحيوان فى وسط الصدر، ما خلا الإنسان فإن قلب الإنسان مائل إلى الناحية اليسرى، كما قلنا فيما سلف. والجزء الحاد من أجزاء القلب مائل إلى مقدم الصدر فى جميع الحيوان، ما خلا السمك، لأن الجزء الحاد من القلب فى السمك مائل إلى ناحية الرأس والفم؛ وإنما هو متعلق بالمكان الذى فيه تلتقى الآذان (= الخياشيم) التى فى الناحية اليسرى 〈مع تلك التى〉 فى الناحية اليمنى. ومن القلب يخرج سبيل آخر ويمتد حتى ينتهى إلى كل واحد من الآذان. وتلك السبل عظيمة فيما عظم من السمك، وصغيرة فيما صغر من السمك. فأما فيما عظم منه جداً فإنه يصاب سبيل آخر من القلب إلى الآذان، مجوف أبيض شبيه بقصبة.

وليس لأجناس السمك فم معدة، ما خلا أصنافاً منها يسيرة معروفة مثل الانكليس والذى يسمى باليونانية غنقروس (γογγροσ)، فإن لها فم معدة صغيراً جداً.

وأكباد 〈الحيوانات التى لها كبد〉 تكون فى الناحية اليمنى. وربما كانت مشقوقة بجزئين من الطرف الأعلى إلى الناحية السفلى؛ وربما كانت متصلة ليس فيها شىء من الافتراق. وإذا كانت الكبد مجزأة بجزئين، يكون الجزء الأعظم فيما يلى الناحية اليمنى: 〈وفى بعض السمك يكون الجزآن منفصلين عن بعضهما دون أى التصاق بالقاعدة، كما هى الحال فى سمك القرش squales. كذلك يوجد نوع من الأرانب البرية، موطنها بلاد سوكينه، بالقرب من بحيرة بولبه وغيرها، ربما جعلت〉 الذى يعاين الكبد مجزأة بجزئين 〈يظن〉 أن ذينك الجزئين كبدان، لأن السبيل التى تجمع بين الجزئين تبعد عنهما، كما يعرض لرئة الطائر.

فأما الطحال فهو موضوع فى جميع الحيوان فى الناحية اليسرى من قبل الطباع. ووضع الكليتين واحد متشابه فى جميع الحيوان الذى له كلى. وربما شق إنسان بعض أجواف الحيوان فوجد الطحال فى الناحية اليمنى، والكبد فى الناحية اليسرى. وكل ما كان من هذا الصنف فإنه ينسب إلى العجائب.

وأما قصبة الرئة فإنها فى جميع الحيوان تنتهى إلى الرئة — وسنصف فيما يستقبل كيف يكون ذلك. فأما فم المعدة فهو آخذ إلى البطن، لأنه يمر بالصفاق، أعنى الحجاب الذى فى البطن. فهذه حال فم المعدة فى جميع الحيوان الذى له معدة. فإنا قد بينا فيما سلف من قولنا أنه ليس لكثير من أجناس السمك فم معدة، بل معدتها، أعنى بطونها، لاصقة برءوسها، وليس فيما [٤٦] بين رءوسها وبطونها عضو آخر متوسط بينها. ولذلك يعرض لما عظم منها خروج معدتها من أفواهها إذا هى طلبت أكل السمك الذى هو أصغر منها.

ولجميع الأجناس التى وصفنا بطون، وهى موضوعة وضعاً متشابهاً لأنها موضوعة تحت الحجاب، وبعدها المعى، وهى تنتهى إلى مخرج الطعام. فبطونها يشبه بعضها بعضاً بالخلقة والوضع. وينبغى أن نعلم أن لجميع الحيوان — الذى له أربع أرجل وهو يلد حيواناً مثله وله قرون وليس له أسنان فى الفك الأعلى بل فى الفك الأسفل — أربع بطون، وهذا 〈هو〉 الحيوان الذى يقال إنه مجتر، لأن فم المعدة يبدأ من ناحية الفم ويأخذ إلى ناحية الرئة ويمر بالصفاق حتى ينتهى إلى البطن العظيم. وما فى داخل ذلك البطن خشن، وبطن آخر لاصق بالبطن العظيم قريب من المكان الذى فيه يلتئم فم المعدة بالبطن. وذلك البطن الثانى أصغر من البطن العظيم جداً. وبعد البطن العظيم بطن آخر أيضاً خشن كثير التشبيك. وهو فى عظمه شبيه بعظم البطن الصغير الذى وصفنا قبله. وبعد هذا البطن الثالث بطن آخر رابع، شبيه بالبطن الثالث فى العظم، وربما كان أعظم منه. فأما شكل خلقته فمستطيل، وفى داخله تشبيك كثير أملس. وبعده المعى.

فهذه صفة بطون الحيوان الذى له قرون وليس له أسنان فى الفك الأعلى والفك الأسفل معاً. وربما كان فم المعدة آخذاً إلى وسط البطن، وربما كان آخذاً إلى ناحية من نواحيه. فأما الحيوان الذى له أسنان فى الفك الأعلى والفك الأسفل فله بطن واحد مثل الإنسان والأسد والكلب والدب والذئب. 〈أما ابن آوى فأجزاؤه الباطنة كلها مشابهة لأجزاء الذئب.〉 فلجميع هذه الأصناف من أصناف الحيوان بطن واحد، وبعد البطن المعى. ولكن بطون بعضها أعظم من بطون غيرها مثل الخنزير والدب 〈وبطن الخنزير فيها من الثنيات الملساء عدد أقل جداً. وبطون بعضها أصغر جداً، وليست أكبر كثيراً من المعى، مثلما هى الحال فى الأسد، والكلب والإنسان. وفى الحيوانات الأخرى يختلف شكل البطن (= المعدة) تبعاً للأشكال التى رأيناها: فهو يكون أحياناً مثل شكل معدة الخنزير، وأحياناً أخرى مثل شكل معدة الكلب، والأمر كذلك فيما يتعلق بالحيوانات الأكبر والحيوانات الأصغر. فعند هذه الحيوانات〉 البطون تختلف بالعظم والصغر والشكل والغلظ والدقة 〈كما تختلف من حيث مكان إتصالها بفم المعدة〉.

وطباع المعى مختلف فى الحيوان الذى له أسنان فى الفكين جميعاً، وفى الفك الواحد. وذلك الاختلاف من قبل العظم والغلظ [٤٧] والانثناء. وجميع معى الحيوان الذى ليس له أسنان فى الفكين أعظم من معى الحيوان الذى له أسنان فى الفكين لأن جثتها أعظم من جثة غيرها وقليل منها يكون صغير الجثة، وليس لشىء من الحيوان الصغير الجثة قرن. ولبعض الحيوان معى دقيق يشق المعى الأعظم. ولا يمكن أن يكون شىء من الحيوان مستقيم المعى إن لم يكن له أسنان فى الفكين جميعاً.

فأما الفيل فله معى كثير التشبيك، ولذلك يظن الذى يعاينه أن له أربع بطون. وفى ذلك المعى يكون طعمه، وليس له وعاء آخر غيره يكون فيه طعمه، ما خلا معاه. وجميع جوفه شبيه بجوف الخنزير، فأما كبده فهو أكبر من كبد الثور أربعة أضعاف. وسائر جوفه كمثل. فأما طحاله فهو صغير بقدر ملائمة جثته.

وبقدر هذا النوع بطون ومعى الحيوان الذى له أربع أرجل وهو يبيض بيضاً، مثل السلحفاة البحرية والسام أبرص والتمساح 〈بنوعيه وبالجملة كل الحيوانات التى من هذا الجنس〉: لأن لكل واحد مما وصفنا بطناً واحدة بسيطة، ومنها ما له بطن شبيهة ببطن الخنزير، ومنها ما له بطن شبيهة ببطن الكلب.

〈أحشاء الحيات〉

فأما أجناس الحيات فأجوافها وأمعاؤها شبيهة بأجواف وأمعاء الحيوان الذى له أربع أرجل ويبيض بيضاً، وخاصة تشبه أجواف السام أبرص إن توهم أحد أن السام أبرص مستطيل ليس له أرجل، لأن الحيات وما كان من أصناف السام أبرص مفلسة الظهور ملس البطون، ولذلك يشبه بعضها بعضاً بالخلقة، ولكن ليس للحيات خصىً، بل لها سبيلان تلتئم الواحدة بالأخرى، مثل سبيل السمك. وأرحام الحيات مستطيلة مشقوقة بجزئين. فأما سائر أجوافها فشبيه بأجواف السام أبرص، غير أنها مستطيلة ضيقة، لحال ضيق وطول جثتها. ولذلك تخفى أجوافها على كثير ممن يعاينها، لحال شبه بعضها ببعض. وقصبة رئة الحيات طويلة جداً و〈فم〉 معدتها مستطيل؛ وطرف القصبة يغمر الفم، ولذلك يظن الذى يعاين ذلك الطرف أنه متصل بناحية أصل اللسان. وألسن الحيات دقيقة مستطيلة سود مشقوقة [٤٨] باثنين، ولذلك يخرج من أفواهها كثيراً. وهو خاص للحيات وما كان من أجناس السام أبرص: تكون أطراف ألسنتها مشقوقة باثنين. وألسن الحيات خاصةً مشقوقة، وأطرافها دقيقة جداً، شبيهة بشعر. ولسان الحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية فوقى مشقوق أيضاً.

فأما بطن الحية فهو ضيق شبيه بمعى واسع. وذلك المعى شبيه بمعى كلب. وللحية بعد البطن معىً دقيق ينتهى إلى موضع مخرج الفضلة. ولها — قريباً من الحلق — قلب صغير مستطيل. ومنظره شبيه بمنظر كلية. ولذلك يظن بعض من يعاينه أن الجزء الحاد من القلب ليس هو موضوع قبالة الصدر. وبعد القلب: الرئة، وفيها أجزاء عصب دقيقة مفصلة مشبكة مستطيلة جداً متعلقة بالقلب. وبعد الرئة: الكبد، وهو مستطيل مبسوط. فأما طحال الحية فهو صغير مستدير مثل طحال السام أبرص. وللحية مرة تشبه مرة السمك، وهى تكون على الكبد فى الحيات الثخينة العظيمة. فأما فيما دق وصغر منها، فالمرة تكون على المعى أكثر ذلك. وأسنان الحيات حادة مختلفة ينطبق بعضها على بعض؛ وللحيات أضلاع كثيرة مساوية لعدة أيام الشهر، لأن لها ثلاثين ضلعاً.

وقد زعم بعض الناس أنه يعرض للحيات مثل العرض الذى يعرض لفراخ الخطاف وأنه إن ضرب أحد عينيها بإبرة أو بشىء آخر حاد أعماها، نبتت أيضاً استئنافاً وتعود أعينها إلى الصحة كما كانت أولاً. وأذناب الحيات والسام أبرص تنبت إذا هى قطعت.

〈أحشاء السمك〉

فأما خلقة ما يلى المعى والبطن فشبيهة بخلقة ما يلى بطن ومعى السمك، لأن بطن كل حية واحدة مبسوطة. وإنما تختلف بطون أصناف السمك بأشكالها، لأنها ربما كانت شبيهةً بأمعاء، مثل بطن السمكة التى تسمى باليونانية سقاروس (σχαροσ) وهى سمكة تجتر. فأما عظم المعى فهو مبسوط وإن كان فيه انثناء فإنه ينحل من ذلك الانثناء ويكون واحداً.

ولأجناس السمك وأجناس كثير من الطير شىء خاص، أعنى فروعاً تكون خارجة من أمعائها. ولكن ذلك يكون [٤٩] فيما كان من أصناف الطير فى الناحية السفلى، مع قلة؛ فأما فى أصناف السمك فتلك الفروع تكون فى الناحية العليا، وربما كانت تلك الفروع كثيرة 〈كما هى الحال فى السمك البورى البحرى goujon والقرشى squale والفرخ perche، وعقرب البحر، وسمك موسى sole، والترليا trigle والأسفاروس σπαροσ. والبورى mulet له فروع كثيرة على جانب من المعدة، وعلى الجانب الآخر لا يوجد غير فرع واحد. ولبعض السمك عدد قليل منها، مثل الهوفاتس hépatus والجلوكوس glaucus؛ كذلك ليس لسمك المرجان daurade غير قليل منها. وأفراد النوع الواحد يختلف بعضها عن بعض: فبعض سمك المرجان له عدد أكبر من الفروع، والبعض الآخر له عدد أقل〉. وفى السمك ما ليس لأمعائه فروع 〈: كما هى الحال فى معظم السلاشى. أما سائر السمك فبعضها له عدد قليل منها، والبعض الآخر له عدد كبير. وفى جميع الأحوال التى يكون للسمك فيها فروع، فإن هذه الفروع متعلقة وملحقة بالمعدة نفسها〉.

وفى خلقة أجواف أصناف الطائر اختلاف كثير، إذا قيست إلى خلقة سائر أجواف الحيوان وإلى خلقة بعضها، لأن فى أجواف بعض الطير حوصلة، مثل ما للديك، والفاختة والحمامة. وإنما خلقة الحوصلة من جلد عظيم عميق يكون فيه الطعام الذى لم ينضج بعد. والطرف الأعلى أضيق من فم المعدة، ثم 〈بعد ذلك〉 تكون أوسع منه. والطرف الذى يلى البطن أيضاً دقيق أضيق من فم المعدة. فأما بطون أصناف الطائر فخلقتها من لحم، وهى صلبة، ولها غشاء من جلد قوى يمكن أن يسلخ سلخاً ويخرج من الجزء الذى خلقته من لحم. وليس لبعض أصناف الطير حوصلة، بل لها بدل الحوصلة فم معدة واسع. وربما كان ذلك الفم كله واسعاً عريضاً، وربما كان الجزء الذى يلى البطن منه عريضاً فقط، مثل ما يكون فى الشرقرق والغراب والغداف. فأما الدراج فإن ما يلى البطن من فم المعدة عريض. والبومة والإوز البرى والمائى كمثل، 〈وكذلك الغاطس plongeon والحبارى outarde معدتها كلها عريضة فسيحة، وكثير غيرها من الطيور كذلك〉. ولبعض أصناف الطائر بطون تكون خلقة بعض أجزائها شبيهةً بخلقة حوصلة. ومن الطير ما ليس له فم معدة عريض ولا حوصلة عريضة، بل بطن مستطيل، مثلما يكون فيما صغر من الطائر مثل الخطاف والعصافير. وقليل من الطير ما ليست له حوصلة ولا فم معدة واسع، بل معىً مستطيل جداً. وكذلك يوجد فى الطير الطويل العنق 〈مثل الدجاج السلطانى πορΦυριων〉. وزبل الطير الذى يكون على هذه الحال أرطب من زبل غيره. فأما الدراج فله شىء خاص ليس هو لسائر أجناس الطير، لأن له حوصلة وفم معدة عريضاً واسعاً؛ 〈وحوصلة، قياساً إلى حجمه، على مسافة بعيد من فم المعدة فى الجزء البارز من المعدة〉.

فأما معى الطائر فهو دقيق 〈وإذا〉 تحلل من تشبيكه 〈كان بسيطاً〉. 〈و〉كما قلنا فيما سلف، فإنما ذلك التشبيك فى الناحية السفلى عند تمام المعى، وليس فى الناحية العليا مثل معى السمك. وليس تشبيك المعى فى جميع أصناف الطائر، بل فى كثير منها، مثل الديك والحجلة، 〈والبطة، وغراب الليل واللوقالس، والاسقلفوس، والإوزة، والبجعة، والحبارى، والبومة〉. وربما كان ذلك أيضاً [٥٠] فى الطائر الصغير الجثة، ولكن يكون تشبيكاً يسيراً جداً، مثلما يوجد فى العصفور.

تم القول الثانى من كتاب أرسطاطاليس الفيلسوف فى طبائع الحيوان وتركيبها