Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈نظام العروق عند أرسطو〉

وبمثل هذا النوع تتجزأ عروق من العرق الأصغر الذى يسمى الأورطى، وتلك الأجزاء تتبع أجزاء العرق الأعظم، وسبلها أصغر وأضيق من سبل العروق التى تتجزأ من العرق الأعظم. فهذه صفة جميع العروق التى تكون فيما يلى ناحية الجسد التى فوق القلب.

فأما جزء العرق العظيم الذى تحت القلب فإنه يمتد ويمر على الحجاب مرتفعاً عليه، وهو مشتبك بالعرق الذى سمى أورطى، وبناحية الفقار بسبل خلقتها من عصب لينة. ومن ذلك العرق يأخذ جزء واحد إلى ناحية الكبد، وهو عرق عريض قصير، ومنه تخرج عروق كثيرة دقيقة. ويمتد فى الكبد ويغيب فيه. والعرق الذى يأخذ إلى الكبد ينشق أيضاً باثنين، ويأخذ الشق الواحد إلى الحجاب وما يلى الناحية السفلى وينتهى هناك؛ فأما الشق الآخر فإنه يأخذ إلى الإبط والعضد الأيمن ويلتئم بالعرق الآخر الذى فى داخل انثناء المرفق؛ ولذلك يفصد المتطببون هذا العرق للذين بهم أوجاع الكبد فيبرأون من تلك الأوجاع. فأما من الناحية اليسرى فإنه يخرج عرق صغير لطيف وينتهى إلى الطحال، وينشق أيضاً بعروق دقيقة جداً ويفترق ويغيب فى الطحال. وجزء آخر يفترق من الناحية اليسرى من العرق العظيم، مثلما وصفنا، ويصعد إلى العضد الأيسر.

[٦٢] وتفترق عروق أخر من العرق العظيم، ويأخذ العرق الواحد منها بالثرب الذى على البطن، والآخر إلى 〈ما يسمى بالبنكرياس〉، ومنه تفترق أيضاً عروق كثيرة، وتأخذ إلى المعى الأوسط. وجميع هذه العروق تلتئم إلى عرق واحد عظيم، ويمر ذلك العرق بجميع المعى والبطن (= المعدة) حتى ينتهى إلى فم المعدة (= المرىء)؛ ومن هناك ينشق أيضاً فى عروق كثيرة.

وينبغى أن يعلم أن العرق العظيم والعرق الذى يسمى أورطى ينتهى 〈كلاهما〉 إلى ناحية الكليتين بغير افتراق. وإذا صارت إلى ناحية الفقار، افترق كل واحد منهما باثنين مثل ساقى شكل المثلثة، وأجزاء العرق العظيم تأخذ إلى ناحية الظهر أكثر من أجزاء العرق الذى يسمى أورطى، لأن ذلك العرق يلصق بالفقار خاصة قبالة القلب؛ وإنما يلصق بالفقار بعروق صغار صلبة شبيهة بعصب. وهذا العرق (= الأورطى) واسع عند خروجه من القلب، فإذا استبعد عنه ضاق وصارت خلقته شبيهة بخلقة عصب. ومن هذا العرق أيضاً تخرج عروق وتأخذ إلى وسط المعى مثل العروق التى تبتدىء من العظيم وتأخذ إلى وسط المعى، ولكن هذا أصغر وألطف من العروق التى تبتدىء من العرق العظيم، فخلقة منتهى هذه العروق شبيهة بخلقة العصب، رقيقة مجوفة.

فأما إلى الكبد والطحال فليس ينتهى عرق من العرق الذى يسمى أورطى ألبتة.

فأما العروق التى اشتقت من العرق الأعظم فإنها تنتهى إلى الوركين وتماس العظم. ومن العرق العظيم تخرج أيضاً عروق تأخذ إلى الكليتين، وليست تفترق فى عمق الكليتين، بل فى أجسادها. ومن العرق الذى يسمى أورطى يخرج سبيلان قويان ويأخذان إلى المثانة، وسبيل آخر يخرج من عمق الكليتين، ولكن ليس تشارك هذه السبل فى العرق العظيم ألبتة. ومن أوساط الكليتين تخرج أيضاً عروق مجوفة خلقتها خلقة عصب، وتأخذ إلى الفقار، ومن هناك تأخذ إلى الوركين وتغيب هناك حتى لا تظهر، ثم تستبين أيضاً ممتدةً على الوركين، ومن هناك تأخذ إلى المثانة والذكر فى الرجال؛ وأما فى النساء، فإنها تأخذ إلى الأرحام. وليس يأتى إلى الأرحام عرق [٦٣] من العرق العظيم ألبتة. وأما من العرق الذى يسمى أورطى فإنه تنتهى عروق كثيرة متتابعة. ومن العرق العظيم والعرق الذى يسمى أورطى تنشق عروق أخر تأخذ إلى ناحية الأربيتين، وهى مجوفة عظيمة، ومن الأربيتين تأخذ إلى الفخذين على خلاف؛ لأن العرق الواحد يأخذ من الناحية اليسرى إلى الناحية اليمنى، والآخر يأخذ من الناحية اليمنى إلى الناحية اليسرى ويأخذ بالعروق الأخر التى وصفنا أنها عند الركبتين.

فقد بينا حال العروق من أين تخرج، وكيف تفترق فى جميع أعضاء الجسد، وأصل العروق فى جميع الحيوان الذى له دم، ولا سيما العروق العظيمة.

فأما سائر كثرة العروق فهو مختلف، لأن الأعضاء تختلف أيضاً بأشكالها، وليست هى فى جميع الحيوان متفقة متشابهة، وإنما تستبين كما وصفنا، خاصة فيما عظم من الحيوان وكان كثير الدم. فأما فيما صغر منها وكان قليل الدم فإن ذلك يخفى: إما لحال خلقتها، وإما لحال شحم غالب على أجسادها. وربما كانت السبل مفترقة مبتددة خفية شبيهة بسواقى ومجارى [ما] قد غلب عليها الطين والحمأة؛ وربما كانت عروقها دقيقة لطيفة قليلة شبيهةً بخيوط عروق وليست بعروق مجوفة. فأما العرق العظيم فهو بين ظاهر فى جميع أجساد الحيوان، ما عظم منها وما صغر.