Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈الشعر والجلد — بقية〉

والشعر ينشق من قبل طباعه، وفيه اختلاف كثير إذا قيس بعضه إلى بعض، لأن منه ما يزداد جساوةً قليلاً قليلاً حتى يكون غير شبيه بالشعر ويصير كالشوك، مثل شوك القنافذ البرية. وذلك أيضاً يعرض لجنس الأظفار، فإنه يكون فى بعض الحيوان جاسياً جداً شبيهاً بخلقة العظام.

فأما جلد الإنسان فهو رقيق جداً أكثر من جلود جميع الحيوان، أو بقدر عظم جسده. وفى بعض الجلود رطوبة لزجة مخاطية: وهى فى بعضها أقل، وفى بعضها أكثر، مثل الرطوبة التى تكون فى جلود البقر، أعنى التى منها يهيأ الغراء.

وفى بعض الأماكن [٦٧] لها أيضاً غراء من السمك. وليس للجلد حس إذا قطع، وخاصة جلد الرأس، لأنه 〈ليس يوجد〉 فيما بين الجلد والعظم لحم ألبتة فى ذلك المكان.

وإذا كان الجلد فى موضع من مواضع الجسد خالياً من اللحم ألبتة، فإنه لا يلتئم إذا قطع، مثل الجزء الرقيق من الوجنتين وطرف القلفة وأطراف الأشفار. وجلود جميع أجساد الحيوان ملتئمة ليست بمفترقة ولا منفصلة، ما خلا الأماكن التى فيها سبيل الطعام والتنفس وخروج الفضول وأماكن الأظفار وما كان من السبل اللطيفة التى يخرج منها العرق.

ولجميع الحيوان الدمى جلد، وليس لجميعها شعر، بل كما وصفنا فيما سلف. والشعر يتغير فى الإنسان عند الكبير ويبيض، وذلك يعرض لسائر الحيوان أيضاً من غير أن يكون بيناً جداً، ما خلا الفرس؛ فإن بياض الشعر يظهر فيه ظهوراً جيداً. وإنما يبدأ بياض الشعر من الأطراف. وكثير منه ينبت أبيض من أصله؛ ولذلك نقول إن الشيب وبياض الشعر ليس هو يبس كما زعم بعض الناس الذين يدعون العلم، لأنه لا يمكن أن يكون شىء من الأشياء يابساً من أصل نباته.

وربما مرض بعض الناس فيبيض شعره جداً؛ فإذا برىء، وقع ذلك الشعر الأبيض ونبت مكانه شعر أسود كما كان قبل أن يمرض. وربما ابياض الشعر إذا غطى كثيراً بعمامة وغير ذلك، وإذا أصابه تنفس شديد من قبل انفتاح السبل. وأول ما يبياض من شعر الرأس فى الناس: الصدغان ومقدم الرأس قبل المؤخر. وآخر ما يبياض من شعر الإنسان شعر العانة.

وبعض الشعر مولود مع الإنسان، وبعضه ينبت أخيراً بعد ما يطعن الإنسان فى السن. وإنما يعرض ذلك للإنسان فقط وليس يعرض لسائر الحيوان. والشعر الذى يولد مع الإنسان شعر الرأس والحاجبين والأشفار. فأما ما ينبت منه أخيراً فشعر العانة: ينبت أولاً، ثم يتبعه 〈شعر〉 الإبطين، وبعد ذلك شعر اللحية. فهذه 〈هى〉 الأماكن التى يكون فيها شعر مع الولاد وبعد الولاد. والشعر ينقص ويقع من الرأس بقدر السن. وأول الشعر الذى يقع 〈من〉 [٦٨] الرأس يكون فى مقدمه، ثم ما يليه إلى وسط الرأس. فأما ما كان منه خلف الرأس فليس يقع ولا يتبين لأنه لا يكون أحد أصلع من مؤخر رأسه. فالصلعة تكون فى مقدم الرأس ووسطه وما قرب منه. فأما الشعر الذى ينقص من مقدم الرأس فهو يسمى «نزعة»، 〈وإن كان ينقص من منطقة الحواجب سمى ذلك صلع الحواجب αν αΦαλανϑιασισ〉؛ وليس يكاد أن يعرض شىء مما وصفنا قبل الاحتلام. وليس يكون صبى أصلع ولا امرأة ولا أحد ممن يخصى. وإن خصى أحد قبل الاحتلام لم يلبث فى جسده شىء من الشعر الذى ينبت بأخرة؛ وإن خصى بعد الاحتلام، فذلك الشعر يتناثر فقط، ما خلا شعر العانة.

وليس ينبت للنساء شعر فى مكان اللحية، ما خلا شعراً يسيراً لبعضهن، وذلك إذا احتبس طمثهن 〈وتلك هى الحال فى كاريا بالنسبة إلى الكاهنات، ويعد هذا من علامات التكهن بالأحداث المقبلة〉. فأما سائر الشعر فإنه ينبت فى أجساد النساء غير أنه أقل. وربما كان بعض الرجال والنساء ناقص الشعر الذى ينبت أخيراً وذلك الصنف مما لا يكون له زرع ولا ولد، ولا سيما من لم يكن له شعر فى موضع العانة.

والشعر الذى فى الرأس يطول، والذى فى اللحية، لا سيما الشعر الدقيق. وربما كثر شعر الحاجبين عند الكبر حتى تدعو الحاجة إلى قصه، وذلك لأنه نابت من الجلد الذى على عظمين لاصقين أحدهما بالآخر؛ فإذا افترق ذلك الالتصاق خرجت منه رطوبة أكثر. فأما شعر الأشفار فليس يطول، 〈ولكنه〉 يقع عند ابتداء المجامعة، ولا سيما للذين يفرطون فى الجماع؛ وشعر الأشفار يبياض أخيراً.

وإذا نتف شىء من الشعر فى وقت ما قبل الشبيبة وفى أوانها، فهو ينبت أيضاً. فأما بعد ذلك فليس ينبت إلا نباتاً ضعيفاً. وفى أصول جميع الشعر رطوبة لزجة يخرج معها إذا نتف.

وكل ما كان من الحيوان مختلف ألوان الجلد فلون جلد اللسان يكون أيضاً مختلفاً.

وربما كان بعض الرجال كثير الشعر فى أسفل اللحية وما بين الصدغ إلى حد الخد مكشوفاً قليل الشعر، وربما كان على خلاف ذلك، أعنى: أسفل اللحية قليل الشعر [اللحية قليل الشعر] والناحية العليا كثيرة الشعر. أما المنتوفو اللحى فليس يكونون صلعاً إلا شيئاً يسيراً.

والشعر يطول ويكثر فى [٦٩] بعض الأمراض، مثلما يعرض فى أصناف السل وعند الكبر؛ فأما شعر الموتى فإنه يكون أجسى بعدما كان ليناً. ومثل هذه الأعراض تعرض للأظفار.

وشعر الذين يفرطون فى الجماع ينتثر أكثر، أعنى الشعر الذى يكون من الولادة؛ فأما الشعر الذى ينبت آخراً فإنه ينبت لمثل هذا الصنف عاجلاً. فأما الذين يجامعون جماعاً معتدلاً، فليس يكونون صلعاً إلا شيئاً يسيراً. وبعض الناس يكونون صلعاً، فإذا تزوجوا نبتت أيضاً شعور رءوسهم. 〈والأشخاص الذين يصابون بتمدد الأوردة varice يكونون أقل عرضة للصلع، وإذا كانوا صلعاً حين يصيبهم هذا الداء، فأحياناً يعود إليهم شعورهم〉.

وليس ينشأ شىء من الشعر من الناحية التى 〈فيها〉 يقع أو ينقص، بل ينشأ وينبت من أصله حتى يعظم. فأما قشور أصناف السمك فإنها تكون أجسى وأغلظ بعد السفاد. فأما عند الكبر والهزال، فإن الشعر يكون أجسى. وإذا طعنت فى السن ذوات الأربع الأرجل فشعرها يكثر، وما كان له صوف فهو يكون أخصب وأكثر. ومثل هذا العرض يعرض للحوافر والأظلاف، أعنى العرض الذى يعرض للأظفار.