Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈الحشرات. — بعض الحيوان البحرى〉

فأما حيننا هذا فإنا نريد أن نذكر ونصف حال الحيوان المحزز الجسد (= الحشرات)، فإن فى هذا الجنس أيضاً أصنافاً كثيرة، وليس لها اسم مشترك عام، مثل وصف الدبر والنحل. والدبر الأصفر، وما يشبه هذا الصنف، وأيضاً صنف الحيوان الذى لجناحيه غلاف مثل 〈الخنفساء والقربوس κακρβοσ والقفثريس κανθαρισ وما يشبهه〉.

وينبغى أن تعلم أن لجميع هذه الأصناف أعضاءً ثلاثة مشتركة: أعنى الرأس، وما يلى البطن (= الجذع tronc)، والعضو الثالث الذى بينهما، مثل ما لغيرها من الصدر والظهر. وهذا العضو 〈الثالث〉 فى كثير منها واحد؛ فأما ما كان منها مستطيل الجثة كثير الأرجل فهو مستوى التجزىء.

وجميع هذا الحيوان يحيا حيناً بعد أن يقطع جسده، إن لم يكن بارد الطبيعة جداً أو يبرد عاجلاً لحال صغر جثته. وقد عاينا مراراً شتى الدبر يقطع بأيدينا ويحيا حيناً، وذلك إذا قطع الرأس مع الصدر؛ فإما إن كان بغير صدر فليس يحيا. وكل ما كان طويل الجثة كثير الأرجل فهو يحيا إذا قطع حيناً وتتحرك القطعتان اللتان يقطع بهما، ويمشى ويحرك ذنبه ورأسه، مثل الحيوان الذى يسمى 〈أم〉 أربعة وأربعين (scolopendre).

ولجميع أصناف هذا الحيوان عينان، وليس لها آلة حس حيوان آخر بينة ظاهرة ألبتة. ولبعضها عضو شبيه بلسان، مثل العضو الذى يكون للحيوان الجاسى الخزف، ولجميعها عضو به يذوق ويجذب طعمه. وربما كان هذا العضو فى بعضها ليناً، وربما كان جاسياً قوياً جداً، مثل ما يوجد فى الحيوان الذى [٩٩] يسمى باليونانية فرفورا πορΦυρα. 〈وهذا العضو يكون فى الصنف الذى يسمى ميوفس μυωπεσ والذى يسمى أوستروى οιστροι قوياً جداً، وهذه ملاحظة تنتظم كل الحشرات〉. وهذا العضو يكون، فى الصنف الذى ليس له حمة، لأنه يكون له مثل سلاح يقوى به على معاشه. وليس يكون هذا العضو فى الحيوان الذى له أسنان، ما خلا أصنافاً يسيرة. والذباب يمس ما يمس من الأجساد ويدميها بهذا العضو وبه يلسع أنواع البعوض.

ولبعض الحيوان المحزز الجسد حمة، وربما كانت تلك الحمة فى باطنها مثل حمة الدبر 〈والنحل〉؛ وحمة بعضها خارجة ظاهرة مثل حمة العقرب. وينبغى أن يعلم أن جنس العقارب طويل الذنب؛ وللعقرب زناقتان [pinces]، وللحيوان الصغير الذى يكون فى المصاحف زناقتان أيضاً، لأن خلقته شبيهة بخلقة العقرب، وهو الحيوان الذى يسمى الأرضة.

ولما يطير من هذا الحيوان — مع سائر الأعضاء التى وصفنا — جناحان أيضاً: فمنها ما له جناحان فقط مثل الذباب، ومنها ما له أربعة أجنحة مثل النحل. وليس لشىء، مما له فى مؤخر جسده حمة، جناحان فقط، بل أربعة أجنحة، وأيضاً لبعضها غلاف تدخل فيه أجنحتها وتسترها مثل الدبر، وبعضها على خلاف ذلك مثل النحل. وليس لشىء من أجنحة هذا الصنف قصبة، مثل ما لسائر أجنحة الطير ولا يكون شىء منها مشقوقاً. ولبعضها فوق عينيها مثل شامات أو نقط، مثل التى تسمى أنفس ψυΧαι أى الفراش 〈والجعران καραβοι〉.

فأما ما ينزو منها إذا مشى فرجلاه اللتان فى مؤخره أعظم من الرجلين اللتين فى مقدم جثته؛ ومنها ما إذا نزا ثنى رجليه إلى خلف، مثل انثناء رجلى الدواب التى لها أربع أرجل.

ومقدم جسد هذا الحيوان مخالف لمؤخره كخلاف مقدم ومؤخر سائر الحيوان. وأما خلقة جسده فليس هو خزفى ولا مثل اللحم الذى يكون فى داخل الخزف، بل فيما بينهما؛ ولذلك ليس لشىء من جسد هذا الصنف شوكة ولا عظم، لا يحيط به خزف، وإنما يسلم جسده لحال جساوته ولا يحتاج إلى شىء آخر يستره ويعضده. ولهذا الصنف جلد، غير أنه دقيق جداً.

فهذه أعضاء هذا الصنف من الحيوان، وعدتها مثل ما ذكرنا.

فأما داخل جسده من الأعضاء، فله بعد الفم معىً، وهو فى كثير منها مبسوط مستقيم حتى ينتهى إلى موضع خروج الفضلة؛ وذلك المعى فى قليل منها ملتو. وليس لشىء من هذا [١٠٠] الصنف جوف غير ما وصفنا من المعى، كما ليس لشىء من الحيوان الذى ليس له دم. ولبعضها بطن، وبعض البطن معى مبسوط ملتو، مثل معى الجراد.

فأما الذى يسمى باليونانية طاطقس [τεττιξ] وهو الذى يصوت بالليل، فليس له فم مثل ما لسائر الحيوان، بل له عضو طويل شبيه بلسان نابت عن رأسه، مثل ما لسائر الحيوان الذى حمته فى مقدم جثته. وليس ذلك العضو بمشقوق ولهذه العلة يتغذى 〈بالندى〉، وليس فى بطنه فضلة ألبتة. — وهذا الجنس أصناف كثيرة يخالف بعضها بعضاً فى العظم والصغر، وبعضها محزز الوسط، ولها فى وسط جسدها صفاق بين ظاهر 〈وذلك فى النوع منها المسمى أختاى αΧεται〉 وشق تحت الصدر corselet. وهذا الصفاق لا يوجد فى النوع المسمى تيتجونيا τεττιγονια tettigonies, cigalettes〉.

* * *

وفى البحر أيضاً أصناف حيوان لا يمكن أن تنسب إلى جنس معروف، لحال قلتها. وقد زعم بعض أهل التجربة من الصيادين أنهم عاينوا فى البحر حيواناً خلقته شبيهة بخلقة خشب وهو أسود مستدير الطول، مستوى الغلظ. وعاينوا أيضاً حيواناً شبيهاً بأفاعى حمراء اللون له أجنحة متتابعة كثيرة؛ وحيواناً آخر شبيهاً بذكر إنسان بالمنظر والعظم، غير أن له بدل الأنثيين جناحين (= زعنفتين) اثنين. 〈ويضيف هؤلاء الصيادون أنهم اصطادوه مرةً بطرف جهاز صيد مؤلف من عدة صنانير〉.

فهذه أعضاء جميع الحيوان التى فى ظاهر الأجساد وباطنها. وقد وصفنا كل ما كان منها عاماً مشتركاً، وما هو خاص لكل جنس من الأصناف.