Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

تفسير القول الخامس

〈الولاد، بوجه عام. الولاد التلقائى〉

وقد وصفنا فيما سلف من قولنا حال جميع أعضاء الحيوان، وكل ما كان منها ظاهراً وكل ما كان منها باطناً. ولخصنا حال الحواس والصوت والنوم. وبينا حال الذكورة [١١٢] منها والإناث. فأما حيننا هذا فإنه ينبغى لنا أن نذكر أصناف ولادها. ونبدأ من أولها، وننتهى إلى أواخرها، فإن فى أصناف ولادها اختلافاً كثيراً: فبعضها شبيه بعض، وبعضها مخالف لبعض، فإنا قد فصلنا أجناسها فيما سلف، ونروم أيضاً تفصيلها حيننا 〈هذا〉 بقدر ذلك الرأى. وإنما كان ابتداء قولنا فيما سلف من صفة أعضاء الإنسان؛ فأما حيننا هذا فإنا نصير إلى ذكر ولاد الإنسان فى الآخر. ونحن نبدأ أولاً بذكر الحيوان الذى خلقه جلده جاس شبيه بالخزف. ثم نأخذ فى ذكر الحيوان الذى يسمى لين الخزف. ثم نذكر ولاد سائر الحيوان الذى يسمى باليونانية مالاقيا μαλαΧη والمحزز الجسد. ثم نأخذ فى ذكر أجناس السمك الذى يلد حيواناً والذى يبيض بيضاً. وبعد ذلك نأخذ فى ذكر ولاد الطير. وبعده نأخذ فى ذكر ولاد الحيوان المشاء، وما يلد منه حيواناً، وما يبيض بيضاً.

وينبغى لنا أن نعلم أن بعض الحيوان الذى له أربع أرجل يلد حيواناً. فأما الحيوان الذى له رجلان فقط فليس يلد منه شىء حيواناً، ما خلا الإنسان. وقد يعرض للحيوان مثل العرض الذى يعرض للشجر، فإن بعض الشجر ينبت من زرع شجر آخر، وبعضه ينبت من ذاته، وبعض الشجر يغذى من الأرض، وبعضه يكون فى شجر آخر ويغذى منه، كما قلنا فى الكتاب الذى وضعنا «فى الشجر». وكذلك يعرض للحيوان أيضاً، لأن بعضه يكون بقدر الجنس والشبه، وبعضه يتولد من ذاته وليس من جنس متقادم؛ وأيضاً بعضه يتولد من أرض عفنة ومن عفونة شجر، مثل كثير مما يعرض للحيوان المحزز الجسد؛ ومن الحيوان ما يتولد فى جوف حيوان آخر من قبل الفصول التى فى الأعضاء.

فأما الحيوان الذى يكون ولاده من حيوان آخر شبيه به، فهو يكون من جماع وسفاد إذا كان فى ذلك الجنس الذكر والأنثى. وإنما ذكرت ذلك لأن فى أجناس السمك أجناساً ليس فيها ذكر ولا أنثى، وهو بالجنس شبيه بجنس آخر من أجناس السمك؛ فأما بالصورة فمختلف. و [١١٣] من أجناس السمك 〈ما〉 لا يوجد فيها غير أناث؛ فأما ذكورة، فلا. ومن تلك الأجناس ما يبيض بيضاً، مثل البيض الذى يكون فى الطير من قبل الريح. ومن أجناس الطير ما لا يتولد منه شىء خلا بيض 〈فارغ〉، لأن الطبيعة لا تقوى على أن تفعل أكثر منه، إن لم يعرض لها عرض آخر من قبل سفاد الذكورة. وسنلطف النظر فى ذلك كله فيما نستقبل. — ومن أصناف السمك أصناف تبيض بيضاً من ذاتها، ويكون من ذلك البيض حيوان؛ فربما كان من ذلك البيض حيوان من ذاته، وربما لم يكن بغير ذكورة. وسنبين فيما نستأنف كيف يكون ذلك كله: وهذا العرض قريب من العرض الذى يعرض لأصناف الطير. والذى يتولد من ذاته —، إما فى الحيوان، وإما فى الأرض، وإما فى الشجر، وإما فى بعض أجزائها — فإذا كان الذكر والأنثى فى هذه الأصناف فهى تلد بعد السفاد، ومنها ما لا يلد حيواناً تاماً، بل ناقصاً: مثل القمل، فإنه يتولد من سفاده: صئبان؛ ومن سفاد الذباب: دود، من سفاد الفراش أيضاً دود شبيه ببيض لا يتولد منه حيوان آخر، بل يبقى على حاله.

وينبغى لنا أن نذكر أصناف ما يسفد من الحيوان، ثم نأخذ فى ذكر سائر ما وصفنا، ونبين الأعراض الخاصية والعامية التى تعرض لها.