Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈ولاد الدلفين والحوتيات〉

فأما الدلفين والسبع العظيم الذى يسمى باليونانية فالينا [Φαλαινα] وسائر السباع الكبار التى ليس بها نقاقع، بل لها آلة تنفخ بها — فهى تلد حيواناً. وأيضاً الذى يسمى باليونانية فرستيس [πριστισ] والذى يسمى بقرة [βουσ] يلد حيواناً. وليس يظهر بيض فى أجواف هذه الأجناس التى وصفنا ألبتة، بل يظهر حملها بعد سفادها، ثم ينفصل ذلك الحمل ويخلق منه الحيوان كما يخلق من حمل النساء ومن حمل جميع الدواب التى لها أربع أرجل وتلد حيواناً.

والدلفين يلد ولداً واحداً، وربما ولد اثنين. فأما الذى يسمى باليونانية فالينا [Φαλαινα] فهو يلد اثنين، وربما ولد واحداً. والذى يسمى باليونانية 〈فوقينا [Φωκαινα] هو〉 مثل الدلفين، لأنه يشبه الدلفين الصغير، ويكون فى بلاد بنطوس [ποντοσ]، وبينه وبين الدلفين اختلاف، من قبل أنه أصغر جثة من الدلفين. وجميع أصناف الحيوان الذى له آلة موافقة للنفخ يتنفس ويقبل الهواء، لأن له رئةً أيضاً. وقد ظهر الدلفين مراراً شتى نائماً ينخر، وعظمه يعلو فوق الماء. وللدلفين ولفوقينا [Φωκαινα] لبن، وجراؤهما ترضع منهما؛ وتقبل جراءها فى أجوافها إذا كانت صغاراً. وجراؤها تنشأ وتكثر عاجلاً، وهى تكمل وينتهى عظم جثتها فى عشرة أعوام. وهى تحمل عشرة أشهر. والدلفين يلد فى الصيف، وليس يلد فى زمان آخر ألبتة. وربما غاب تحت الموج ثلاثين يوماً لا يظهر، وجراؤه تتبعه زماناً كبيراً. وهذا الحيوان محب لجرائه. والدلفين يبقى سنين كثيرة. وقد يظهر منها ما عاش ثلاثين عاماً، ولذلك يتبين من قبل أن بعض الناس يصيدها ويقطع أذنابها ثم يخلى سبيلها فى الماء؛ ومن هذه العلامة يعرفون عمرها وحياتها.

و[١٥٤] أما الحيوان الذى يسمى فوقى [Φωκη] فهو من أصناف الحيوان المشترك الذى يقال إنه برى وبحرى. ولذلك لا يقبل الماء فى جوفه، بل يتنفس وينام ويلد على الأرض قريباً من الشط لأنه برى ومن الحيوان المشاء الذى له أربع أرجل؛ وأكثر مأواه فى البحر، ومنه غذاؤه وطعمه، ولذلك صيرناه من حيوان البحر وصنفناه مع تصنيف الحيوان البحرى. وهو يحمل حيواناً ويلد حيواناً مثله، و〈يخرج〉 مشيمةً بعد 〈ولاد〉 الحيوان؛ وهو يلد واحداً واثنين. وأكثر ما يلد ثلاثة. وللأنثى ثديان، وجراؤها ترضع منها كما ترضع جراء الدواب التى لها أربع أرجل. وتلد فى كل زمان من أزمنة السنة، كما تلد المرأة. وإذا كانت أولادها بنى اثنى عشر يوماً، تدخلها فى البحر كل يوم مراراً شتى لتعودها السباحة والمأوى فيه قليلاً قليلاً، وجراؤها تتبعها. وتذهب إلى الناحية السفلى لأنها لا تقوى أن تستند 〈على أقدامها. ويمكنها أن تنكمش على نفسها، لأنها من لحم لين، وعظامها من〉 خلقة الغضروف. وقتل فوقى عسر جداً، لأنها لا تهلك إن لم يضربها أحد ضربةً على الصدغ، لأن جسدها من لحم لين، كما قلنا آنفاً. ولهذا الحيوان صوت مثل صوت البقرة. وللأنثى 〈فيما يتعلق بأعضاء التناسل〉 مشابهة بالحيوان الذى يسمى باطس [βατοσ]، فأما سائر أعضائها فهو شبيه بأعضاء النساء.

فهذه حال جنس الحيوان البحرى الذى يلد حيواناً مثله: إما فى جوفه، وإما خارجاً.