Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈الجذع. تماثل الجسم البشرى〉

ومن أجزاء الظهر الأكتاف والفقار. فأما الأضلاع فهى مشتركة فيما بين الصدر والظهر. وهى ثمانية من كل ناحية.

وفى جسد الإنسان الناحية العليا والسفلى، والمقدم والمؤخر، والناحية اليمنى والناحية اليسرى. والأعضاء التى فيها يشبه بعضها بعضاً، أعنى التى فى الناحية اليمنى، والتى فى الناحية اليسرى، وإن كانت أعضاء الناحية اليمنى أقوى من الأعضاء التى فى الناحية اليسرى. فأما الأعضاء التى فى الظهر فليس تشبه الأعضاء التى فى مقدم الجسد، ولا تشبه أيضاً الأعضاء التى فى أسفل الجسد الأعضاء التى فى أعلى الجسد. وإن كان بعضها يشبه بعضاً 〈فذلك〉 حول اللحم، مثل الفخذين والعضدين والساقين والذراعين: فإذا كانت العضدان قصيرتين [١٩]، فإن الفخذين تقصران أيضاً على مثل تلك الحال. وإذا صغرت الرجلان، صغرت اليدان أيضاً.

〈الأطراف〉

وعظم العضد واحد، وعظام الذراع اثنان. وبعد الذراع الكفان المجزآن بالأصابع. وكل إصبع مجزأة بثلاثة أجزاء وبثلاثة عظام ومفاصل، ما خلا الإبهام، فإنها تجزأ بجزئين؛ وفيها عظمان ومفصلان. وانقباض الأصابع يكون إلى داخل، وانبساطها يكون إلى خارج. ومرفق اليد وموضع أصل العضد ينقبض، وينبسط كمثل. وما يلى داخل الكف، وهو مجزأ بخطوط وأثانى بينة. وإذا كانت تلك الخطوط اثنين أو ثلاثة تشق كل الكف، 〈فهذا〉 يدل على طول العمر. وإذا كانت اثنين قصيرين 〈فهذا〉 يدل على قلة العمر. فأما ظهر الكف فإنه معرق كثير العظام قليل اللحم.

وفى أسفل الجسد الفخذان والركبتان. وعلى الركبة العظم الذى يسمى الداعصة، ثم الساقان. ومقدم الساق يقال له أنف الساق، ومؤخره يقال 〈له〉 بطن الساق. وخلقته من لحم وعصب وعروق. وفيما بين أسفل الساق والقدم: الكعب. ومؤخر القدم يسمى العقب. وما تحت طرف القدم يسمى صدر القدم. وما يلى أعلى القدم كثير العظام والعصب. وفى طرف القدم: الأصابع والأظفار. وفى جميع الأصابع انقباض وانبساط. وإذا كان أسفل القدم غليظاً سميناً ليس بعميق ولا منجذب، وكان صاحب تلك القدم يطأ ويمشى على كلها، فهو دليل نكر ورداءة حال. وإذا لم يكن على ما ذكرنا، يدل على خلاف ذلك. والعظم الذى يسمى داعصة ومكان الركبة مشترك فيما بين الفخذ والساق.

〈ترتيب الجسم الإنسانى〉

فهذه الأعضاء مشتركة للإناث والذكورة. وأما وضع جميع أعضاء الجسد: بقدر ما يشير الأعلى والأسفل، والمقدم والمؤخر، واليمين والشمال — فإن جميع الأعضاء التى فى الظاهر من الجسد بينة للحس معروفة للكل. وإنما ذكرناها وسميناها لكيما يكون قولنا تاماً، ولأنا نريد أن نقيس بهذه الأعضاء جميع أعضاء سائر الحيوان، ولا يخفى علينا شىء من وضعها ولا أشكالها.

وأجزاء الإنسان خاصةً مخلوقة موضوعة بقدر [٢٠] خلقه. ووضع جميع هذا لعلل — أعنى أن ناحية جسد الإنسان العليا والسفلى، ومقدمه ومؤخره، واليمين واليسار: مخلوق خلقة طباعية بقدر خلقة هذا العالم. وليس ذلك فى سائر الحيوان، لأن من الحيوان ما ليس فيه جميع هذه الأعضاء؛ ومنه ما فيه هذه الأعضاء، ولكن ليس وضعها مثل وضع أعضاء الإنسان، فإن رأس الإنسان موضوع فوق جميع جسده بقدر خلقة الكل، كما قلنا فيما سلف. فأما رءوس سائر الحيوان فعلى خلاف ذلك، لأنها وإن كانت موضوعة على أجسادها، فهى مائلة إلى أسفل ناظرة إلى الأرض، وليست هى قائمةً مستقيمة ناظرةً إلى الهواء والسماء مثل رأس الإنسان.

وبعد الرأس: العنق، والصدر، والظهر. فأما الصدر فهو مقدم الجسد. والظهر موضوع فى مؤخر الجسد. والبطن موضوع بعد الصدر، و〈أما〉 الصلب فتاليه. وبعد ذلك المحاشى، والوركين؛ ثم الأفخاذ، والساقان؛ ثم القدمان.

فأما الحواس وآلة الحواس، مثل العينين والمنخرين واللسان فإنها موضوعة كلها فى مقدم الوجه. فأما السمع وآلة السمع فهى موضوعة فى جوانب الرأس قبالة العينين. وعينا الإنسان قريبة بعضهما من بعض بقدر عظم رأسه أكثر من جميع الحيوان. وحس اللمس فى الإنسان لطيف جداً أكثر من سائر الحواس. وبعده حس المذاق؛ وهى فى الإنسان أيضاً لطيفة. فأما سائر الحواس — أعنى البصر والمشمة والسمع — فإنها فى الإنسان دون ما هى فى كثير من الحيوان.