Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈تأثير الجو، تابع. — السمك: طفيلياته وأمراضه〉

فأما أكثر أجناس السمك فيكون أخصب وأحسن حالاً فى السنين الكثيرة الأمطار، كما قلنا فيما سلف. وعلة ذلك لأن طعمها يكون أكثر. وبقول كلى: ماء المطر أوفق لها من غيره مثل موافقته لجميع نبات الأرض: فإن أصناف البقول، وإن كانت تسقى، فهى تكون أخصب وأجود وأطيب إذا أصابها ماء السماء. وليس تكاد أن تشب ولا تنمو أشياء مما وصفنا إذا لم يصبه ماء السماء. والعلامة الدليلة على ذلك من قبل أن كثيراً من أصناف السمك ينتقل إلى ناحية بنطوس فى أول الصيف، لحال كثرة الأنهار هناك التى تصب إلى البحر، والماء يكون أعذب، ومع مسيل الأنهار يقع فى تلك الناحية من البحر طعم كثير. وأيضاً كثير من السمك يعوم ويخرج من البحر إلى الأنهار ويخصب فى تلك الأنهار والنقائع، مثل الصنف الذى يسمى باليونانية اميا. αμια وقسطريوس κεστρευσ. والصنف الذى يسمى قوبيوى κωβιοι يكون كثيراً فى الأنهار. وبقول عام: جميع المواضع التى فيها مراع واسعة جياد تكون أجود وأكثر سمكاً من غيرها. والأمطار التى تكون فى الصيف أوفق للسمك من غيرها. وإذا كان الربيع والصيف والخريف مطيراً والشتاء صاحياً قليل الأمطار، يخصب السمك. وبقول عام: إذا كان مزاج السنة موافقاً للناس، يحسن حال السمك ويخصب أيضاً.

وليس يحسن حالها [٢٠٥] فى الأماكن الباردة، وخاصةً تسوء حال أصناف السمك التى رءوسها حجر إذا كان أوان الشتاء، مثل الصنف الذى يسمى باليونانية خروميس χρομισ ولبراقس λαβραξ واسقيانيا σκιανια وفاغروس Φαγροσ، من أجل أنها تجمد من برد الحجر وتقع وتهلك.

فالمطر موافق لكثير من أصناف السمك، وهو مخالف للصنف الذى يسمى قسطريوس κεστρευσ والقيفال κεΦαλη والذى يسميه بعض الناس مارينوس μαρινοσ، لأن هذه الأصناف تعمى من مياه الأمطار، ولاسيما إذا كانت غزيرة. والقيفال يكون ردىء الحال فى الشتاء أكثر من غيره لأن عينه تبيض، ولذلك يصاد فى ذلك الأوان مهزولاً جيداً. وفى الآخرة يهلك جداً. ويشبه أن لا يكون يلفى ذلك لحال الأمطار، بل لحال شدة البرد. وقد صيد كثير من هذا الصنف فى شدة البرد فى البلدة التى تسمى باليونانية نوپليا Ναυπλια فيما يلى المكان الذى يسمى ارغيا Αργεια، وعيناه قد عميتا ألبتة. وقد صيد أيضاً كثير منها قد علا عينيه البياض. والاخرسفروس χρυσοΦρυσ أيضاً سيىء الحال فى الشتاء. وأما فى الصيف فإن الذى يسمى باليونانية اخرناس αχαρνασ يكون سيىء الحال مهزولاً ردىء اللحم. والقحط وقلة الأمطار أوفق للصنف الذى يسمى باليونانية قوراقينى κορακινοι أكثر من سائر أصناف السمك لحال الدفء الذى يكون فى القحط.

وما كان من أصناف السمك لجياً من قبل الطباع فاللج أوفق لخصبه وحسن حاله؛ وما كان مأواه فى قرب الشط من قبل الطباع، فذلك الموضع أوفق لخصبه. ومن أصناف السمك ما يكون مشتركاً، أعنى كون مأواه من قبل الطباع فى اللج وقرب الشط. ولجميع أصناف السمك أماكن خاصة بها وتخصب فيها. ومن تلك الأصناف ما يخصب فى الأماكن التى فيها طحلب كثير، ولذلك تصاد فى تلك الأماكن مخصبة جداً، ولاسيما ما كان من السمك يرعى فى أماكن مختلفة. وكل ما كان من أصناف السمك يأكل الطحلب، فهو يجد طعماً كثيراً. فأما السمك الذى يأكل اللحم فهو يتناول أصنافاً كثيرة من أصناف السمك.

وأيضاً يكون فى السمك اختلاف من قبل الريح التى تهب، أعنى الشمال والجنوب. فما كان من أصناف السمك مستطيل [٢٠٦] الجثة فهو يخصب فى الصيف، وإذا هبت الريح الشمال، ولذلك يصاد كثير منها فى مكان واحد إذا دامت ريح الشمال. فأما السمك العريض الجثة، فعلى خلاف ذلك.

فأما صنف السمك الذى يسمى باليونانية ثنوا Θυννοι والذى يسمى اقسفياى ξιΦιαι فهو يهيج فى أوان مطلع كوكب الشعرى لأنه يوجد قريباً من أجنحة هذين الصنفين شىء شبيه بدودة صغيرة تسمى «تهيج» οιστροσ، وخلقته شبيهة بخلقة عقرب، وعظمه مثل عظم العنكبوت، وهو يؤذى هذين الصنفين أذىً شديداً ولذلك ربما يرى الذى يسمى اقسفياى ينزو نزواً شديداً ليس بدون الدلفين؛ ولذلك يصاد منه كثير. والصنف الذى يسمى باليونانية ثنوا Θυννοι يستحب الدفء، ولذلك يأوى فى الرمل الذى يقرب من أرض الشط، لحال الدفء. وإذا دفىء يطفو على الماء.

وكثير من أصناف السمك الصغير يسلم، لأن السباع تحتقره ولا تطلبه، بل تطلب السمك الأعظم، فهذا فعل الحيوان العظيم. وكثير من أصناف السمك الصغير الذى يخرج من البيض يهلك من دفء الهواء، والحيوان الكبير يبتلع ويأكل جميع ما هو دونه.

والسمك يصاد أكثر قبل طلوع الشمس. ولذلك يرفع الصيادون شباكهم فى تلك الساعة، لأن بصر السمك يكون فى ذلك الأوان ضعيفاً. والسمك يسكن فى الليل؛ وإذا أضاء النهار حسناً يجود بصره.

وليس يظهر مرض ووباء يعم السمك مثلما يعم الناس مراراً شتى ويعم كثيراً من الحيوان الذى يلد حيواناً مثله وله أربع أرجل مثل الخليل والبقر وبعض الحيوان الأنيس والبرى. وهو يظن 〈مع ذلك〉 أن السمك أيضاً يمرض. والصيادون إنما يزكنون ذلك من قبل أن كثيراً منه يصاد مهزولاً جداً ضعيفاً متغير اللون، وكان يصاد قبل ذلك الأوان سميناً مخصباً حسن اللون.

فهذه حال أصناف [الحيوان و] السمك البحرى.