Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈أنواع العقبان〉

وفى العقبان أجناس كثيرة مختلفة. أما الجنس الواحد فالذى يسمى پوغرغوس πυγαργοσ وهو يأوى فى الصحارى والأماكن الكثيرة المياه والشجر وحول المدن. ومن الناس من يسمى هذا الجنس «شديد الصوت». وهو يطير فى الجبال والغياض لجرأته. فأما سائر أجناس العقبان فليس تأوى إلى الصحارى والمواضع الكثيرة المياه والشجر، إلا فى الفرط.

وفى العقبان جنس آخر يقال له باليونانية پلنجوس πλαγγοσ؛ وهو فى عظم الجثة والقوة دون الجنس الأول؛ ويأوى فى الغياض والمرافىء والأماكن الجبلية التى تسلك، وهو يسمى قاتل إوز الماء. وأميروس الشاعر يذكره فى شعره حيث ذكر خروج إپرياموس Πριαμοσ من مدينته.

وأيضاً يكون جنس آخر من أجناس العقبان أسود اللون، وجثته أصغر من جثة غيره، وهو قوى جداً، يأوى فى الجبال والغياض، ويسمى العقاب الأسود، ويقتل الأرانب. وهذا العقاب فقط يربى فراخه ويتعاهدها، حتى تكمل. وهو سريع الطيران، جيد الصوت.

وأيضاً فى العقبان جنس آخر أبيض اللون، أبيض الريش، عظيم الجثة، قصير الجناحين، مستطيل الذنب، شبيه بذنب رخمة. وله بالرومية أسماء كثيرة مختلفة. ومأواها فى الأماكن الجبلية الحسنة. وليس فيه شىء من جودة الخصال التى فى غيره من الأجناس، لأنه يصاد ويطرد من الغربان ومن الأصناف الأخر، وهو ثقيل، ردىء التدبير لمعاشه. وطعمه الجيف والأجساد النتنة. وهو أبداً جائع، يصيح.

وفى العقبان جنس آخر يسمى باليونانية الياطوس αλιαετοσ؛ وله عنق كبير ثخين، وريشه معقف، وذنبه عريض، ومأواه حول البحر والصخور النائية العالية. [٢٤٣] وإذا خطف شيئاً، ذهب به إلى ناحية العمق.

وأيضاً فى العقبان جنس آخر يسمى الجنس الخالص. ومن الناس من يزعم أن هذا الجنس فقط خالص، لأن سائر الأجناس مختلطة لحال سفاد بعضها بعضاً، أعنى أجناس العقبان والبزاة والأصناف الأخر الأصغر منها جثثاًً. وهذا الجنس عظيم الجثة جداً أكبر من جميع العقبان 〈 وحتى من المسمى باليونانية Φηνη؛ وهو أكبر بمقدار مرة ونصف من العقاب العادى، ولون ريشه أصفر. ولا يرى إلا نادراً، شأنه شأن الطير المسمى〉 قومندس κυμινδισ

و〈العقاب〉 إنما يطير ويصيد من حين الغداة إلى حين الرواح. فأما من أوان الصبح إلى ترحل النهار وامتلاء الأسواق من الناس فهو قاعد على مكانه لا يتحرك. ومنقار العقبان الأعلى ينشأ ويعظم ويعقف أبداً، ثم فى الآخرة يهلك، لأنه لا ينال الطعم. ولذلك يقال مثل من الأمثال: إن العقاب تلقى ذلك لأنه كان فى الزمان الذى سلف إنساناً وظلم غريباً. وإذا فضل شىء من طعم العقاب، يضع تلك الفضلة فى عشه لحاجة مزاجه إليه، وإنما يفعل ذلك لأنه 〈قد لا〉 يجد الصيد فى كل يوم. وإن دنا أحد من عش العقاب ضربته الفراخ بأجنحتها وخدشته بمخاليبها.وأعشة العقبان تكون ليس فى الأماكن السهلة، بل فى المواضع العالية، ولا سيما فى الصخور التى لا تنال. وربما عششت فى الشجر أيضاً. وإنما تربى العقبان فراخها إلى أن تقوى على الطيران، ثم تخرجها من العش وتنفيها من جميع مواضعها ألبتة. والزوج الواحد من أزواج العقبان يمسك مكاناً كبيراً، ولذلك لا يدع غيره يأوى قريباً منه. ولا تصيد صيدها من الأماكن التى تقرب من عشها، بل تطير وتستبعد بعداً كبيراً. فإذا صادف وخطفت شيئاً، لا تحمله وتأتى به إلى أعشتها من ساعته، بل تبلو الثقل وتضعه على الأرض ثم ترفعه وتنطلق به. وإذا صادت الأرانب تبدأ بصيد الصغار منها، ثم تنتقل إلى صيد الكبار رويداً رويداً وتضع صيدها على الأرض مراراً شتى، ثم ترفعه وتنتقل به. وتفعل هذين الفعلين لكيلا تغتال من كمين يكمن لها. وإنما تجلس على المواضع المشرفة العالية لأنها لا ترتفع عن الأرض إلا بإبطاء وعسرة. والعقبان تطير [٢٤٤] فى أعلى الهواء لتعاين وتبصر مكاناً كبيراً. ولذلك يزعم بعض الناس أن جنس العقبان فقط من بين أجناس الطير إلهى. وجميع أصناف الطير المعقف المخاليب لا يجلس على الصخر إلا فى الفرط، لأن خشونة الصخر مخالفة لتعقيف مخاليبها. وهى تصيد ما صغر من الغزلان والثعالب وسائر أصناف الطير الذى تقوى عليه. والعقبان طويلة الأعمار، وذلك بين من قبل أن العش يبقى على حاله هو فهو أبداً.