Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈كاسر العظام؛ عقاب البحر〉

فأما البومة والذى يسمى غراب الليل والأصناف التى تشبهها فليس تبصر بالنهار، بل تبصر بالليل وتكسب طعمها. ولا تفعل ذلك فى الليل كله، بل فى أول الليل وعند اختلاط الظلام وفى أوان الصبح. وهى تصيد الفأر وسام أبرص والتى تسمى القلل وأصناف الحيوان الصغير.

فأما الطير الذى يسمى باليونانية فينى Φηνη وبالعربية: «كاسر العظام» — فهو وديع جيد التدبير لحياته، جيد الخروج لفراخه جيد التعاهد لها. وهو يتعاهد فراخه وفراخ العقاب.

〈لأنه حين يطرد العقاب فراخه من العش، يتلقاها فينى ويربيها. وذلك لأن العقاب يتخلص من فراخه فى وقت مبكر وهى لا تزال فى حاجة إلى المعونة وغير قادرة بعد على الطيران. والعقاب إنما يطرد فراخه حسداً، فيما يظهر، لأن طباعه الحسد والشراهة التى تدفعه إلى الانقضاض على طعامه، وأخذ كميات كبيرة منه. فهو إذاًً يحسد فراخه حين تنضج هذه، لأن لها هى الأخرى شهية جيدة، وهو يمزقها بمخالبه. ومن ناحية أخرى فإن الفراخ يقاتل بعضها بعضاً من أجل الحفاظ على مكانها فى العش أو من أجل الظفر بالطعام، لكن العقاب الأم تطردها خارج العش وتضربها. والفراخ المطرودة تصيح، وهنالك يتولى رعايتها فينى. وعلى عينى فينى وحمة بيضاء وبصره ليس عادياً. أما عقاب البحر، فهو على عكس ذلك، حاد البصر جداً؛ ويرغم فراخه، وهى لا تزال لم ينبت فيها الريش، على التحديق فى الشمس: فإن رفض واحد منها ذلك، ضربه ووجهه نحو الكوكب؛ وإذا دمعت عيون أحد الفرخين، قتله وربى الآخر. وهو يسكن بالقرب من البحر، ويعيش من صيد الطيور البحرية، كما ذكرنا من قبل. وهو يصيدها بأن يمسك بها الواحد بعد الآخر، مترصداً الفرصة التى فيها يخرج الطائر من البحر. وإذا أبصر الطائر البحرى المنبثق من الماء العقاب، أصابه الفزع وغاص من جديد لينبثق فى مكان آخر. لكن العقاب، بفضل بصره الحاد، يستمر فى مطاردته إلى أن تختنق فريسته أو تؤخذ على سفح الماء. لكن إذا كانت الطيور جماعات، لا يهاجمها العقاب، لأنها تطرده بأن ترشه بأجنحتها.