Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈الدلفين〉

ويقال قول كثير وعلامات دليلة على أن الدلافين 〈ذات〉 دعة واستئناس بالناس، والصبيان خاصة لعشق وشوق، وذلك فى ناحية البلدة التى تسمى طارنطا والتى تسمى قاريا وأماكن أخر. وقد زعم بعض الناس أنه صيد فى ناحية قاريا دلفين مجروح، فلما صيد جاءت كثرة دلافين إلى المرفأ حتى خلاه الملاح الذى صادره. فلما خلاه انصرفت جميع الدلافين إلى موضعها أيضاً. والدلفين الكبير يتبع أبداً صغار الدلافين ويحفظها. وقد ظهر فى الزمان السالف — دلافين كبار وصغار معاً، ثم بقى اثنان من تلك الدلافين؛ وبعد حين قليل ظهرت حاملةً دلفيناً صغيراً ميتاً وحيث كان يفلت الاثنين ويهوى إلى العمق تحمله أيضاً وتعوم وترفعه على ظهورها إلى وجه الماء؛ وكانت تفعل ذلك لكيلا يؤكل من سائر السباع. ويقال عن سرعة هذا الحيوان قول لا يؤمن به: من أنه أسرع من جميع أصناف الحيوان المائى والبرى جداً. وربما نزا الدلفين فى البحر نزوةً عظيمة حتى يجوز أعظم ما يكون من دقل السفينة. وإنما يعرض له ذلك إذا طلب شيئاً من السمك يريد أكله. فإنه إذا هربت منه السمكة التى يطلب وصارت إلى العمق، واتبعها الدفين لجوعه. وإذا لبثت فى العمق حيناً حبس نفسه وفكر وصعد من بعد ذلك الماء إلى الناحية العليا مسرعاً مثل السهم الذى يبدر من القوس، لطلبه التنفس. وإن كانت سفينة بين يديه وثب وثبةً عظيمة حتى يجوز الدقل ويصير إلى الناحية الأخرى. ومثل هذا الفعل يفعل الغواصون وأصحاب السباحة إذا ألقوا أنفسهم فى عمق: فإنهم إذا احتاجوا إلى التنفس رجعوا بسرعة إلى وجه الماء.

والدلافين يكون بعضها مع بعض أزواجاً: أعنى الذكور مع الإناث. وهو مشكوك فيه [٢٦٧] لأى علة ربما وقعت الدلافين فى البر: فإنها تفعل ذلك، بزعم بعض الناس، فى الفرط وبالبخت لغير علة معروفة.