Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈السمك. الدلفين〉

وينبغى أن تعلم أن جنس السمك مفرد من سائر الحيوان المائى. وله أصناف وأجناس كثيرة وصور مختلفة. ولجميع أصناف السمك رءوس ومقاديم أجساد، وظهور، وفى مقاديم أجسادها بطونها وأمعاؤها. ولها أذناب متصلة ليست بمفترقة وإن كانت مختلفة الصورة. وليس يكون شىء من أصناف السمك له عنق ولا ذكر ولا انثيان ألبتة، لا داخلاً ولا خارجاً، أعنى الباطن والظاهر. وليس لشىء منها ثديان أيضاً ألبتة ولا لشىء من الحيوان الذى لا يلد حيواناً، بل الذى تحمل فى بطونها حيواناً من ساعتها ولا يكون فى أرحامها بيض قبل أن يتغير ويصير هناك حيواناً. فأما الدلفين فهو يلد حيواناً، ولذلك له ثديان. ولكن ليس له ثديان فوق، بل قريباً من المفاصل. وليس لثدييه حلمتان [٤١] بينتان؛ بل فيهما عنقان يشبهان السواقى، وفى كل ناحية من نواحى الثديين عين واحدة، ومنها يسيل اللبن. وترضع جراؤه وهى تتبع 〈أمها〉: وقد عاين ذلك غير واحد من الناس معاينة بينة.

وأما أصناف السمك، فليس لها ثديان كما قلنا فيما سلف، ولا سبيل جماع من خارج؛ ولها شىء خاص، أعنى حلقة الآذان التى فى رءوسها، وهى التى بها تخرج وتدفع الماء إذا هى قبلته بأفواهها. ولبعض أصناف السمك أربعة أجنحة، مثل السمك المستطيل، أعنى الانكليس، وهو المارماهى وما يشبهه. ولبعضه جناحان فقط، وهما قريبان من آذانها. وليس لبعض السمك المستطيل جناح البتة، ولا آذان مفصلة مثل تفصيل آذان سائر السمك، 〈مثال ذلك أبو مرينا〉.

وآذان السمك أيضاً تختلف، لأن لبعضها غطاءً يسيراً يغطى الآن، وليس لبعضها غطاء مثل جميع السمك الذى يسمى باليونانية سلاشى. وجميع ما كان لآذانه غطاء تكون آذانه فى ناحية من نواحى رأسه. وأما الذى يسمى سلاشى — وهى عريضة الأجساد — فآذانه مائلة إلى ناحية ظهورها: فأما ما كان منها مستطيل الجسد فآذانه مائلة إلى الناحية السفلى، 〈مثل الرعاد torpille والورنك raie. وما كان منها طويلاً فآذانه (= خياشيمه) موجودة على الجوانب، مثلما هى الحال فى كل القروش (كلاب البحر) squales〉. فأما السمك الذى يسمى ضفدع 〈البحر〉 فإن آذانه مائلة إلى ناحية واحدة، ولها غطاء يسترها وهى خشنة شبيهة بالشوك؛ فأما الصنف الذى يسمى سلاشى فليس لآذانها غطاء يسترها، بل هى شبيهة بجلد يستر آذانها.

وأيضاً أصناف السمك تختلف بخلقة آذانها، لأن بعضها مبسوط الآذان، وبعضها مثناة، والآذان الأخيرة اللاصقة بأجساد جميع السمك مبسوطة. وأيضاً لبعض السمك آذان يسيرة، ولبعضها آذان كثيرة، ولكن تعدادها متساو فى الجانبين. وأقل ما يكون من آذان السمك أذن واحدة مثبتة فى كل ناحية من نواحى رأسها. ولبعضها أذنان فى كل ناحية: إحداهما مبسوطة، والأخرى مضاعفة 〈مثلما هى الحال عند خنزير الماء〉. ولبعضها أذنان مبسوطتان فى كل ناحية 〈إحداهما بسيطة والأخرى مضاعفة، مثلما هى الحال فى سمكة الجونجراس والاسكاروس. فأما الالوپس، وكذلك السونرجيس والاسمورينا والانخليس فلها أربعة خياشيم بسيطة فى كل جانب. وبعضها الآخر له أربعة أيضاً، ولكنها موضوعة على صفين فيما عدا الأخير، وذلك مثل السمك المسمى كخلى labre ϰιχλη، والفرخ περϰη، والسلورا γλανισ silure والشبوط carpe ϰυπρινοσ. وأما الجاليوس squale γαλεοσ فلها كلها آذان مضاعفة، خمس منها فى كل جانب〉.

فأما السمكة التى تسمى باليونانية قسيفياس [ξιΦια] فلها ثمانية آذان مضاعفة. فهذه حال آذان السمك واختلافها وتصنيفها.

وبين أجناس السمك وبين سائر [٤٢] الحيوان أيضاً اختلاف من قبل أنه ليس بشىء من السمك شعر مثل ما للحيوان الذى يلد حيواناً، ولا لأجسادها تفليس مثل تفليس أجساد الحيوان الذى له أربعة أرجل ويبيض بيضاً، ولا لها ريش مثل ما لجنس الطائر، بل لكثرة أجناس السمك فلوس، وبعضها خشنة الجلود 〈وعددها قليل؛ وقليل جداً من السمك جلده أملس. أما السلاشى فبعضها خشنة، والبعض الآخر أملس: فالجونجروس γογγροσ والانكليس εγχελυσ والتن θυννοσ ملساء〉.

ولجميع أصناف السمك أسنان حادة مختلفة كثيرة الصفوف، 〈باستثناء الاسكاروس〉 ولبعض السمك أسنان فى ألسنتها. وألسنتها جاسية خشنة شبيهة بالشوك، وهى لاصقة بأفواهها بقدر ما لا يظن أحد أن لها ألسناً. وبعض السمك والحيوان البحرى عظيم الفم مشقوق جداً، مثل بعض الحيوان الذى له أربع أرجل ويلد حيواناً. وليس لها آلة بينة فى الحواس، ما خلا العينين، لأنه ليس لها أذنان ولا منخران، بل لها سبيل السمع والمشمة فقط. وليس لشىء من عين السمك أشفار من شعر، لأن أشفارها جاسية الجلود.

وليس لجميع أصناف السمك دم. وبعضها يلد حيواناً، وبعضها يبيض بيضاً. فجميع السمك الذى له قشور يبيض بيضاً؛ فأما جميع الذى يسمى سلاشى فهو يلد حيواناً، ما خلا الذى يسمى ضفدع 〈البحر〉.