Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈أوان البلوغ وخصائصه〉

وينبغى لنا أن نعلم أن الزمان الذى يبدأ فيه الحيوان — مختلف، لأنه لا يكون خروج الزرع والولاد فى كل حيوان فى زمان واحد، بل فى أزمنة مختلفة. وما يولد من جميع الحيوان مختلف أيضاً بقدر اختلاف قرونها: فالزرع الأول الذى يخرج من الحيوان فى أول ما يهيج إلى الفساد لا يخرج منه شىء؛ فإن ولد منه شىء، فالولد أضعف جسداً وأصغر جثة. وذلك بين خاصةً فى الناس، والحيوان الذى له أربع أرجل ويلد حيواناً، وفى صنوف الطير أيضاً، لأن ولد الحيوان الذى يلد حيواناً يكون أصغر جثةً وأضعف، وبيض ما يبيض منه أصغر أيضاً. فأما قرون (= أعمار) الحيوان الذى يسفد فهى — أكثر ذلك — فى كل جنس متفقة، لأنه يكون فى زمان ووقت واحد إن لم يعرض لشىء منها عرض ما، مثل الأعاجيب التى تكون، وما يكون لحال (= بسبب) آفة وضرورة الطبيعة.

فخروج المنى يعرض لذكورة الناس عند تغيير الصوت، والمحاشى فإنها تتغير ليس بالعظم فقط، بل بالشكل والمنظر أيضاً. وعلى مثل هذه الحال يتغير ثدى الأناث ويكثر الشعر فى العانة. وإنما يكون ابتداء خروج الزرع 〈فى الرجل〉 عند تمام الأسبوعين، أعنى الرابع عشر عاماً، ويكون المنى موافقاً للولاد لتمام الأسبوع الثالث. فأما فى سائر الحيوان فليس يظهر الاحتلام، لأنه ليس [١٢٥] لبعضها شعر، وشعر بعضها فى مقاديم أجسادها ومآخرها ضعيف ليس بمختلف. فأما الصوت فهو يتغير فى بعضها ويكون دليلاً على أنه قد هاج. ومن الحيوان ما يستبين ذلك فيه من قبل بعض أعضاء الجسد فيستبين أن زرعها موافق للولاد.

فأما صوت الإناث فهو أحد من صوت الذكورة فى كثير من الحيوان. وكل حدث أحد صوتاً من الذى طعن فى السن. وأصوات الأيلة الذكورة أجهر من أصوات الإناث. وإنما تكثر الذكورة التصويت فى أوان السفاد؛ فأما الإناث فإذا فزعت. وصوت الإناث ضعيف، وصوت الذكورة على خلاف ذلك. فأما الكلاب فإنها إذا طعنت فى السن يكون صوتها أجهر مما كان أولاً. وأصوات الخيل أيضاً مختلفة بقدر قرونها (= أعمارها)، لأن الإناث منها تصوت عند الولاد أصواتاً ضعيفة؛ والذكورة كمثل، غير أنها أعظم وأجهر من أصوات الإناث. فإذا شبت اشتدت أصواتها وصارت أعظم من غيرها. وإذا كانت للفرس الذكر سنتان وبدأ ينزو، يكون صوته عظيماً جهيراً؛ والأنثى كمثل، غير أن صوتها أصفى من صوت الذكر. والفرس يبقى عشرين عاماً أكثر ذلك. وبعد أن يجاوز هذا الزمان، يكون ضعيفاً، وذلك يعرض للإناث والذكورة.

فاختلاف أصواتها يكون كما وصفنا. وليس يعرض هذا الاختلاف لجميع الحيوان على مثل هذه الحال، بل لبعضها، فأما لبعض 〈آخر〉 فعلى خلاف ما ذكرنا، مثل ما يعرض للبقر فإن إناثها أجهر من الذكورة صوتاً، وخاصة إناث العجاجيل. وأصوات الذكورة تتغير إذا خصيت فتكون مثل أصوات الإناث.

فأزمان سفاد أصناف الحيوان بقدر قرونها (= أعمارها) وهو على مثل هذه الحال. فأما الشاة والعنز فهى تنزو من سنتها، وخاصة العنز، لأن الذكورة تهيج إلى العنز فى ذلك الأوان. وفيما بين ما يولد من زرع التيوس وزرع سائر ذكور الحيوان اختلاف: لأن ما يولد منها أولاً أجود وأخصب [١٢٦] مما يولد أخيراً.

فأما الخنزير فإنه ينزو إذا تمت له ثمانية أشهر؛ والأنثى تضع إذا تمت لها سنة. وما يولد من زرع الذكر قبل أن يتم له سنة فهو ردىء ضعيف. وكمثل ما ذكرنا فيما سلف لا تعرض هذه الأعراض لقرون (= لأعمار) متفقة فى كل بلدة، لأن فى بعض البلدان الخنازير تنزو إذا تمت لها أربعة أشهر وتلد، وتربى إناثها جراءها إذا تمت لها ستة أشهر. وفى بعض البلدان تبدأ الخنازير تنزو إذا تم لها عشرة أشهر؛ وأجود ما يولد منها فى ذلك الأوان إلى أن يتم لها ثلاث سنين.

فأما الكلب فإنه ينزو إذا تمت له سنة. وربما عرض له ذلك إذا تمت ثمانية أشهر. وذكورة الكلاب تهيج إلى النزو قبل الإناث. والكلبة الأنثى تحمل واحداً وستين يوماً، أطول ما يكون من حملها. وليست تضع قبل أن يتم لحملها ستون يوماً ألبتة. وإن وضعت قبل هذا الوقت فليس يربى ولا يبقى. والأنثى تنزو أيضاً بعد وضعها ستة أشهر.

فأما الفرس فإنه يبدأ بالنزو إذا كان ابن سنتين ويولد منه، وإن كان ما يولد منه فى ذلك الأوان أصغر جثةً وأضعف نفساً. وربما كان أول نزو لثلاثة أعوام. وكل ما يولد منه بعد ذلك الزمان يكون أجود وأقوى، إلى أن يتم له عشرون سنةً. والفرس الذكر ينزو إلى تمام ثلاث وثلاثين سنة، وأما الفرس الأنثى فهى تنزو إلى تمام أربعين سنة. فنزوها يكون أكثر ذلك فى جميع عمرها، لأن الفرس الذكر يحيا خمساً وسبعين سنة فيما سلف من الدهر.

فأما الحمار فهو ينزو إذا كان ابن ثلاثين شهراً، وليس يولد منه شىء قبل أن يتم له ثلاث سنين أو سنتان وستة أشهر. وربما ولد منه ولد إذا كان ابن سنة وبقى الولد. فأما البقرة فربما وضعت وبقى وضعها. وإنما يكون ذلك فى الفرط.

فهذه أصناف أوائل نزو وولاد الحيوان.

فأما الإنسان فإنه يولد منه، آخر ما يولد، إذا كان ابن سبعين سنةً. فأما المرأة [١٢٧] فإذا كانت ابنة خمسين سنة يكون ذلك فى الفرط، لأنه لا يولد أولاد للذين طعنوا فى هذه القرون (= السن) إلا لقلة من الناس. فأما، أكثر ذلك، فإنه يولد آخر ما يولد للرجال، إذا كانوا فى خمس وستين سنة. فأما آخر ما يولد للنساء فإذا بلغن خمساً وأربعين.

فأما الشاة فهى تضع إلى أن تبلغ ثمانى سنين. وإن تعوهدت تعاهداً حسناً وضعت إلى أن يتم لها إحدى عشرة سنة. فهى تنزو وتضع جميع عمرها أكثر ذلك.

فأما التيوس فزرعها موافق للولاد. ولحمها ردىء لقلة شحمه، ولذلك يسمى اليونانيون الكرم الذى لا يثمر ثمرة طيبة: تيوس. — فأما الكباش فهى تنزو بالأولى 〈على〉 ما يطعن فى السن من إناث الخرفان، ولا تدنو من أحداثها. وكما قلنا فيما سلف إن أحداثها تضع أولاداً أصغر وأضعف مما تضع التى طعنت فى السن.

فأما الخنزير البرى فهو موافق للنزو حتى تمر به ثلاثة أعوام؛ فأما ما يولد من الخنازير التى طعنت فى السن فهو ردىء، لأنه يكون صغير الجثة ولا تكون له قوة. والخنزير عادةً ينزو إذا شبع ولم ينز على أنثى أخرى قبل ذلك الحين. فأما إن كان نزا على أنثى أخرى قبل، فإن الخنازير التى تولد من ذلك النزو تكون أقل عدداً وأصغر جسماً. — وإذا كانت الخنزيرة الأنثى بكراً، فهى تلد جراءً صغيرة الجثة؛ وإذا طعنت فى السن لا تلد إلا فى الفرط. وإذا بلغت الخنازير خمس عشرة سنة لا تلد، بل تكون بريئة (= عقيمة). فأما إذا أخصبت وسمنت فهى تهيج إلى النزو، إن كانت حدثة وإن طعنت فى السن؛ وإن سمنت الخنزيرة جداً 〈فإنها〉 إذا حملت يكون لبنها بعد الولاد قليلاً. وأجود جراء الخنازير ما يولد من شبابها. وفى ولادها اختلاف أيضاً بقدر الأزمان، فإن أجودها ما يولد فى أول الشتاء، وأردأها ما يولد فى الصيف لأنها تكون صغاراً مهازيل رطبة. فأما الخنزير فإنه إذا أخصب وسمن يقوى على النزو فى كل حين فى الليل والنهار، وخاصةً فى أوان الصبح. وكلما طعن فى السن ثقل وضعف نزوه كما قلنا فيما سلف. وربما لم تقو الخنازير على النزو عاجلاً، إما لحال السن وإما [١٢٨] لحال الضعف. فإذا كان ذلك، اضطجعت الأنثى واضطجع الذكر كمثل، ونزت الأنثى. والخنزيرة الأنثى تحمل خاصةً إذا هاجت للنزو وألقت أذنيها ونزت. فإن لم تحمل، هاجت أيضاً.

وأما الكلاب فليست تشتاق إلى النزو كل عمرها، بل إلى وقت معلوم من سنها. وهى تلد أكثر ذلك إلى أن تبلغ ثمانى عشرة سنة. وربما عرض لها الحمل والوضع لتمام عشرين سنة، والكبر يقطع حملها وولادها، كما يعرض لسائر الحيوان.

فأما الجمل فهو من الحيوان الذى يبول إلى خلف، وهو ينزو كما وصفنا فيما سلف. وزمان نزو الجمال فى شباط 〈فى جزيرة العرب〉. والإناث تحمل إثنى عشر شهراً، وتضع بكراً واحداً، لأنها من الحيوان الذى لا يضع إلا واحداً. والأنثى تنزو إذا بلغت ثلاث سنين، والذكر أيضاً ينزو إذا بلغ ذلك الوقت؛ ثم تقيم الأنثى سنة قبل أن تنزو.

فأما الفيل الأنثى فإنها تنزو إذا كانت شابة بنت عشر سنين. وآخر ما تنزو وتحمل إذا كانت ابنة خمس عشرة سنة. فأما الفيل الذكر فهو ينزو إذا كان ابن خمس أو ست سنين. وزمان نزوها الربيع. وإذا وضعت الفيل الأنثى لا تنزو أيضاً إلا بعد ثلاث سنين. وإذا حملت الأنثى لا يقربها ولا يمسها الذكر ألبتة. وهى تحمل سنتين، وتضع جرواً واحداً، لأنها من الحيوان الذى لا يلد إلا واحداً؛ وجروها يكون مثل عجل بقرة ابن شهرين أو ثلاثة.