Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

‌أهل مدينة بأسرهم أو أهل بلد بأسره. ويعمّ هاذين الجنسين من المرض أنّهما عامّيّان شاملان لجماعة كثيرة، أعني أنّ المرض الواحد منها يصيب جماعة كثيرة من الناس.

وأمّا سائر الأمراض كلّها التي، وإن عرضت لجماعة كثيرة، لم يعمّ الواحد منها الكثير، لكن يخصّ كلّ واحد منها واحداً واحداً من تلك الجماعة، فإنّما تعرف بالأمراض «المختلفة». وهذه الأمراض، كما أنّ حدوثها لواحد واحد من الناس خاصّ، كذلك سببها خاصّ في كلّ واحد منهم. فأمّا الأمراض «العامّيّة» فالحال فيها على خلاف ذلك وكما أنّ حدوثها عامّ كذلك سببها سبب عامّيّ.

وأجناس الأسباب كلّها التي ترد على الأبدان فتُحدث فيها الأمراض ثلاثة: واحد منها ما يتناول من طعام أو شراب ومن غيرهما، والثاني ما يفعل من الحركات وغيرها، والثالث ما يلقى البدن من خارج من هواء أو من غيره. والأمراض العامّيّة قد تحدث من جميع هذه الأسباب، إلّا أنّ أكثر حدوثها إنّما يكون من حال الهواء المحيط بالأبدان، وذلك أنّ حدوث المرض العامّ على أهل مدينة معاً أو على أهل بلد من طعام عامّ ليس ممّا يتّفق كثيراً، وكذلك أيضاً لا يكاد أن يكون المرض العامّ من شراب عامّ أو من تعب مفرط عامّ.

فأمّا الهواء المحيط بأبداننا إذا أفرط فيه الحرّ أو البرد أو اليبس أو الرطوبة فإنّه يكدّر ويفسد اعتدال مزاج الأبدان الذي هو محمود الصحّة. والأسباب الأخر ليس تستولي على جميع الناس ولا هي ممّا تدوم ملاقاته للبدن ليلاً ونهاراً. فأمّا الهواء فإنّه وحده دون سائر تلك يحيط بجميع الأبدان دائماً وليس يقفك من اجتذابه بالاستنشاق، فليس يمكن إذا تغيّر مزاجه أن تخلو الأبدان من أن تتغيّر بتغييره.

ولذلك يكثر في الربيع، كما وصف أبقراط، الدم إذ كان الدم أعدل الأخلاط مزاجاً وكان مزاج الربيع كذلك. ويكثر في الشتاء‌