Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

ومتى صار ذلك المرار إلى أعضاء البدن الأصليّة وكان نفوذه ومروره فيها إلى ناحية من النواحي، أحدث النافض. ومتى تمكّن ذلك المرار في الدماغ والأغشية التي تحويه، حدث «البرسام» الذي يقال له «السرسام». وما لم يتمكّن ذلك المرار في الدماغ والأغشية التي تحويه وكان إنّما يجري جرياً في العروق التي هناك، فليس يُحدث «البرسام»، لكنّه يُحدث اختلاط العقل الذي يكون عند منتهى الحمّى.

فأقول إنّ المرار الذي كان أوّلاً في العروق التي هي أسفل، وكانت منه «الحمّى المحرقة»، ارتفع إلى الرأس في الحال الجنوبيّة التي كانت للهواء فيما بين طلوع السماك الرامح وبين الاستواء، فتمكّن في الدماغ والأغشية التي تحويه فأحدث «البرسام».

قال أبقراط: وقد كان أيضاً عرض من البرسام شيء في الصيف، إلّا أنّ ذلك عرض لعدد قليل.

قال جالينوس: إنّ أبقراط يقول: «إنّ البرسام كان عرض في الصيف لعدد قليل من الناس»، وذلك لأنّ قطعة من ذلك الصيف، وهي منذ أوّله إلى أن طلعت الشعرى العبور، كانت باردة، وأمّا ما فيه منذ ذلك الوقت إلى طلوع السماك الرامح فكان حارّاً يابساً. فلم يكن يمكن بعد ذلك الوقت أن يكون قد اجتمع فيه في الرأس من الفضل ما يُحدث فيه البرسام، كما أمكن أن يكون ذلك في الوقت الذي بين طلوع السماك الرامح وبين الاستواء بسبب الجنوب التي هبّت فيه، لأنّ ذلك الوقت الذي بين طلوع الشعرى العبور وبين السماك الرامح لم يكن برطب، ولا كانت هبّت فيه جنوب، ولا هو أيضاً وقت طويل المدّة. وقد قلنا إنّ البرسام إنّما يكون إذا اجتمع في الدماغ ونواحيه مرار كثير وتمكّن فيها.

قال أبقراط: فأمّا أصحاب الحمّيات المحرقة فكانت تعرض لكثير منهم منذ أوّلها أعراض تدلّ على الهلاك، وذلك أنّها منذ حين كانت تبتدئ بهم كان يعرض لهم مع الحمّى الحادّة والعطش نافض وسهر وغمّ وكرب وعرق يسير في الجبهة وما يلي اللبّة والتراقي، ولم يكن أحد منهم يعرق بدنه كلّه. وكانوا يهذون هذياناً كثيراً، ويصيبهم تفزّع وخبث نفس، وكانت أطرافهم تبرد، وخاصّة القدمان وأكثر منهما الكفّان وما يليهما. وكانت النوائب تكون في الأزواج، وكانت الأوجاع في أكثرهم أشدّ ما تكون في الرابع، وكان العرق في أكثر الأمر إلى البرودة، وكانت‌