Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

‌ذلك المرار من الكثرة ما، لو استفرغ كثير منه مع البول، لقد كان يجوز أن تبقى منه فضلة في البدن تنصبّ إلى الأمعاء فتسحجها وتحدث «اختلاف الدم».

قال أبقراط: فلمّا كان نحو وقت طلوع السماك الرامح، أصاب كثيراً من الناس البحران في اليوم الحادي عشر، فلم يعاود أحداً من هؤلاء مرضه المعاودة التي تكون على طريق الواجب. وأصابهم سبات في ذلك الوقت، وأكثر من أصابه ذلك السبات الصبيان. وكان من مات في ذلك الوقت أقلّ ممّن مات في جميع تلك الأوقات.

قال جالينوس: إنّ من البيّن أنّ ذكره «لطلوع السماك الرامح» ⟨في⟩ هذا الموضع إنّما يعني به طلوعه في السنة الثانية الذي وصفه في آخر اقتصاصه. وكان ذلك الوقت جنوبيّاً، وكانت فيه أمطار منذ طلوع ذلك الكوكب إلى الاستواء الخريفيّ.

فقال: «إنّ الناس» في هذه المدّة «كان يأتيهم البحران» مجيئاً حريزاً ومنقّىً، وذكر أنّه «كان يصيبهم» مع ذلك «سبات». وبيّن أنّ ذلك كان يكون من قبل أنّ حال الهواء في ذلك الوقت كانت حالاً جنوبيّة. ومن قبل تلك الحال أيضاً كان البحران يصحّ أكثر ممّا كان يصحّ في سائر تلك المدّة التي كان الغالب على الهواء فيها المزاج البارد الذي ذكر أنّ البحران كان فيه يبطئ ويتأخّر.

فأمّا المدّة التي بين طلوع الشعرى العبور وبين طلوع السماك الرامح التي كان مزاج الهواء فيها حارّاً يابساً فلم يذكرها على الأولى أن يكون «البحران كان يأتي فيها كثيراً من الناس» بسرعة أكثر، حتّى لا يجاوز عن السابع. وخليق أن يكون إنّما ترك ذكر هذا لأنّه كان مشاكلاً ملائماً لطبيعة ذلك الوقت، وإنّما وُصفت الأشياء الغريبة التي حدثت فقط.

قال أبقراط: فلمّا كان نحو الاستواء ومنذ ذلك إلى نوء الثريّا وفي نفس الشتاء، جعل يصيب الناس مع تلك الحمّيات المحرقة برسام كثيراً جدّاً، ومات من هؤلاء خلق كثير جدّاً.

قال جالينوس: إنّ الخلط المتولّد «للحمّيات المحرقة وللبرسام» خلط واحد، إلّا أنّ غلبته فيها ليس في موضع واحد. وذلك أنّ الخلط المولّد لهاتين العلّتين هو المرّة الصفراء، إلّا أنّ تلك المرّة، متى كانت في الفضل الذي في العروق مع الدم، ثمّ عرض لها بوجه من الوجوه أن تسخن سخونة ناريّة، حدثت من ذلك «الحمّيات المحرقة»، وخاصّة متى كان غليان ذلك المرار في العروق التي فيما يلي المعدة والكبد والرئة.‌‌