Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

‌من قد تبع في الأدب، يجهل أنّ من رام هذا الطريق وفقهه هو أبلغ في مداواة تلك الأمراض ممّن لم يتفقّه في ذلك.

وقد يظهر لك ظهوراً بيّناً أنّ أبقراط قد كان يعلم أنّ أصناف اختلاف مزاج الأوقات أكثر من الأصناف الأربعة التي ذكرها في كتاب الفصول من أشياء ذكرها في هذا الكتاب الذي نحن في تفسيره. فإنّه وصف في هذه المقالة الأولى حالاً من حالات الهواء فختم قوله فيها بأن قال: «إنّ جملة تلك الحال كانت أنّ الجنوب كانت فيها أغلب مع قلّة مطر»، فهذه هي أوّل حال من حالات الهواء التي ذكرها في هذه المقالة. ووصف فيها حالاً ثانية قال فيها: «إنّ السنة كلّها كانت مطيرة باردة شماليّة».

ووصف حالاً ثالثة مختلفة كان أوّلها قبل طلوع السماك الرامح بقليل. وكانت في ذلك الوقت باردة رطبة، ثمّ إنّها بعد حالت منذ وقت الاستواء الخريفيّ فصارت جنوبيّة مع رطوبة يسيرة ودامت على ذلك إلى وقت غروب الثريّا، ثمّ إنّها تغيّرت فصارت باردة يابسة مع رياح شماليّة شديدة ودامت على تلك الشاكلة، ثمّ بقيت على بردها ويبسها إلى وقت طلوع الشعرى العبور، ثمّ حدث فيها حرّ شديد دفعة ودام إلى وقت طلوع السماك الرامح، ثمّ حدثت في ذلك الوقت أمطار جنوبيّة إلى وقت الاستواء. فهذه الحال كانت مختلفة، كما قلت، إلّا أنّ الأغلب كان فيها البرد واليبس.

وقد وصف أبقراط في المقالة الثالثة من هذا الكتاب حالاً أخرى من أحوال الهواء، وأجمل ذكرها فقال: «إنّها كانت سنة جنوبيّة مطيرة ودام فيها الركود». ووصف أيضاً في المقالة الثانية في أوّلها حالاً أخرى من حالات الهواء فقال: «إنّ الجمر الذي عرض ببلاد قرانون في الصيف كان أنّه جاء مطر جود في الحرّ الصيف كلّه، وكان أكثره مع الجنوب». فنعلم من هذا أنّ تلك الحال أيضاً كانت حارّة مفرطة الحرارة رطبة، وكانت كذلك في وقت واحد من أوقات السنة، أعني في الصيف، كما كانت تلك الحال التي وصفها في المقالة الثالثة في السنة كلّها.

وقد نجده قد وصف في هذا الكتاب أصنافاً أخر من أصناف حالات الهواء أيّ الأوقات لم يذكرها في كتاب الفصول. فيدلّ ذلك على أنّه لم يدع ذكر ما لم يذكره في كتاب الفصول لأنّه جهله؛ ولكنّه إنّما قصد لذكر تلك الأصناف الأربعة دون غيرها في كتاب الفصول، لأنّها تعرض أكثر ممّا تعرض سائر الأصناف الأخر، وفيها كفاية لمن أراد أن يجعلها مثالاً مع ما وصفه أبقراط من الأسباب في حدوث الأمراض عن تلك الحالات في كتاب الماء والهواء والمواضع. ولو كان أبقراط أيضاً ترك‌