Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

‌في كلّ يوم وتلتهب غاية التهابها نحو البحران، وربّما ابتدأت بلين وهدوء، ثمّ تزيّدت واستصعبت إلى مدّة ما فبلغت منتهاها، ثمّ أخذت في النقص ودام ذلك بها إلى وقت البحران ونحو البحران. وهذه الأشياء قد تكون في كلّ حمّى وكلّ مرض.

قال جالينوس: أمّا «جهات الحمّيات» وضروبها فربّما عنوا بها حالاتها في السلامة والخبث وربّما عنوا بها أصنافها. وأمّا «نظام» الحمّى فيعنون بها طبيعتها وضروبها.

وقد بيّن عن نفسه ممّا أتى به بعد أنّه إنّما أراد أن يصف أصناف كلّ واحدة من الحمّيات التي ذكر، من ذلك أنّه قال: «إنّ الحمّى الدائمة ربّما ابتدأت وهي على أشدّ ما تكون، ثمّ خفّت» قليلاً قليلاً إلى أن يأتي فيها «البحران»، «وربّما ابتدأت وهي خفيفة ضعيفة، ثمّ تزيّدت» قليلاً قليلاً إلى وقت «البحران»، فكان «اشتغالها» في ذلك الوقت، والحركة في كلّ واحدة من هاتين الحمّيتين مضادّة للحركة في الأخرى. وفيها ضرب آخر ثالث مركّب من الضربين الأوّلين، وهو أن «تبتدئ الحمّى بسكون وهدوء ولين، ثمّ تتزيّد» قليلاً قليلاً إلى أن تستتمّ غاية شدّتها، ثمّ «لا تزال تنتقص» إلى أن تنقضي الانقضاء التامّ.

وقد ظنّ قوم بأبقراط أنّه يعني بهذه الضروب الثلاثة ضروب الحمّى المطبقة، ولم يفهموا ما قاله في آخر هذا الكلام من أنّ «هذه الأشياء قد تكون في كلّ حمّى وفي كلّ مرض». فليس إذاً في الحمّيات المطبقة تكون هذه الضروب الثلاثة في قوله، لكنّها قد تكون في جميع الحمّيات الأخر، دائمة كانت أو مفارقة، وحادّة كانت أو مزمنة، وفي كلّ مرض غير الحمّى، حادّاً كان أو مزمناً. والأعراض كلّها أيضاً على هذا القياس تكون حركتها.

فاعْرِفْ ذلك في السلّ من الوجع: فإنّ الوجع ربّما ابتدأ وهو على أشدّ ما يكون، ثمّ ينقص ويسكن قليلاً قليلاً إلى أن ينقضي الانقضاء التامّ، وربّما «ابتدأ وهو ساكن خفيف»، ثمّ تزيّد قليلاً قليلاً إلى أن يبلغ إلى غاية شدّته، ثمّ انقضى انقضاء سريعاً، وربّما كان تنقّصه بعد بلوغه منتهاه على حسب تزيّده كان في زمان مساوٍ لزمانه.

قال أبقراط: فينبغي أن يكون تقديرك للغذاء بعد نظرك من هذه الوجوه.

قال جالينوس: إنّ أبقراط يريد منك أن تتقدّم فتتعرّف أمر حركة الأمراض كيما «تقدّر الغذاء» فيها على حسب ما يوافق كلّ واحد منها.‌