Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

‌فأضفت إلى كلّ معنى كلّيّ قصدت بسببه كلاماً من كلام أبقراط في كتبه، وخاصّة من كتاب إفيذيميا، وصف فيه ما حدث لمريض مريض من المرضى الذين شاهدهم منذ أوّل مرضهم إلى آخره. فقد اقتصصت في كتابي في رداءة التنفّس أقاصيص جميع المرضى الذين ذكر أبقراط في كتاب إفيذيميا أنّهم تنفّسوا تنفّساً رديئاً، واقتصصت في كتابي في أيّام البحران أقاصيص جميع المرضى الذين وصف أبقراط أنّه أتاهم البحران، وعلى هذا المثال اقتصصت أمورهم في سائر كتبي. ولذلك قد كان يستغني بما وصفته في تلك الكتب من كان قصده المبادرة إلى أعمال الطبّ، حتّى لا يحتاج معه إلى أكثر من ذلك من الشرح والتفسير، إلّا أنّه لمّا كان في خلال تلك الأقاصيص كلام غامض رأيت أنّ الأجود إذاً أن أجعل التفسير أيضاً.

وإن أنا وصفت أمر طبيعة كلّ واحد من تلك الأعراض التي ذكر أبقراط أنّه حدثت في كلّ واحد من تلك الأمراض حتّى يستقصيها على آخرها، أو وصفت الأسباب التي يكون حدوث كلّ واحد من تلك الأعراض منها، احتجت إلى نقل إلى هذا الكتاب كلّ ما وصفته في جميع كتبي، واضطرّني الأمر إلى أن أضع في كلّ مريض من هؤلاء المرضى مقالة بأسرها. فإن أنا اقتصرت على أن أجعل أقاصيص هؤلاء المرضى مثالات لتلك الأحكام الكلّيّة التي حكم بها في كتاب تقدمة المعرفة، وأرشدت المتعلّم في جميع ما يحتاج إلى تعلّمه إلى الكتب التي قد وصفتها، رجوت أن يكون كلامي كلاماً وجيزاً.

قصّة فيلسقس:

قال أبقراط: فيلسقس الذي كان يسكن عند السور لزم الفراش منذ أوّل يوم، وكانت حمّاه فيه حادّة. وعرق في الليل فلم يجد راحة. ثمّ اشتدّ جميع ما كان به في اليوم الثاني، ثمّ حُقِن نحو العشاء فخفّ بعض الخفّ، وبات ليلته ساكناً. ولبث في اليوم الثالث منذ أوّله إلى وقت انتصاف النهار كأنّه لا حمّى به. فلمّا كان نحو العشاء هاجت به حمّى حادّة مع عرق وعطش وجفوف في اللسان، ثمّ بال بولاً أسود. وبات ثقيلاً، ولم ينم ليلته، ولم يزل في تخليط وهذيان. ثمّ اشتدّ كلّ ما كان به في الرابع، وبال بولاً أسود، ثمّ كان في الليل أخفّ، وكان بوله أحسن لوناً. فلمّا كان في الخامس نحو انتصاف النهار قطر من منخريه دم يسير صرف. وبال بولاً فيه أشياء متعلّقة مختلفة الأشكال،‌