Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

‌ولعلّ «ولادها» قد كان تقدّم الوقت الصحيح الذي كان ينبغي أن يكون فيه بشدّة ذلك «النافض» وجبره. وممّا يدلّك على ذلك أنّه «في اليوم الثاني من بعد ولادها» أصابها فيما ذكر «وجع في فؤادها»، يعني فم معدتها، وأصابها أيضاً «وجع الأرحام».

ثمّ قال: «إنّها احتملت بعض ما تحتمل فخفّت». وقد قلت فيما تقدّم إنّه يمكن أن يفهم أنّ ذلك الشيء الذي «تحتمل» شيافة، ويمكن أن يفهم فرزجة، من أنّه من بعد عدّد أعراض تعرض في الأمراض الحادّة، منها «وجع الرأس والرقبة والقطن، ومنها الأرق والبراز الصرف»، فدلّ ذلك على أنّ الغالب كان في بدن تلك المرأة لم يكن الخلط النيّ فقط، لكن قد كان معه المرار الأصفر غالباً.

ولمّا كان «البول رقيقاً»، وجب ضرورة أن يطول المرض. وقال أيضاً: «إنّ البول كان يضرب إلى السواد»، وذلك كان دليلاً على الجهد واضطراب الحال التي كانت فيها. وبقيت هذه المدّة إلى اليوم الحادي عشر، ولم يتبيّن من أمرها هل تسلم، وذلك أنّه لم يكن إلى تلك الغاية دليل بيّن يتوقّع المتوقّع إمّا سلامة وإمّا موتاً. فلمّا كان في اليوم الحادي عشر ظهرت علامة تدلّ على السلامة، وهي التي قال فيها: «فلمّا كان في الحادي عشر بالت بولاً أحسن قليلاً وفيه الثفل الراسب، فكانت حالها حال خفّ أزيد».

فلمّا كان نضج الأخلاط لم يبتدئ إلّا بعد مدّة طويلة، وجب ضرورة أن يطول ذلك المرض. ولذلك أصابها «البحران» الأوّل يوم الأربعين، فصارت به إلى حال يؤمن عليها فيها الموت، ثمّ بقيت تتشكّى إلى يوم الثمانين. فلمّا كان في يوم الثمانين «أتاها البحران التامّ». وهذا ممّا فيه شهادة وتنبيه على أنّ يوم الأربعين ويوم الثمانين هما يوما البحران. وأوّل القول بأنّ أيّام البحران تحسب على حساب أسابيع تامّة قول باطل لا يرى كذلك في التجربة، لأنّه لو كان ذلك القول حقّاً، لكان البحران إمّا يأتي في اليوم الثاني والأربعين والثالث والستّين والرابع والثمانين، لا في يوم الأربعين والستّين والثمانين.

قصّة قلاانقطيدس:

قال أبقراط: قلاانقطيدس المريض الذي كان يسكن فوق هيكل إيرقليس اشتغلت به حمّى مختلطة. وكان به وجع منذ أوّل مرضه في رأسه وفي جنبه الأيسر، وكانت به أوجاع في سائر أعضائه على طريق ألم الإعياء. وكانت حمّاه تهيّج به‌