Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

قال جالينوس: إن كان يعرض دائماً لإراسينس هذا «في مرضه كلّه عرق» لا يكون به فرج، وكان «جنباه ممّا دون الشراسيف» بالحال الرديئة التي وصفها، «وكان بوله أسود»، فأيّ مطمع كان في سلامته مع هذه الحال؟ فلعلّ ظانّاً يظنّ بحسب هذا أنّ ذكر حال هذا الرجل كان باطلاً، لأنّ كلّ من عرف حاله علم أنّ الموت حال به.

وأنا أقول إنّه خليق أن يكون إنّما وصف أمر هذا المريض ليجعله مثالاً لسرعة الموت فيمن يأتيه الموت بسرعة. وممّا يصحّح ذلك أنّه لمّا تقدّم فقال في كتاب تقدمة المعرفة: «أيّ البحران يأتي في الحمّيات في عداد بأعيانها من الأيّام سلم منها من سلم أو عطب منها من عطب»، ثمّ قال: «إنّ أسلم الحمّيات التي تظهر فيها أوثق العلامات تنقضي في اليوم الرابع أو قبله»، أتبع ذلك بأن قال: «وأخبث الحمّيات التي تظهر فيها أردأ العلامات تقتل في اليوم الرابع أو قبله». إلّا أنّ إراسينس هذا، على أنّ جميع الأعراض التي عرضت فيه كانت أعراض رديئة، قد بقي إلى اليوم الخامس، وذلك لأنّ حاله كانت في اليوم الأوّل من مرضه حالاً خفيفة. فقد قال في صفة حاله في ذلك اليوم بهذا القول بهذا اللفظ: «ثمّ كان في النهار من ذلك اليوم الأوّل ساكناً هادئاً»، فيصير اليوم الخامس منذ أوّل أمره الذي «مات» فيه هو اليوم الرابع إذا ما لم يحسب اليوم الأوّل.

قصّة قريطن:

قال أبقراط: قريطن بثاسس أصابه وجع شديد في قدمه، فكان ابتدأ به من إبهامه، وهو يمشي برجليه ويتصرّف. فلزم الفراش، وأصابه من يومه قشعريرة وكرب، وسخن سخونة يسيرة، فلمّا كان في الليل اختلط عقله. ثمّ أصابه في اليوم الثاني ورم في قدمه كلّه، وأصابه حول الكعب حمرة مع تمدّد، وظهرت به هناك نفّاخات صغار سود. وعرضت له حمّى حادّة، وجنّ، وانطلق بطنه فجاء منه مرار صرف. ومات في اليوم الثاني منذ أوّل مرضه.

قال جالينوس: هذا المريض كان حقيقاً بأن يذكر بسرعة ما نزل به من الهلاك. ولو كان وصف الطريق الذي كان به موته، لقد كان حينئذ ذكره ينفع المنفعة التامّة.

فأمّا الآن فالذي يظهر بحسب ما وصف أنّه كان في بدنه امتلاء كثير. وإنّ الطبيعة قصدت أن تدفع ذلك الفضل الذي كان في بدنه من الأعضاء الشريفة إلى الرجل. فلمّا لم يحتمل ذلك العضو‌