Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

قال جالينوس: ما كانت هذه المرأة لتسلم من مثل هذه الأعراض لولا أنّها شابّة قويّة، لأنّ جميع هذه الأعراض التي ذكر أعراض في غاية الخطر. وإنّي لأعجب كيف لم يذكر أبقراط شيئاً من أمر سنّ هذه المرأة. وينبغي لك أن تنتبه على هذا الذي قال وتحفظه، كيما تعلم أنّه قد يجوز أن تسلم في الندرة واحدة من الحوامل من مثل هذه الأمراض من غير أن تُسقط طفلها.

وينبغي أن تحفظ هذا أيضاً أنّ الجنين الذي قد أتت عليه «ثلاثة أشهر» أو أربعة أحمل وأبعد من قبول الآفات ثَمّ من سائر الأجنّة. وتعلّم أبقراط بهذا فقال في كتاب الفصول: «ينبغي أن تسقى الحامل الدواء، إذا كانت الأخلاط في بدنها هائجة، منذ تأتي على الجنين أربعة أشهر وإلى أن تأتي عليه سبعة أشهر، ويكون التقدّم على هذا أقلّ. وأمّا ما كان أصغر من ذلك أو أكبر منه فينبغي أن يتوقّى عليه».

فأمّا الجنين الذي هو أصغر فإنّ الرباطات التي يتّصل بها من الرحم ضعيفة وبدنه أيضاً كلّه ليّن رخو. فأمّا الجنين الذي قد قارب أن يتولّد فلعظمه احتاج إلى غذاء كثير، فإذا عدم ذلك في الأمراض الحادّة، وكثيراً ما يعرض له ذلك فيها، عطب. ولذلك إصابة تدبير المرأة التي في بطنها جنين عظيم وبها مرض حادّ التدبيرَ الذي ينبغي من أصعب الأمور، وذلك أنّك إن قلّلتَ غذاءها ولطّفتَه، كما يفعل بالمرأة التي ليست حاملاً، هلك الجنين، فإن جُدتَ بالتدبير نحو الجنين فزِدتَ في الغذاء وغلّظتَه، لم يؤمن على الحامل نفسها العطب. ولذلك صار الطفل الذي قد أتى عليه «ثلاثة أشهر» أو أربعة أحرى أن يسلم من غيره.

فأمّا في هذه «المرأة» التي كلامنا فيها، على أنّ «بولها» كان في مرضها «رقيقاً غير حسن اللون»، فإنّها قد تخلّصت على حال لقوّة طبيعتها. وهي التي أحدثت «العرق» في الليلة الخامسة فسكّنت به «الحمّى»، إلّا أنّه لم يكن يمكن أن يكون بها البحران صحيحاً حريزاً، والمرض كان لم ينضج بعد. ولذلك بقيت بها أعراض كثيرة من أعراض المرض في الأيّام التي بعد الخامس إلى اليوم الحادي عشر.

ثمّ «عاود» المرض في ذلك اليوم مع «النافض»، وأتى «البحران» بعد «القيء وعرق على التمام»، وذلك أنّ الأعراض التي حدثت منذ أوّل اليوم الخامس إلى الحادي عشر إنّما كانت أعراضاً بجنس العصب، لا بجنس العروق. وممّا يدلّك على ذلك أنّه قال: «أصابها في السابع ارتعاش، وأسبتت قليلاً، واختلط عقلها».

وأمّا الأخلاط التي كانت في العروق فكانت حالها‌